«الاتحاد» يكرم محافظ البنك المركزى المصرى فى مؤتمره السنوى ببيروت
طرح اتحاد المصارف العربية رؤية متكاملة لتطوير العلاقات الاقتصادية بين دول المنطقة وتعزيز عمليات التبادل التجارى ومحاربة تمويل الإرهاب وغسل الأموال ودعم الاستقرار الاقتصادى، خلال مؤتمره السنوى تحت عنوان «أى اقتصاد عربى ينتظرنا؟»، فى مدينة بيروت قبل أيام.[FirstQuote]
وأكد اتحاد المصارف العربية على أهمية التعاون الاقتصادى بين دول المنطقة، وتحفيز التبادل التجارى العربى عن طريق إقامة منطقة تجارة حرة، أو اتحاد جمركى، أو اقتصادى، أو سوق عربية مشتركة، وتسهيل انتقال القوى العاملة بين الدول بدلاً من الاعتماد على العمالة الأجنبية، وتحسين مناخ الاستثمار لاستقطاب رؤوس الأموال إلى المنطقة العربية، عبر إجراء إصلاحات هيكلية مالية واقتصادية.
وأضاف الاتحاد أنه يجب تقديم المساعدات الإنسانية للدول العربية التى تشهد تحولات، بهدف دعم الاستقرار الاقتصادى والتنمية الاجتماعية وتعميق علاقات الترابط الاقتصادى العربى، بالإضافة إلى دعم خاص للدول المستضيفة للاجئين التى تواجه ضغطاً على ميزانيتها العامة وسوق عملها.
وأشار إلى أهمية تنويع الاقتصادات العربية، حيث إن معظم الدول تعتمد بشكل كبير على قطاع اقتصادى واحد، ومواجهة مشكلة البطالة المستشرية فى دول المنطقة، والتركيز على دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ومعالجة التحديات التى تواجهها وتتمثل فى التمويل، والتسويق، والقدرات الإدارية والفنية، والبيئة التشريعية.
وأوضح الاتحاد أن العمل على زيادة دعم المصارف الإسلامية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وإصدار الصكوك الإسلامية، لتفعيل الدور الاستثمارى للصيرفة الإسلامية، وتأسيس بنك عربى للتنمية المستدامة، على غرار البنك الدولى والبنك الأفريقى ومجموعة البنك الإسلامى للتنمية، يقوم على الشراكة بين القطاعين الخاص والعام ستساهم فى دعم الاقتصاد العربى والقضاء على البطالة.
وطالب فى مؤتمره السنوى المصارف العربية بضرورة الالتزام بالنظم والمعايير الدولية، خصوصاً تلك المتعلقة بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب واستخدام الأدوات الاحترازية الكلية وتطوير وتفعيل أنظمة الإنذار المبكر، بهدف تعزيز الاستقرار الاقتصادى وتطوير الإطار التشريعى المنظم للصيرفة الإسلامية فى العالم العربى.[SecondImage]
ومنح اتحاد المصارف العربية هشام رامز محافظ البنك المركزى المصرى، جائزة الرؤية القيادية، تكريماً للدور الذى قام به فى إدارة البنك المركزى المصرى وتحقيق الاستقرار النقدى فى أصعب الظروف التى مرت بها البلاد والحفاظ على مستوى أسعار العملات الأجنبية أمام الجنيه ومحاربة السوق السوداء، بالإضافة إلى توفير تمويل مشروع قناة السويس الجديدة خلال أيام وجيزة فيما يعرف بأضخم عمليات مصرفية عرفتها البنوك، ومساندة شريحتى محدودى ومتوسطى الدخل فى الحصول على التمويل السكنى بمبادرة منه، بالإضافة إلى المبادرات الأخرى لإنقاذ القطاع السياحى الذى تأثر بقوة منذ 2011.
وسلم محمد بركات، رئيس اتحاد المصارف العربية، محافظ البنك المركزى الجائزة، برعاية وحضور تمام سلام رئيس حكومة لبنان وحضور أكثر من 700 شخصية قيادية مالية ومصرفية ودولية، بمشاركة وسام فتوح الأمين العام لاتحاد المصارف العربية، وعدد من القيادات المصرفية المصرية، ووزراء وحكام مصارف مركزية من كافة الدول العربية، والولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا والصين.
