حسين القلا: صنعت تاريخى بالمغامرات والخسائر
حسين القلا أثناء حواره لـ«الوطن»
أنتج العديد من الأفلام المميزة التى تعد علامات مشرقة فى تاريخ السينما المصرية، استهل مشواره فى عالم الشاشة الكبيرة بفيلم «حدوتة مصرية» مع المخرج الكبير يوسف شاهين، لينطلق بعدها فى العمل مع عمالقة الفن المصرى من مخرجين وممثلين كبار، أمثال داود عبدالسيد وأحمد زكى وفاتن حمامة. «الوطن» حاورت المنتج الفلسطينى حسين القلا، الذى تحدث عن مشاعره إزاء إعلان إدارة مهرجان الإسكندرية لدول البحر المتوسط، تكريمه فى دورته الحالية، لينتقل بعدها إلى ذكرياته مع الماضى وبدايات مشواره مع السينما المصرية، وكواليس أبرز الأعمال التى قدمها مع كبار النجوم، كما حكى عن أزمته المادية الحالية وملاحظاته على أداء غرفة صناعة السينما، مقدماً روشتة تتضمن مقترحات من شأنها إنعاش صناعة السينما خلال الفترة المقبلة، والكثير من التفاصيل فى السطور التالية.
نجومنا يتقاضون ضعف حصة نجوم هوليوود من ميزانية الفيلم
التكريم فى الدورة الحالية من مهرجان الإسكندرية السينمائى لم يكن الأول، ما المشاعر التى يثيرها التكريم بداخلك؟
- أول تكريم حصلت عليه كان من مهرجان دمشق السينمائى عام 2009، وتم تكريمى بشكل لائق فى الدورة الـ38 من مهرجان القاهرة السينمائى، بالطبع التكريم يكون له معنى بالنسبة لى، فالأمر يتعدى صعودى على المسرح لتسلم جائزة، يعنى أنه تم تقدير لجهودى ومشوارى خلال السنوات الطويلة فى هذا المجال، كما أعتبره علامة تضاف إلى تاريخى، وأسأل نفسى أحياناً هل أستحق ذلك؟ التكريم من مهرجان الإسكندرية كان مفاجأة بالنسبة لى، وكنت سعيداً به خاصة فى ظل الظروف الحالية التى تعانى منها صناعة السينما، كما تلقيت مكالمة أخرى من غرفة صناعة السينما طالبوا بتكريمى فى المهرجان باسم الغرفة.
هل ترى أن تكريم الغرفة يعنى اعترافها بأهمية الدور الذى أديته من أجل السينما، رغم الخلاف المستمر بينكما؟
- الناس تأكدت من ذلك بعدما اصطدمنا بجدار، بدأت أتحدث عن المشروع الذى أرغب فى تفعيله منذ نهاية الثمانينات، ولم يهتم أحد وهو ما اضطرنى للحديث عن الأخطاء القاتلة التى وقعت فيها الغرفة، وما تقوم به هو ليس دورها من الأساس، وفى زمن غرفة صناعة السينما حدثت كل المصائب التى عشناها أو التى عشتها أنا على الأقل من أفلام للمقاولات وغلق دور العرض السينمائى، والمصيبة الكبرى الخاصة ببيع تراث السينما تحت أعينهم، وشاركوا فيه بتصدير شهادات نيجاتيف للجهات التى قامت بشراء الأفلام، متجاهلين الحقوق الأدبية والمعنوية للدولة وللعاملين فى الأفلام، حيث تم نقل الأفلام بالنيجاتيف إلى غير مصريين، وأنا لا أقصد افتعال معركة أو الدخول فى عداءات، ولكن أرغب فى إصلاح الوضع، الغرفة لها دور مهم ولكن ليس الذى تقوم به الآن، أعلم أنهم يعملون بنوايا طيبة ولكن الأمور لا تستقيم بالنوايا فى مجال الصناعة.
