«أبوالبنات».. خطيب ومُبرمج: الشغل مش عيب
إبراهيم رفاعى
رغم إعاقته البصرية حصل على ليسانس اللغة العربية من جامعة الأزهر، والتحق بوظيفة إمام مسجد بحى السناهرة بمدينة كفر الدوار فى البحيرة، ولكن سقف طموحه لم يقف عند هذا الحد فقرر أن يستكمل طريق التحدى ليثبت ذاته، ويحقق ما لم تحققه وظيفته الحكومية من توفير الالتزامات المالية، فقرر خوض التحدى والتخصص فى مجال يصعب على أقرانه العمل به، وهو إصلاح وصيانة أجهزة الكمبيوتر الخاصة بالمكفوفين، لزيادة دخله ومواجهة أعباء الحياة.
إبراهيم رفاعى، إمام وخطيب مسجد بكفر الدوار، قال لـ«الوطن»، «لم تحرمنى إعاقتى من تحقيق ذاتى، فقد حصلت على ليسانس لغة عربية من جامعة الأزهر، وتحديت كثيراً من الصعوبات حتى وصلت إلى ما أنا عليه الآن، نشأت وسط أسرة متوسطة الحال، وعلى عكس الطلاب العاديين يحتاج الطالب الكفيف لرعاية ومصاريف أكثر، وهو ما كان يزيد العبء على أسرتى، وكنت أشعر بذلك فى همساتهم من حولى، فقررت أن أعمل لتوفير مصاريف الكلية، وشرعت فى إنشاء مجموعة لتحفيظ القرآن الكريم، لأننى أحفظ القرآن كاملاً بالقراءات العشر، وهو ما ساعدنى فى أول مهمة مهنية لى، وبالكاد كان يكفى ما أحصل عليه من أجر تحفيظ القرآن مصروفاتى بالكلية والمواصلات لأننى كنت أذهب لمركز إيتاى البارود حيث توجد كليتى».
«لم أكتف بشهادتى الجامعية وقررت أن أتعلم اللغة الإنجليزية وبرمجة الكمبيوتر، وهو ما ساعدنى فيما بعد فى عملى الإضافى، فقد كنت أتطلع دائماً للعيش مثل باقى الأشخاص، حتى عندما تزوجت ارتبطت بإنسانة غير معاقة عكس المتعارف عليه فى مجتمعنا، وكسرت فكرة أن المعاق لا بد أن يتزوج فتاة معاقة أو غير جميلة وما إلى ذلك»، هكذا تابع «إبراهيم» فى سرد تفاصيل رحلته فى الحياة.
«الشيخ رفاعى»: أحفظ القرآن بالقراءات العشر وأطالب «السيسى» برعاية المعاقين بصرياً
وتابع: «أكرمنى الله بـ3 بنات، وأتمنى أن يصلن إلى أعلى الدرجات العلمية، ووسط أعباء الحياة قررت العمل بمهنة أخرى بجانب وظيفة الأوقاف، ولم أجد مهنة تتلاءم مع وضعى الوظيفى سوى مبرمج أجهزة حاسب آلى، واتخذت هذا القرار بعد أن حاصرتنى عدة أزمات مالية فبعد العيش فى منزل العائلة خرجت لأسكن فى شقة بالإيجار تستوعب أفراد أسرتى، وتوفر الخصوصية والراحة لبناتى، إلا أن أعباء المعيشة زادت بعد أن أصيبت زوجتى بمرض فى العين وأجرت أكثر من عملية، ومع متطلبات الحياة والإيجار الشهرى للشقة التى أسكن بها لم أجد سبيلاً للدخل الإضافى سوى هذه المهنة، وعلى الرغم من قلة العائد منها إلا أننى أقوم بصيانة أجهزة الحاسب الآلى الخاصة بالمكفوفين فقط، وعددهم قليل، إلا أن الدخل الذى أتقاضاه يكاد يكفى، وأسعى للبحث عن أى عمل إضافى يوفر لى دخلاً جديداً، فمتطلبات الحياة كثيرة والمسئولية تزداد كلما كبرت البنات».
واستكمل حديثه قائلاً: «ليس من العيب أن أمتهن مهنة إضافية تعيننى على أعباء الحياة، ولا أخجل من هذا أبداً، ولكن العيب أن أجلس أنتظر الشفقة والعطف من المحيطين بى، وإذا كانت الدولة تهتم بذوى الاحتياجات الخاصة وتعمل على راحتهم، فأنا أطالب المسئولين بأن ينظروا بعين الاهتمام للمكفوفين، ويبحثوا المشاكل التى تواجههم، وأطالب الرئيس عبدالفتاح السيسى بأن يعلن تبنيه للموهوبين من المكفوفين وذوى الاحتياجات الخاصة، أسوة بباقى الدول التى تخصص لهم ميزانية لتنمية قدراتهم ومواهبهم».