من جانبه قال هشام رامز، محافظ البنك المركزى المصرى، إن تلك الجائزة تعد تكريماً لمصر وللمصريين وللقطاع المصرفى ككل على الجهد المبذول والسعى الدائم لتنمية الاقتصاد الوطنى المصرى، لافتاً إلى أن قوة البنوك المصرية دعمت الاقتصاد الوطنى خلال أصعب الأزمات، فهو متماسك وقوى ويلعب دوراً مهماً جداً فى دعم الاقتصاد، ويساهم بقوة فى عملية التنمية، وسيكون له دور أقوى فى المستقبل.
وقام الاتحاد بتكريم غيدو رافوات، الأمين العام لمؤسسة الأسواق المالية الأوروبية، الرئيس التنفيذى السابق لاتحاد المصارف الأوروبية، ومنحه جائزة الإنجاز الطويل.
من جهته أكد محمد بركات، رئيس مجلس إدارة اتحاد المصارف العربية، أن حجم الموجودات المجمعة للقطاع المصرفى العربى بلغ بنهاية النصف الأول من العام الحالى حوالى 3.1 تريليون دولار، وبذلك أصبح حجم القطاع المصرفى العربى يعادل حوالى 105% من حجم الاقتصاد العربى.
وقال بركات إن التحولات العربية الراهنة دفعت إلى تدهور أداء اقتصادات عربية عدة، حيث تشهد الاقتصادات العربية بصورة عامة تراجعاً فى معدل النمو الحقيقى، نتيجة للاضطرابات السياسية والاجتماعية والأمنية المستمرة فى المنطقة، مشيراً إلى الضغوط التى تتعرض لها بعض الاقتصادات العربية والتى تعوق حركة التجارة والاستثمار والسياحة وبالتالى النشاط الاقتصادى بشكل عام.[SecondQuote]
وأضاف أن الاقتصاد العربى شهد خلال عام 2013 تراجعاً فى النمو الحقيقى مقارنة بعام 2012، وكان ذلك نتيجة لعدة عوامل من أهمها انخفاض أسعار النفط وإيرادات صادرات الطاقة فى الدول المصدرة للنفط والاضطرابات السياسية والاجتماعية المستمرة فى المنطقة.
وقال رئيس اتحاد المصارف العربية إنه على الرغم من أن التوقعات تشير إلى بلوغ متوسط نسبة النمو فى المنطقة العربية 4% عام 2014 وحوالى 4.5% عام 2015، فإن هذا النمو يتسم بالتباين بين دول تشهد انتعاشاً اقتصادياً مدعوماً بعائدات تصدير الطاقة والسياسات المالية النقدية التوسعية، وبين دول تعانى ركوداً اقتصادياً فى ظل ارتفاع مقلق فى البطالة وتقلص حركة رؤوس الأموال الأجنبية الوافدة إليها، وزيادة العجز فى حسابها الحالى، واستنزاف مخزونها من الاحتياطات الأجنبية، وتدهور المالية العامة، مما دفع بعضها إلى التشدد فى السياسات المالية والنقدية.
وأضاف أن هذه الدول التى تشهد اضطرابات أمنية وسياسية منذ أكثر من أربع سنوات تواجه ضغوطاً كبيرة على موازين المدفوعات، نتيجة انخفاض التدفقات المالية كالاستثمار الأجنبى المباشر وواردات السياحة، الأمر الذى أدى إلى انخفاض فى الحساب الحالى للمنطقة العربية من 397 مليار دولار عام 2012 إلى 300 مليار 2013، ومن المتوقع انخفاضه إلى 270 ملياراً فى نهاية العام 2014 و220 ملياراً 2015.
وأكد أن القطاعات المصرفية العربية تتمتع بدور طليعى ومميز فى مرحلة تأمين التوازن المطلوب للاقتصاد العربية، وذلك باعتبار أن المصارف العربية لا تنقصها الإمكانات ولا الكفاءات ولا الموارد البشرية بل ينقصها الأمن والاستقرار ووضع الاستراتيجيات والخطط الواقعية للتعامل مع مجريات الأحداث، حيث تشير التقديرات إلى أن الموجودات المجمعة للقطاع المصرفى العربى قد ارتفعت بنهاية النصف الأول من العام الحالى بحوالى 8% مقارنة بنسبة نمو 10% تم تسجيلها خلال عام 2013 بأكمله، وبذلك فقد أصبح حجم القطاع المصرفى العربى يعادل حوالى 105% من حجم الاقتصاد العربى.[ThirdImage]
وأشار إلى أن الودائع المجمعة للقطاع المصرفى العربى حتى نهاية النصف الأول من العام الحالى بلغت 2000 مليار دولار، ورأسماله المجمع 340 مليار دولار، والقروض المقدمة من قبله للقطاعين العام والخاص حوالى 1750 مليار دولار وهو ما يشكل حوالى 60% من حجم الاقتصاد العربى.