«قبل الوداع» نموذج لأعمالى خارج حسابات المكسب.. وتغلبت على رهبتى وتحذيرات الناس فى «أوقات فراغ».. و«حدوتة مصرية» جمعنى بـ«شاهين» و«بونابرت» فرَّقنا.. وتجربتى مع «داود» كانت ثرية
عندما تتأمل مشوارك الفنى، هل تشعر بالرضا عما قدمته حتى الآن؟
- راض بنسبة كبيرة عما قدمته، مع الأخذ بعين الاعتبار أنى لم أدرس سينما ولم تكن بالنسبة لى فى البداية سوى تجارة، وتعلمت قواعدها بسرعة بعد ثانى أو ثالث فيلم قدمته، وشعرت برغبة فى أن تكون السينما جزءاً من حياتى، وهناك أعمال كثيرة أرغب فى تقديمها ولكن هناك أزمة مالية، إن لم تكن موجودة كنت سأبدأ فى تصوير ما لا يقل عن ثلاثة سيناريوهات، وهناك أعمال إذا لم أستطع إنتاجها أقوم بتقديمها إلى شركات إنتاج أخرى، وهناك أفلام عديدة تم إنتاجها بهذا الشكل.
التعاون مع يوسف شاهين فى إنتاج فيلم «حدوتة مصرية» فى أول مشوارك كان بداية قوية، كيف كان هذا التعاون؟
- الأمر بدأ بالصدفة عن طريق محام لبنانى صديق مشترك بينى وبين يوسف شاهين، وفى ذلك الوقت كانت هناك خيارات عديدة أمامى لبدء العمل، ولكنى لم أستقر على شىء، وقمت بدراسة السوق على مدار 6 شهور مع أحد اللبنانيين المتخصصين فى السوق المصرية، ووضعنا دراسة جدوى، ووقتها كان يعمل شاهين على «حدوتة مصرية»، وقررت تمويل الفيلم، وكان من المفترض أن تدوم الشراكة بيننا، حيث وقع بعد ذلك عقداً مع سعد الدين وهبة لتأجير «سينما كريم» لتجديدها واستديو جلال بعقد طويل الأمد، ولكن بعد المشروع اختلفنا، حيث كان لدى «شاهين» جدول معين يريد تنفيذه، فهو بعد الفيلم كان يعمل على فيلم «الوداع يا بونابرت» ورفض أن نعمل على مشروع آخر، وكان من المعروف أن الفيلم لن ينجح جماهيرياً، وليس من المعقول أن أطلب من فنان تغيير أولوياته، وبالتالى انسحبنا بهدوء وظلت علاقتنا طيبة ومستمرة.
رغم أن «حدوتة مصرية» لم يحقق إيرادات، تم عرضه من وقت قريب فى سينما «زاوية» ضمن برنامج أفلام يوسف شاهين المرممة، والقاعة كانت كاملة العدد، هل ترى أن التاريخ ينتصر للسينما؟
- بالطبع، وليس أفلام يوسف شاهين فقط، هناك أفلام كثيرة لم يتم تقديرها فى وقت صناعتها بالشكل الذى تستحقه ولكن الوقت كفيل بتحقيق ذلك، على سبيل المثال فيلم «باب الحديد» لم يحقق نجاحاً وقت عرضه، ومن كان يتصور وقتها أن يوزع فى مختلف دول العالم والمحطات التليفزيونية بمئات الآلاف، والشطارة أن نحقق توازناً بين الفن والتجارة.
