«الوطن» ترصد محاور خطة الدولة للتحول إلى مجتمع غير نقدى وزيادة حجم الاقتصاد
المهندس أيمن حسين
أكد المهندس أيمن حسين، وكيل محافظ البنك المركزى لقطاع نُظم الدفع وتكنولوجيا المعلومات، أن الدولة تسعى بشكل مكثف فى الوقت الحالى إلى تنفيذ مشروع متكامل للتحول إلى مجتمع أقل اعتماداً على أوراق النقد «الكاش»، مشيراً إلى أن المجلس القومى للمدفوعات بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، يستهدف من ذلك المشروع تيسير حياة المواطنين بشكل عام، وتجنب مشكلات تداول النقود، وزيادة حجم الاقتصاد وتوفير فرص عمل جديدة للمواطنين.
وكيل «المركزى»: البطاقة الوطنية ستكون نقطة تحول فى حياة المواطنين.. ونستهدف تقليل تداول «الكاش» لدعم الاقتصاد وخلق فرص عمل
وأوضح فى تصريحات صحفية، أن الاتجاه إلى المعاملات الإلكترونية له العديد من الأهداف، حيث يقلل من تكاليف سحب الأوراق النقدية التالفة من الأسواق وطباعة أوراق نقدية جديدة، مشيراً إلى أن هناك عائداً اقتصادياً كبيراً وراء التحول إلى مجتمع أقل اعتماداً على أوراق النقد، قائلاً: «على سبيل المثال، إذا استحق أحد الأفراد مبلغاً قدره 1000 جنيه، أضيف إلى حسابه، ففى حالة قيامه بسحب كامل المبلغ على الرغم من حاجته لمائة جنيه فقط، يتبقى 900 جنيه غير مستغلة، فى حين أن احتفاظه بباقى المبلغ داخل البنك يتيح استغلالها لمنح تمويلات وتسهيلات ائتمانية واستثمارها بما يعود بالنفع على المجتمع ويحقق نمواً اقتصادياً ويمنحه عائداً على تلك الأموال وفقاً لأسعار الفائدة المعمول بها على المنتجات الادخارية المختلفة، قائلاً: «المكسب سيكون على كل الأطراف».
ولفت «حسين» إلى دراسة صادرة عن وكالة «موديز» العالمية للتصنيف الائتمانى فى فبراير من العام الماضى، والتى كشفت أن كل 10% ارتفاعاً فى المدفوعات الإلكترونية تسهم فى زيادة قدرها 1.5 مليار دولار فى الناتج المجلى الإجمالى GDP سنوياً، بالإضافة إلى خلق 200 ألف فرصة عمل جديدة، وهو ما يشير إلى المكسب الحقيقى وراء التحول إلى مجتمع لا يعتمد على «الكاش» فى تعاملاته، حيث يتم توفير فرص عمل وزيادة حجم الاقتصاد وتحسين جودة الحياة للمواطنين وتهيئة مناخ وبيئة العمل والاستثمار بشكل أفضل.
وقال «حسين»: إن المعاملات المالية الإلكترونية للعملاء، بما فى ذلك عمليات الشراء وسداد المدفوعات التى يجريها المواطنون، لا تزال منخفضة بشكل كبير فى مصر، مؤكداً أن هناك فرصاً كبيرة واعدة للنمو فى هذا المجال.
وأوضح أن المجلس القومى للمدفوعات يعمل فى إطار متكامل قاعدته الأساسية هى البنية التحتية للأسواق المالية، مشيراً إلى أن مصر تمتلك بالفعل نظم دفع وتسوية غاية فى القوة، وهى نظم التسوية اللحظية Real Time Gross Settlement system، الذى يُجرى عمليات التسوية والمقاصة للمدفوعات كبيرة القيمة بين البنوك، لافتاً إلى أن كل أنظمة المقاصة الأخرى تقوم بالتسوية فى هذا النظام، بما يحقق عمليات تسوية بمبالغ سنوية تصل لـ34 تريليون جنيه، بما يعادل 11 ضعفاً للناتج المحلى الإجمالى المصرى.