من جهته قال جوزيف طربية، رئيس الاتحاد الدولى للمصرفيين العرب، إن تكلفة الثورات العربية بلغت نحو 800 مليار دولار، فى دول منها: مصر، سوريا، ليبيا ولبنان، ومن المتوقع أن ينخفض الناتج القومى بنهاية العام الحالى وفقاً لتقرير مجموعة إتش إس بى سى.
وأضاف أن أزمة البطالة تتفاقم فى الوطن العربى وتعد من أكبر معوقات التنمية وتؤثر على الاقتصاد العربى، لافتاً إلى أنها تخطت حاجز الـ17%، بما يوازى نحو 20 مليون عاطل فى بلادنا العربية، موزعة بواقع 41% للنساء و23% للرجال.
وأشار إلى أن البطالة كانت ضمن الأسباب الرئيسية للثورات العربية، التى بدورها دفعت رؤوس الأموال العربية إلى الهجرة وتعثرت اقتصاديات المنطقة، قائلاً: «نحن أمام مأساة كونية تتخطى آثار الحروب وستمتد إلى الأجيال المقبلة». وأضاف أنه يجب الضغط لإنهاء النزاعات القائمة والعمل على البناء والتنمية فى الدول العربية، لذا نحن نسأل اليوم «أى اقتصاد ينتظرنا؟»، وفى الحقيقة كل ما نرصده يذهب هباء إذا ما بقيت آلة الحرب والتهجير مستمرة، لافتاً إلى أن رؤوس الأموال العربية يمكنها أن تلعب دوراً قوياً بين المصارف والقطاعين العام والخاص وكذلك فى خلق التجمعات العملاقة وإيجاد فرص عمل جديدة تستوعب البطالة الموجودة.[ThirdQuote]
وتابع أنه لا تقع على المصارف العربية وحدها عملية إعادة الإعمار، لكن أيضاً المؤسسات الدولية والصناديق السيادية، ولا يمكن حل ما تهدم بإمكانيات ذاتية فقط، متابعاً: «إن مصارفنا العربية تواجه هذا الكم الهائل من التحديات، إلا أنها تقوم بتطوير نفسها ومتابعة التطورات العالمية خاصة فيما يتعلق بالمخاطر وتبييض الأموال ومحاربة تمويل الإرهاب».
الدكتور فرانسوا باسيلى، رئيس جمعية مصارف لبنان، قال إن التطرف السياسى والاجتماعى تصاعد فى بعض دول المنطقة مؤخراً، ولدينا عليه شاهد كل يوم وهو ما يرجع إلى تردى الأوضاع الاجتماعية وضعف سلطة الدولة.
وأضاف أنه ليس مقبولاً على الصعيد الاقتصادى المرتبط جزئياً بالوضع السياسى الاكتفاء بمعدلات نمو متواضعة يقدرها صندوق النقد الدولى بما يتراوح بين 2.6% و3.8% لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لأنه ليس كافياً لاستيعاب القوى العاملة الشابة المتدفقة إلى سوق العمل، كما أن ذلك النمو على ضعفه ينطوى على تفاوت كبير بحسب المناطق والشرائح وعلى سوء توزيع الدخل يفاقم الأوضاع الاجتماعية ويهدد بعض الأنظمة بفقدان شرعيتها، كما يدفع بعضها الآخر إلى المزيد من الاستدانة.
وأضاف أن واجبنا التحذير من هذا المنحنى، خصوصاً أننا نعانى فى لبنان من عجز العام الحالى بحوالى 5 مليارات دولار بما يوازى 11% من الناتج المحلى الإجمالى للبلاد، ولقد انعكست التطورات الإقليمية سلباً على الاستثمارات الداخلية والخارجية فى لبنان بسبب تفضيل مجتمع الأعمال التريث والترقب فى ظل الحالة الضبابية السائدة.