أول تجربة لك فى السينما المصرية لم تحقق إيرادات، ألم يجعلك ذلك تشعر بالخوف وتفكر فى التراجع؟
- إطلاقاً، كان حظى جيداً ليس فقط فى معرفة يوسف شاهين، ولكن تعرفت فى مكتبه على من عملت معهم بعد ذلك، على رأسهم الناقد الراحل سمير فريد، الذى لولاه لم أكن أنا الآن، بالإضافة إلى على أبوشادى وسمير نصرى ورأفت الميهى، وعندما أسست الشركة العالمية للتليفزيون والسينما فى فبراير 1983، كانوا معى، وكان أول إنتاج الشركة فيلم «للحب قصة أخيرة» للمخرج رأفت الميهى، وكان فيلماً رائعاً وضمن قائمة أفضل 100 فيلم مصرى، ولكن الفيلم وقتها واجه مشاكل عديدة، حيث تم الحكم على صناعه بالسجن لمدة عام بسبب مشهد جمع معالى زايد ويحيى الفخرانى، رغم أن الرقابة أجازت الفيلم للعرض، ووصل الأمر إلى اعتصام فى مقر الحزب الوطنى بحضور مجموعة كبيرة من الفنانين والسينمائيين، حتى تم وقف تنفيذ الحكم، ولكن بعدما تضرر الفيلم.
قلة دور العرض أكبر عقبة تواجهنا.. وأزمة مالية تعوق مشروعاتى.. ولن ينصلح حال السينمائيين بدون 3 اتحادات للمنتجين وللموزعين ولملاك صالات العرض
نجحت فى تحقيق توازن بين المستوى الفنى والجماهيرية فى أعمالك، كيف استطعت ضبط تلك المعادلة؟
- الأمر صعب ومتعب لكن ليس مستحيلاً، يستلزم معرفة الوقت المناسب لتنفيذ الفيلم، فهناك سيناريوهات قد أؤجل العمل عليها عاماً أو أكثر حتى أرى أن الوقت أصبح مناسباً لتقديمها، بالإضافة إلى معرفة الوقت الأنسب لطرحها، هناك مرات أقدمت على إنتاج أفلام وأنا أعلم أنها سوف تخسر، ولكن الوضع فى تلك اللحظة يتطلب صنع تلك النوعية، أذكر تجربة قمنا بصناعة فيلم مأخوذ عن الفيلم الأمريكى «Dark Victory»، تدور أحداثه حول سيدة مصابة بالسرطان وتخفى مرضها عن حبيبها، وقمنا بصنع نسخة عربية بعنوان «قبل الوداع» بطولة حسين فهمى ويسرا، والفيلم كان ينتمى لنوعية أفلام الميلودراما ولم ينجح، إذاً أنا لا أبحث عن مكسب أو خسارة ولكن كل فترة تكون لها حساباتها المختلفة، وبعد عدة تجارب فهمت السوق المصرية وكيفية التعامل معها، فهناك تجارب مثل «بطل من ورق» حققت نجاحاً ولكن نجاحها بعد العرض التليفزيونى كان أكبر، حتى الأعمال التليفزيونية مثل «عصفور النار» و«بكيزة وزغلول»، ما زالت حية حتى الآن.
«أوقات فراغ» تجربة سينمائية خارج الصندوق، هل تنطبق عليها المعادلة؟
- عندما عرض علىّ المشروع لم أستطع المقاومة، بالطبع كان هناك مزيج من الخوف والقلق، وتلقيت تحذيرات كثيرة من إنتاجه، خصومى كانوا يقولون «خليه يشرب»، وأصدقائى كانوا يحاولون تشجيعى بأننى لن أخسر على الأقل، خاصة أن الميزانية قليلة، والشباب أبطال الفيلم لم يتقاضوا مبالغ كبيرة، ورغم النجاح الذى حققه لم يأخذ الفيلم حقه فى الحديث عنه والاحتفاء به، حيث كان بمثابة نقلة سينمائية، حيث كان التجربة الأولى للمخرج، والمؤلف لم يكن بلغ السن القانونية، فعند تسجيل العقد بيننا فى الشهر العقارى رفضوا وطلبوا حضور والده، أما الأبطال الثلاثة فكانت تجربتهم الأولى أيضاً، وعلى مدار عامين كنت أشعر بالقلق حتى تم طرحه فى دور العرض السينمائى، خاصة أن وقت عرضه شهد طرح أفلام كبيرة، بالإضافة إلى انطلاق مباريات كأس العالم حينها.
