«الإقامة واللهجة والدروس».. أكبر مشاكل الطلاب الوافدين: «الأمان أهم من أى حاجة»
طالبات داخل إحدى المدارس فى القاهرة
بين المعاناة وانتظار تحسن الأوضاع والأمل فى انتهاء الحروب والصراعات فى بلادهم، عانى اللاجئون، لكنهم استمسكوا بالأمل، وساقتهم أقدارهم للنزوح إلى بلدان أخرى كـ«لاجئين»، ليجدوا أنفسهم أمام معاناة من نوع آخر، تمثلت فى صعوبة إلحاق أبنائهم بالتعليم.. بعضهم استقر فى مصر طمعاً فى أمان «أم الدنيا»، مؤكدين أنه «أهم من أى حاجة».
فى بداية كل عام دراسى يبدأ أولياء الأمور شراء مستلزمات المدارس: «كشاكيل، شنط، ملابس»، لكن الأمر مختلف تماماً عند الآباء اللاجئين الذين استقروا فى القاهرة، إذ كانت الإقامة هى المشكلة الأكبر أمام «أم صالح»، التى وطئت قدماها أرض القاهرة فى يناير الماضى، هرباً من الأوضاع المتأزمة فى اليمن، لم تجد لها مأوى بعد اختفاء عائل أسرتها وزوجها فى الحرب، والذى لا تعلم مكانه حتى الآن: «الظروف صعبة.. وواحدة معرفة سكنتنا عندها أنا وأولادى، الحمد لله الدنيا هنا لسه فيها خير، والست دى ربنا يكرمها شالتنى أنا وأولادى فى عز الزنقة».
تعيش «أم صالح» فى منزل لا تملكه، يخلو من أساسيات الحياة وأبسطها: «مافيهاش تلاجة»، ألحقت أولادها بالدراسة فى المرحلتين الابتدائية والإعدادية، بإحدى المدارس اليمنية الخاصة فى مدينة نصر، وذلك بمبلغ ألفين جنيه فى العام، فضلاً عن الرسوم، إذ لا تتوافر فيهم شروط الالتحاق بالمدارس المصرية.
«مريام»: «ما واجهتش أزمة.. لكن الجامعة مصاريفها غالية مقارنة باللى بيدفعه زملائى المصريين»
تواجه «أم صالح» مشكلة أخرى هى «الدروس»، إذ تشكو من أسعارها، وعدم توافر الكثير من المدرسين اليمنيين فى مصر: «عايزة أديلهم دروس بس الظروف صعبة، باوديهم المدرسة وبارجعهم مشى كل يوم».
وخلافاً لـ«أم صالح»، كانت «اللهجة» أصعب ما يواجه الشاب السورى «تيسير» خلال دراسته فى القاهرة، يتذكر أحد المواقف، قائلاً: «الأستاذ قال لى روح للمدير، رحت للمدير قلت له الأستاذ قلّعنى من الفصل، فهو فهم إنه قلّعنى هدومى، لكن أنا قصدى قال لى روح للمدير، وفين لما فهم كلامى».
يقول «تيسير» إنه بعد وصوله للمرحلة الثانوية، تمكن من اللهجة المصرية بشكل أفضل، إذ يرى أن مناهج التعليم المصرية التى يدرسها تعتمد على الحفظ، وهو لا يحب ذلك، وهى المشكلة ذاتها التى يعانى منها أبناؤه، موضحاً أنهم لم يتعرضوا لأى تجربة من تجارب «التنمر» أو الإيذاء فى مصر: «باحب أهلها جداً».
وتروى السورية «أم محمد» معاناتها مع الدروس فى المراكز المخصصة للطلبة العرب واللاجئين: «ابنى بيفهم لهجة المدرسين المصريين بصعوبة، وأسعار الدروس ارتفعت بشكل مُبالغ فيه خلال الفترة الماضية». أما الفلسطينى كريم سامى فيقول إن الإدارات والمدارس تطلب أوراقاً وإجراءات ومَبالغ أكبر لقبول التحاق الوافدين واللاجئين بها: «لم أتعرض للكثير من المضايقات والمشكلات طوال رحلة تعليمى فى مصر بسبب جنسيتى الفلسطينية، إلا أن أصدقائى تعرضوا لبعض المواقف السخيفة، يعنى مدرس قال لواحد انتوا سايبين بلدكم وبِعتوا أرضكم وجايين تدرسوا هنا؟».
دراسة «كريم» فى مدارس خاصة أنقذته من معاناة الدروس، إذ أحبّ طريقة مدرسيه وتوصيلهم المعلومة بسهولة، ولم يكن بحاجة للدروس الخصوصية: «أخدت درس فى 3 ثانوى بس عشان أهم سنة، والحمد لله كنت بطلع من الأوائل».
لم يقابل «كريم» أزمات فى السكن أو الإقامة، حيث يعيش مع عائلته، كما أن بشرته البيضاء منعت عنه «التريقة»، وقال ضاحكاً: «شكلى عمره ما كان مجال للتريقة، الأفارقة هما اللى بيتعرضوا لده، ومع ذلك مرة ولد صغير قال لأخويا روح وانت أبيض كده».
«مريام»، التى تحمل الجنسية الفلسطينية، تقول: ما واجهتش أى أزمة فى التعليم فى مصر بالمراحل المختلفة، عدا التعليم الجامعى.. فى الثانوى مفيش معاناة كتير، يا إما بنجيب إعفاء يا بندخل خاص مفيش مشكلة، المشكلة فى التعليم الجامعى، الولاد الفترة دى هيخلصوا ثانوى، ويا يكملوا يا ما يكملوش بسبب المصاريف الكتير اللى مش منطقية، مقارنة باللى بيدفعه المصريين، كونها كليات حكومية مش خاصة».