وأضاف أن المديونية العامة فى السنوات الـ3 الأخيرة تطورت بشكل سلبى لتصل إلى 66 مليار دولار، متجاوزة مستوى 140% من الناتج المحلى الإجمالى.
وقال رياض سلامة، حاكم مصرف لبنان المركزى: إن البنوك المركزية أصبحت تتحمل مسئوليات إضافية منذ اندلاع الأزمة المالية العالمية، التى امتدت إلى الأسواق الناشئة، بما قد يعرض تلك الأسواق إلى أزمات جديدة نتيجة زيادة منسوب السيولة، وبالتالى فإننا نتبع سياسة فى ظل غياب إمكانية تحريك الفائدة لاستيعابها.
وقال إنه يتعين على المصارف التجارية والاستثمارية التأقلم مع ذلك الواقع الجديد والمستمر، وأن تكون لديها الجهوزية لاستيعاب تلك السيولة بسرعة، وقدرتها على ضخها فى استثمارات، ومن المتوقع أن نشهد تقلبات مهمة بين أسعار العملات الرئيسية عالمياً خلال المرحلة المقبلة. من جانبه قال تمام سلام، رئيس مجلس الوزراء اللبنانى، إنه إذا كانت تسوية الأوضاع الإقليمية أبعد من قدراتنا وخارج متناولنا، فإن التخفيف من تداعياته وأضراره وأولها الأضرار الاقتصادية ممكن ومتاح، عبر تخفيض منسوب التوتر الداخلى والعودة إلى حياة سياسية سليمة تفتح الباب أمام أداء تشريعى وتنفيذى طبيعى.
وأضاف فى كلمته، خلال المؤتمر السنوى لاتحاد المصارف العربية، أن المدخل الأساسى لهذا المناخ المطلوب من قبل قطاعات المصارف والأعمال، هو إنهاء الشغور فى سدة الرئاسة، والشروع فوراً فى انتخابات رئيس الجمهورية.
وأضاف أن اندلاع الأحداث فى سوريا أضاف للهموم اللبنانية هماً كبيراً، تمثل فى النزوح السورى الهائل إلى الأراضى اللبنانية، الذى ولّد أعباء مختلفة الأشكال يتحملها الاقتصاد وتكبدتها الخزينة اللبنانية.
وتابع: «لقد أعلينا الصوت مراراً وتكراراً من خطورة هذا العبء على بلد صغير كلبنان، وتمكنا أخيراً من خلق وعى لدى الأسرة الدولية ولمسناه فى مؤتمر برلين الذى نظمته ألمانيا»، وأكدنا على ضرورة الالتفات إلى المجتمعات اللبنانية المضيفة للنازحين وتخصيص مساعدات لها، وأن لبنان بإمكاناته الضئيلة وظروفه الصعبة يدفع من لحمه الحى ثمن استضافة إخواننا السوريين، ودعا اتحاد المصارف العربية وجمعية مصارف لبنان إلى القيام بمبادرة جدية للوقوف إلى جانب الدولة اللبنانية ومساعدتها فى تحمل ذلك العبء.
من جهته، قال هشام عز العرب، رئيس اتحاد بنوك مصر رئيس البنك التجارى الدولى، إن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تمر بظروف صعبة، وهو ما يدفع بالجميع نحو تعزيز التوجهات الرامية إلى البحث عن كيانات مشتركة تجسد مفهوم التكامل الاقتصادى العربى.
ورصد «عز العرب» مفاهيم غياب السلام وعدم الاستقرار السياسى وضعف الإمكانيات فى المؤسسات التعليمية والفقر فى بعض الدول العربية وتراكم الديون، بالإضافة إلى عدم مواءمة التجارب الأوروبية والغربية للواقع الاقتصادى العربى، وأضاف أن المصرفيين العرب يستوجب عليهم وضع استراتيجيات متكاملة لتحسين الظروف المعيشية للمواطنين.
وأشار إلى أهمية تعزيز التعاون التجارى بين الدول العربية من خلال الاتحاد الجمركى الذى يؤدى إلى زيادة عملية التبادل التجارى، مع أهمية تعديل التشريعات وحماية حقوق المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والاستفادة من العمالة العربية بدلاً من العملة الأجنبية وتعزيز المساعدات للدول المحتاجة.