ولكن لماذا لم يحقق «الماجيك»، التجربة السينمائية الثانية التى جمعت فريق عمل «أوقات فراغ» نفس النجاح؟
- المشكلة أنى تعجلت، كان لا بد أن ننتظر وقتاً أو نكتب عملاً خصيصاً لهم، فبعد الانتهاء من الفيلم قال لى المخرج محمد مصطفى إن هناك سيناريو فيلم يعمل عليه مع المؤلف محمد حسان، قد يصلح ليقدمه أبطال الفيلم، وبالفعل قدم لى السيناريو وتم إنتاجه، لم يكن بالطبع فى نفس مستوى نجاح «أوقات فراع» وكنت أتمنى أن يكون أفضل من ذلك، ولكن التجربة كانت مفيدة للشباب، حيث أدت إلى ظهورهم على الساحة السينمائية، كما رفعت لهم أجورهم حتى يدخلوا بعد ذلك السوق بثقل.
المنتج ليس مجرد ممول لإنتاج الأعمال الفنية بل مزيج ما بين صانع محترف وفنان حقيقى، كيف تستطيع اختيار السيناريو المناسب لإنتاجه؟
- من المهم لى أن أكون منتجاً محترفاً أعرف مهنتى جيداً وأفضل من يقرأ سيناريو، حيث يشهد لى بذلك أصدقائى وخصومى على حد سواء، وتعلمت ذلك ممن عملت معهم فى البداية، وأكثر شخص تعلمت منه وكان له الفضل الأكبر فى ذلك المخرج الراحل صلاح أبوسيف، فهو كان يفهم جيداً قيمة السيناريو، عندما تعاقدت معه على فيلم «البداية» كان همى أن نبدأ العمل فى أسرع وقت ممكن، ورغم أن السيناريو كان موجوداً إلا أنه قرر العمل عليه مرة أخرى، وعندما استعجلته حتى نبدأ التصوير قال لى: «حتى تتعلم العمل فى السينما يجب أن تعلم أن السيناريو أهم من المخرج والممثل، إذا قال لك مخرج أنا أزيد من مستوى الورق فى التصوير لا تعمل معه، السيناريو لا بد أن يكون 100% كفاءة، لأنه عندما يقدم على الشاشة سيكون 90%، وحتى الآن السيناريو لم يجهز فما زال 70% كفاءة ولو قدمته الآن سيكون فى مستوى 60%، وأنا لن أقدم عملاً بهذا المستوى»، فكان من وجهة نظره أن المخرج لا يستطيع تقديم عمل سينمائى جيد من سيناريو ضعيف، وظلت تلك النصيحة معى حتى الآن، وبمجرد قراءة السيناريو أعلم ما مشاكله، وهل يمكن تقديمه أم لا، وما تكلفة إنتاجه.
المنتج الشاطر يوازن بين الفن والتجارة.. وتعلمت من «أبوسيف» أن السيناريو أهم من المخرج والممثل.. والأخوان «السبكى» يستحقان التقدير.. وتراثنا يباع تحت أعين «الغرفة» ذات النوايا الطيبة
ولكن ليس كل المنتجين يعملون وفقاً لتلك الآلية، هل ترى أن ذلك بسبب ضعف مستوى الأفلام الفترة الأخيرة؟
- هناك منتجون ناجحون ومستمرون، على رأسهم الأخوان السبكى، أكن لهما كل التقدير، جودة الفيلم لا تعنى فقط حصد جوائز فى مهرجانات، ولكن تحقيق الإيرادات مؤشر ليس على المستوى المالى فقط بل إن هناك جمهوراً اهتم بالذهاب إلى السينما ومشاهدة الفيلم، أثناء العمل مع يوسف شاهين فى البداية قلت له: أنت تصنع أفلاماً لا يشاهدها سوى أنت وأولادك، فقال لى: «ليس لدىّ أولاد، ماذا تفعل إذا قرأت كتاباً ولم تفهمه؟»، قلت له: «سأحاول قراءته مرة أخرى لاحقاً»، قال لى: «نفس الأمر بالنسبة لأفلامى شاهدها مرة أخرى»، وعلى مدار مشواره قدم مجموعة مهمة من الأفلام، وكان يعرف دائماً كيف يجد تمويلاً لأفلامه، حيث كانت لديه علاقات جيدة مع الفرنسيين.