أما بالنسبة للشيكات، فأشار «حسين» إلى وجود غرفة مقاصة الشيكات، تحقق مقاصة بنحو 2 تريليون جنيه خلال العام، مؤكداً أن «المركزى» يعمل على تطوير هذه الغرفة وتبنّى نظم دفع الشيكات المقدمة إلكترونياً، لتسهيل وتسريع عمليات التقاصّ.
وفيما يتعلق بالبنية التحتية، أشار «حسين» إلى أن هناك أنظمة يديرها «المركزى» وأنظمة تديرها شركة «بنوك مصر»، لافتاً إلى أنه خلال 2019 سيكون هناك نظام جديد لحفظ الأوراق المالية الحكومية، يشمل سندات وأذون الخزانة.
وعن الأنظمة التى تديرها شركة بنوك مصر، قال: هناك 3 أنظمة رئيسية يتعامل معها المواطن بشكل مباشر، أولها شبكة المحول القومى 123 التى تربط كل ماكينات الصراف الآلى الموجودة داخل مصر، بما يُمكّن عملاء البنوك من إجراء عمليات السحب من ماكينات الصراف الآلى الخاصة بالبنوك الأخرى، لافتاً إلى أن «المركزى» يعمل على تطوير هذه الشبكة لتشمل ما يُطلق عليه Cardless transactions، وهو سحب آلى للأموال بدون بطاقة ليخدم منظومة الدفع من خلال الهاتف المحمول بحيث يمكن للعميل الذى يمتلك هاتفاً محمولاً سحب النقود من أىّ من ماكينات الصراف الآلى دون الحاجة إلى بطاقة الدفع.
أما عن النظام الثانى فهو ACH، الذى حقق طفرة فى عمليات دفع الرواتب، فليس من الضرورى أن يمتلك كل من المؤسسة وموظفيها حسابات فى نفس البنك، لذا أتاح هذا النظام عمليات تحويل الرواتب لحسابات الموظفين فى مختلف البنوك بمنتهى السهولة، وهناك نظام آخر أطلق فى يونيو 2017 ألا وهو التشغيل البينى بين محافظ الهاتف المحمول، بما يسمح بتحويل الأموال من المحفظة الإلكترونية المسجلة بأحد الهواتف لأى محفظة إلكترونية أخرى تابعة لأى بنك أو شركة محمول.
وقال «حسين» إن هذا الإطار يشمل أدواراً أخرى تتعلق بالمحور التشريعى والرقابى جنباً إلى جنب مع قانون الجريمة الإلكترونية وقانون حماية البيانات الشخصية، وهى بمثابة قوانين أساسية ومكملة للتحول، تعمل عليها وزارة الاتصالات.
وأضاف أن المواطن يحتاج إلى عنصرين أساسيين لإجراء عمليات الدفع، هما أداة الدفع وأداة قبول الدفع، وهما بمثابة طرفى المعادلة، بجب أن يتما فى توازٍ، فلا يمكن أن يسبق أحدهما الآخر. وفيما يخص أدوات الدفع، أوضح أن هناك ذراعين أساسيتين هما: خدمات الدفع عن طريق الهاتف المحمول، ومنظومة بطاقات الدفع الوطنية.
وكشف عن أن خدمات الدفع بالهاتف المحمول قد سجلت أرقاماً جيدة جداً، حيث بلغ عدد الحسابات 11.2 مليون حساب لـ10.2 مليون مستخدم، وارتفع حجم العمليات ليسجل 8 مليارات جنيه سنوياً، بمعدل نمو سنوى يبلغ 36% فى المتوسط، قائلاً: «نحن نولى اهتماماً أكبر لأن يكون استخدام المواطن للمحافظ يومياً، وأن يعتاد عمليات الدفع الإلكترونى ويُفضل اختيارها على التعامل النقدى لما يتمتع به من سهولة فائقة ومخاطر أقل. وقد استطعنا أن نحدد عدد العملاء استناداً إلى ما نمتلكه من قاعدة بيانات مركزية، فبالتالى يمكن تحديد عدد العملاء فى أى وقت وعدد المَحافظ الإلكترونية لكل عميل على حدة». وأضاف «حسين» أن «المركزى» يتبنى الآن استراتيجيات العمل من خلال قواعد بيانات مركزية، وأشار إلى إنشاء قاعدة بيانات الشمول المالى، مضيفاً أن الهدف من هذه القاعدة هو الحصر الدقيق لعدد العملاء من مستخدمى الخدمات المصرفية المختلفة، ما يساعد فى اتخاذ القرارات الصحيحة فيما يخص الشمول المالى.
