بعد رحلة تعليم طويلة.. «أحمد» مبيض محارة بدرجة ماجستير فى القانون: «مفيش قدامى بديل»
أحمد هلال
بعد رحلةٍ طويلةٍ قضاها فى التعليم، تخرّج أحمد هلال فى كلية الحقوق بجامعة بنى سويف عام 2011، لكن حلمه الذى بناه طوال سنوات الدراسة واجه صعوبات بالغة لتنفيذه فالعمل بالشهادة الجامعية فى الحكومة لم يعد متاحاً، كما أن العمل فى مكاتب المحاماة طريقٌ طويلٌ وغير مضمون.
المحامى الصنايعى: «تعودت على مهنتى.. لكننى قدمت على دبلومة فى القانون يمكن أعرف أشتغل بيها»
«عرقين خشب، عمدان لسقالة شقا»، كلمات الشاعر الشاب محمد السيد، كانت الطريق الذى سلكه صاحب الثلاثين عاماً عقب تخرجه فى الجامعة، وأداء الخدمة العسكرية، بعدما وجد صعوبةً فى العمل بمؤهله العالى، واتجه للعمل مساعد «مبيض محارة»، حتى لا يصبح عاطلاً، وعن هذه التجربة قال: «ماكانش قدامى بديل تانى».
تعلم «أحمد» المهنة وأتقنها سريعاً، لكنه لم ينس أنه من حملة الشهادات العليا، فرغم عمله «مبيض محارة»، إلا أنه أصر على «المعافرة» فى طريق استكمال دراسته، وتقدم لعمل دراسات عليا فى القانون: «قدمت على دبلومة قانون فى عين شمس، عشان أحسن مستوى شهادتى يمكن أعرف أشتغل بيها»، هكذا وصف الصنايعى الجامعى الأسباب التى دفعته نحو طريق الدراسات العليا.
بعد عامٍ من بداية دراسته التى كانت ممزوجة بالعمل، حصل «أحمد» على دبلومة القانون الأولى، لكنها ليست كافية لتحسين الشهادة، بل كانت خطوة نحو شهادةٍ أكبر، وتابع: «بعد ما أخدت دبلومة القانون، قدمت على دبلومة تانية تكمل مع الأولى ماجستير». درجة الماجستير التى سعى لها «أحمد» لم تأت بسهولة، مع استمرار عمله اليومى كمبيض محارة، فصعوبة عمله الذى يبدأ من السادسة صباحاً، ويستمر حتى بعد غروب الشمس، لم توفر له الكثير من الوقت والجهد من أجل حضور المحاضرات فى الجامعة، ثم مذاكرة ما درسه، ففشل فى الحصول على الماجستير من المرة الأولى، وعن هذا قال: «سقطت فى مادة وده معناه إنى لازم أعيدها».
الفشل لم يكسر عزيمة وإصرار «أحمد»، فعمل جاهداً خلال الأشهر التالية لجمع أموالٍ تكفيه أثناء الدراسة، وتسمح له بالتخلى عن العمل لبعض الوقت من أجل الماجستير، وواصل الليل بالنهار، وبعد مشقةٍ بالغة نجح فى الدبلومة الثانية، وحصل رسمياً على درجة الماجستير فى القانون العام.
حصول المحامى الصنايعى على ماجستير فى القانون لم يكن المفتاح السحرى الذى يفتح أمامه الأبواب الموصودة وعانى كثيراً من أجل الحصول على عملٍ بالشهادة، وقدّم أوراقه فى عدة مسابقات لم يحالفه الحظ فى أى منها، حتى إنه شارك فى وقفة حملة الماجستير أمام مجلس الوزراء للمطالبة بعملٍ حكومى، وهى المحاولة التى باءت بالفشل فى النهاية.
رحلة «أحمد» فى الحصول على الماجستير ومحاولة الحصول على عمل بالشهادة تواصلت مع رحلته كصنايعى، وكان يشعر بالخجل من ذكر مؤهله أمام «الزبون»، حتى تعود على مهنته ومجاله الجديد.
وبعد فشله فى الحصول على عملٍ بالماجستير قرر الاستسلام لـ«الصنعة» التى أصبحت قدراً له، يخرج به كل صباح باحثاً عن رزقه وزوجته وطفله الصغير، فوق «سقالات» عالية، سقط من فوقها حلمه القديم وسنوات طويلة قضاها من مدرسةٍ إلى الجامعة، كانت حصيلتها مجموعة من الشهادات بلا نفعٍ أو فائدة معلقة على الحائط أو حبيسة فى الأدراج.