رصيد أفلام المخرج داود عبدالسيد ليس كبيراً، ولكنك قمت بإنتاج ثلث الأعمال التى قدمها، كيف كانت قراءتك لمشاريعه؟
- تجربتنا معاً كانت ثرية، وتعد علامة من علامات السينما المصرية، داود عبدالسيد مخرج له تركيبة خاصة، فكان لا يتنازل أبداً عن الأفكار التى تدور فى ذهنه، لذلك كان يقوم بكتابة أفلامه بنفسه، ولا يتنازل عن تقديم الفيلم بالطريقة التى يريدها، كانت تجمعنا علاقة جيدة وكان واضحاً لدرجة كبيرة، وأدرك معادلة صناعة الفيلم الذى لا بد أن يحقق الجوانب المتعلقة بالفن والتجارة، كانت تجربتنا الأولى معاً فيلم «الكيت كات»، ولكن الحديث عن فيلم «أرض الخوف» كان يسبق «الكيت كات»، كنا نجلس معاً فى المكتب بحضور الفنان الراحل أحمد زكى، وحكى «عبدالسيد» الفكرة التى تحمس لها أحمد بشدة، ولكننا بدأنا بـ«الكيت كات» أولاً، وحتى الآن لا أعرف كيف تم تنفيذ الفيلم بتلك الكفاءة، رغم أنه كان الأسهل فى تنفيذه، السيناريو الجيد يحرك كل شىء (بينطق اللى مبينطقش)، فلا يوجد أحد فى الفيلم لم يقدم دوراً جيداً.
فيلم «الحب فى الثلاجة» من أكثر التجارب السينمائية جموحاً، هل كنت ترى الأمر مغامرة؟
- كل فيلم يكون به شىء من المغامرة ما دمنا نعمل فى صنع سلعة متوقفة على مزاج الناس، الذى قد يتغير من لحظة لأخرى، فتكون هناك مغامرة طوال الوقت، عرض علىّ السيناريو ماهر عواد وسعيد حامد، وفى الوقت نفسه كنت أعمل على مشاريع أخرى، فوضعت سنة حتى نبدأ العمل عليه إلا أنهما كانا مصرين، وفى تلك الفترة كانا يذهبان إلى محلات الدواجن حتى يحصلا على الريش الذى سيصنعان به الديك فى الفيلم، وطلبا منى سلفة حتى يعملا عليه، ووقتها قلت لهما إنى سوف أقوم بإنتاجه، لم يحقق الفيلم نجاحاً كبيراً، ولكن حصلت على جائزة كمنتج عن الفيلم، فالمغامرة والخسارة والتجارب المختلفة هى التى صنعت تاريخى.
تعاملت مع مجموعة مهمة من الممثلين كانت على رأسهم الفنانة فاتن حمامة، كيف كان التعاون بينكما؟
- كنت محظوظاً بالتعاون مع فاتن حمامة فى آخر تجاربها السينمائية، «يوم مر ويوم حلو» للمخرج خيرى بشارة، و«أرض الأحلام» للمخرج دواد عبدالسيد، حيث لم يكن من تأليف داود، ولكن عندما جاء لى به كان بالفعل عمل عليه، وكانت النسخة جاهزة للتنفيذ، وعندما كنا نختار فكرنا فى عرض السيناريو على فاتن حمامة، وأعجبت بالسيناريو جداً، وكانت ذكية جداً فى اختياراتها، وشارك الفيلم فى مهرجان بتونس، وحصلت على جائزة أفضل ممثلة عن دورها فيه، ورشحت مصر الفيلم لتمثيلها فى مسابقة أوسكار عن فئة أفضل فيلم أجنبى، وتم استبعاده بسبب ضعف الجودة، حيث تم إرسال الكروت الخاصة بلجان تحكيم الأوسكار لى التى تضمنت تعليقاتهم على الفيلم، فكان 7 من ضمن 11 كارت، تعليقهم على الصوت والصورة، ولكن يعود ذلك إلى سوء مستوى المعامل فى ذلك الوقت.
