جاءت المواد ذات الصلة بحقوق المصريين، سواء الاجتماعية والاقتصادية أو المدنية والسياسية، أفضل بما لا يقارن بدساتير مصر السابقة ، فقد كانت لجنة الدستور معنية بحقوق البشر التى طالما حرموا منها أو ذكرت فى الدساتير السابقة على استحياء، وتمت إحالة تنفيذها للقانون، فإذا بالقانون يلغى الحق، لذا كان هناك حرص شديد على التأكيد على استخدام كلمات تعبر عن التزام الدولة، عوضا عن الكلمات الفضفاضة، وبالنظر إلى المادة 11 المتعلقة بحقوق المرأة، نجدها واحدة من المواد الطويلة فى الدستور، نظرا لتضمنها العديد من الالتزامات على الدولة، منها ما جاء فى صيغة التزام مؤكد، ومنها ما جاء بصيغة أقل التزاما، رغم خروج هذه المادة من لجنة مقومات الدولة أكثر وضوحا وتأكيدا على التزامات متعددة، ولكن وكالمعتاد تظل حقوق المرأة عالقة فى حلق كثير من التيارات السياسية، مهما ادعت دعمها لهذه الحقوق، لذا خرجت المادة من لجنة الصياغة بها بعض التخفيف من الالتزام، ومع مرورها على مراحل تصويت متعددة فعلت فعل عوامل التعرية، فجرفت منها بعض الالتزام، لكن تظل المادة جيدة بما لا يقارن بدستور 1971 أو طبعا ما يسمى دستور 2012 «الإخوانى».
فى الحقيقة كنا نأمل فى مادة مثل المادة 19 من الدستور المغربى لعام 2011 والتى اشتهرت بمادة المناصفة، حيث نصت على «يتمتع الرجل والمرأة، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، الواردة فى هذا الباب من الدستور، وفى مقتضياته الأخرى، وكذا فى الاتفاقيات والمواثيق الدولية، كما صادق عليها المغرب، وكل ذلك فى نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها. وتسعى الدولة إلى تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء.وتُحدث لهذه الغاية، هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز»، الأمر الذى دخل حيز التنفيذ فى المغرب لتفسح المناصب للمناصفة بين المرأة والرجال فى كل المجالات ، لكننا لم نستطع فى الدستور المصرى وضع مادة بهذا الوضوح، لكن جاءت المادة 11 لمعالجة الكثير من المشاكل التى تعانى منها المرأة، حيث تنص على «تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل فى جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وفقا لأحكام الدستور. وتعمل الدولة على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلاً مناسبا فى المجالس النيابية، على النحو الذى يحدده القانون، كما تكفل للمرأة حقها فى تولى الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا فى الدولة والتعيين فى الجهات والهيئات القضائية، دون تمييز ضدها. وتلتزم الدولة بحماية المرأة ضد كل أشكال العنف، وتكفل تمكين المرأة من التوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل. كما تلتزم بتوفير الرعاية والحماية للأمومة والطفولة والمرأة المعيلة والمسنة والنساء الأشد احتياجا»
ورغم استبدال كلمة تلتزم الدولة إلى «تكفل الدولة» أو «تعمل على» فى مواضع عدة فإن المادة احتفظت بالكثير من الالتزامات:
أولا: تحقيق المساواة، ثانيا: ضمان تمثيل مناسب فى المجالس المنتخبة، ثالثا: كفالة تولى الوظائف العامة والتعيين فى الجهات القضائية، رابعا: الحماية من كل أشكال العنف، خامسا: التوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل، سادسا: الرعاية والحماية للأمومة سابعا: رعاية المرأة المعيلة والمسنة والأشد احتياجا.رغم كل هذه الحقوق والتى سنشرحها بالتفصيل تباعا لكن لا نستطيع أبدا الارتكان إلى أن الدستور سيكون عصا سحرية، لكن الوصول للحق الوارد فى الدستور يستلزم أولا التصويت له، ثانيا النضال من أجل تطبيقه، فلا يضيع حق وراءه مطالب.