وأكد «حسين» أنه تم وضع مستهدفات سنوية للبنوك التى تمتلك رخصة هاتف محمول فقط، وتلك المستهدفات لا تقتصر فقط على عدد حسابات، وإنما تشمل نسبة استخدام الهاتف المحمول من خلال زيادة التطبيقات المتاحة للخدمة، بما يناسب المواطن، ويعمل على حل مشكلاته.
وأشار وكيل محافظ المركزى لنظم الدفع إلى أنه من أحد الأمثلة الجيدة فى خدمات الدفع باستخدام الهاتف المحمول هو تطبيقه على أحكام النفقة بالتعاون مع وزارة التضامن، وكذلك تطبيقه فى التمويل متناهى الصغر بالتعاون مع الهيئة العامة للرقابة المالية واتحاد التمويل متناهى الصغر. وفيما يخص أحكام النفقة، قال: «إن السيدات المُطلقات اللاتى لديهن أحكام نفقة، تتكبد إحداهن تكاليف للانتقالات تقدر بما يتراوح بين 50 و70 جنيهاً تقريباً للحصول على مستحقاتها التى تقدر بنحو 500 جنيه من خلال بنك ناصر أو منفذ صرف النفقة، ولكن أصبح بإمكانها الآن الحصول عليه من خلال المحفظة الإلكترونية ويمكنها صرفه من خلال أى منفذ مجاور وليس عليها بالضرورة الذهاب إلى المنفذ المصرح لها بصرف المبلغ منه فى مقابل عمولة بسيطة». وتابع أن «المجلس القومى للمدفوعات فى آخر اجتماع له مد العمل بالخصم المقدر بـ50% على تلك العمولة حتى نهاية مارس 2019».
وبالحديث عن منظومة الدفع الوطنية، أوضح «حسين»، أنها مبادرة كان يعمل عليها «المركزى» وتم تعزيزها من المجلس القومى للمدفوعات فى 3 أكتوبر 2017، قائلاً: «إن الخطوات التى تسير عليها إنشاء المنظومة تجعلنا نتوقع أنه عند الانتهاء ستكون من أسرع منظومات الدفع الوطنية على مستوى العالم، حيث إن إنشاء المنظومة عادة يستغرق 3 سنوات، ولكن منظومة الدفع الوطنية ستستغرق أقل من ذلك بكثير».
وفيما يخص الوضع الحالى فى منظومة بطاقات الدفع الوطنية، قال «حسين» إن محافظ البنك المركزى سلّم رئيس الجمهورية أول بطاقة دفع تحمل العلامة التجارية، مُعلناً رسمياً ولأول مرة عن الاسم التجارى لهذه المنظومة وهو «ميزة»، موضحاً أنه تم تسليمها للرئيس فى الاجتماع السابق للمجلس، كما أضاف أنه يمكن السحب باستخدامها من أى ماكينة صراف آلى موجودة فى مصر، وتتيح أيضاً إجراء معاملات شراء على أدوات التحصيل الإلكترونى الموجودة لدى الحكومة. وأضاف أنه بحلول ديسمبر 2018 سيصبح من الممكن إجراء أى معاملات شراء من أى أداة تحصيل إلكترونى موجودة فى مصر.
جهود كبيرة من الدولة للتحول لنظام الدفع الإلكترونى