حرصت فى أعمالك على التعاون مع جيل مميز من المخرجين من مدارس مختلفة؟
- عاطف الطيب، سعيد حامد، محمد خان، خيرى بشارة، وداود عبدالسيد، هؤلاء المخرجون الذين كانوا فى فترة واحدة كان من المنطقى أن يكرهوا بعضهم ولكن على العكس كانوا «رباطية»، خيرى بشارة كان يحرص على حضور معظم أيام التصوير مع محمد خان، وفى فيلم «زوجة رجل مهم» ظهر خيرى فى مشهد بالفيلم، فكانوا يحرصون على دعم بعضهم البعض، وتعلمت منهم أكثر من الأفلام التى قدمناها معاً.
كيف ترى وضع الساحة السينمائية حالياً؟
- إذا لم تحل مشاكل السينما من جذورها سوف نظل ندور فى حلقة مفرغة، من وجهة نظرى نحن لسنا فى حاجة إلى دعم مالى من الدولة بقدر حاجتنا إلى دعمها فى قيام اتحادات ثلاثة، اتحاد للمنتجين، وآخر للموزعين، وثالث لأصحاب دور العرض، وأن تكون تلك الاتحادات مستقلة، وتبتعد صناعة السينما عن وزارة الثقافة وغرفة صناعة السينما، من خلال تشكيل لجنة تابعة لرئاسة مجلس الوزراء مشكلة من سينمائيين ومنتجين، بالإضافة إلى ممثلين عن وزارة الثقافة وغرفة صناعة السينما، لمناقشة الإشكاليات التى تواجه الصناعة، فى وقت سابق نقل وزير الثقافة فاروق حسنى إدارة دور العرض والاستديوهات إلى قطاع الأعمال، حيث أدرك أنها ليست مهمته، والآن عملوا على إعادتها لوزارة الثقافة مرة أخرى.
ما أبرز المشاكل التى تواجه السينمائيين الآن؟
- قلة دور العرض، فهناك عدد كبير من السينمات المغلقة، الفيلم يحقق نسبة كبيرة من إيراداته من العرض الداخلى ونسبة قليلة تعتمد على التوزيع الخارجى، أتصور أنه لو أن اللجنة موجودة وتعود إلى رئاسة الوزراء سيكون لها فاعلية أكبر فى حل تلك المشكلات، ولن يستطيع فعل ذلك سوى المعنيين بتلك المشاكل، نتمنى أن تعاملنا الدولة كأى صناعة تواجه مشاكل وتسعى إلى حلها، بالإضافة إلى التوزيع الخارجى فهو سهل يحل بمكالمة أو توجيه إلى أصحاب القنوات الفضائية بشراء الفيلم المصرى، كلها قرارات لن تكلف الدولة شيئاً، فعندما يضمن المنتج أن فيلمه سيجد دار عرض وتوزيعاً خارجياً سيعود الإنتاج كما كان ولن نواجه الأزمة الحالية، لا يوجد أزمة تمويل فى السينما المصرية على الإطلاق، وليس لدينا أزمة عمالة سواء ممثلين أو مخرجين أو فنيين على أعلى مستوى، بالإضافة إلى توافر المستهلك بل يزداد يوماً تلو الآخر، وبالتالى مع حل أزمة دور العرض والتوزيع الخارجى يضمن المنتج تغطية تكاليفه، ولا تتجاوز نسبة أجوز الممثلين فى السينما العالمية 30% من إجمالى تكلفة الفيلم، بينما تصل أجور النجوم لدينا إلى 60% من الميزانية للعمل الفنى وهو أمر غير منطقى.
حسين القلا أثناء حواره لـ«الوطن»