الدستور الإخوانى قد وُضع بذكاء وخبث شديدين، وكل مادة قد أقاموا بناءها بجوار مواد أخرى تمثل فى نهاية الدستور كياناً قوياً يوافق ويخدم هواهم وأغراضهم فى تنفيذ مخططهم، ولقد أسسوا وفقاً لهذا الدستور لإنشاء جماعات الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فى صفقة مع السلفيين المنادين بهذه الجماعات، حتى يُقسم الدستور بين فصائل الإسلام السياسى؛ لكل جماعة وفصيل مجموعة من المواد تخدم مصالحهم وأهواءهم، ليجد المواطن المصرى فى نهاية الدستور نفسه أسيراً لكل فصيل إسلامى ومحاصراً بمجموعة من المواد الدستورية تعكر صفو حياته وتحيلها إلى جحيم وعذاب، ولذلك فلقد أصبح تأسيس هذه الجماعات أمراً قانونياً ودستورياً وفقاً لدستور 2012 يقبله المجتمع رغماً عن أنفه ومجبراً على قبوله دستورياً ومقهوراً عليه جبراً وإرهاباً بالحشد الجماعى للإخوان وغيرهم، تارة أمام المحاكم وتارة أمام الأقسام وأجهزة الإعلام بالشوم والسنج والمطاوى، لإرغام الشعب على نهجهم ومطلبهم.
لاحظ: المادة العاشرة من دستور 2012: «الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق والوطنية، وتحرص الدولة والمجتمع على الالتزام بالطابع الأصيل للأسرة المصرية وعلى تماسكها واستقرارها».
والمادة الواحدة والثلاثون: «الكرامة حق لكل إنسان، يكفل المجتمع والدولة احترامها، ولا يجوز بحال إهانة أى إنسان أو ازدراؤه».
وبالتالى فهذا الدستور الإخوانى وفقاً لما جاء بالمادتين قد أعطى للمجتمع حق تقويم المواطن إذا لم يلتزم بالطابع الأصيل للأسرة المصرية، ولا مانع من أن يكون الطابع الأصيل للأسرة وفقاً للطابع الأصيل للدين الإسلامى ومستمداً منه حسب تعاليمه ووصاياه واتفاق أهل السنة والجماعة، وأعطى أيضاًً للمجتمع حق تقويم وإصلاح أى مخالف لا يحافظ على كرامة الإنسان من إماطة الأذى عن الطريق وانتهاءً بإجبار الإناث على البغاء. ولا أعرف كيف للمجتمع أن يقوم بذلك اللهم إلا إذا كانت جماعة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر هى المنوط بها ذلك. ولم تعرف دساتير العالم أو قوانينه حقاً لسلطان على الفرد لتقويمه وإصلاحه وتهذيبه والحفاظ على كرامته وكرامة غيره والحفاظ على طابع الأسرة السليم سوى سلطان الدولة والقانون؛ لأن كلمة المجتمع تفتح المجال رحباً لكل من يحاول إصلاح أى أمر أن يقومه بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، وإن لم يستطع فبقلبه وهذا أضعف الإيمان. ولأننا لا نحب المؤمن الضعيف ونحب المؤمن القوى الذى يغير بيده وبسيفه وخنجره، فنحن نبارك المؤمن القوى الذى يُقوم الناس والعباد جبراً وقهراً كهذه الجماعات التى تجبر الناس على الصلاة وهو حق الله على العباد دون رقابة بشرية، وتقف هذه الجماعات لتراقب التزام العباد بأداء الصلاة وهم جلوس على المقاهى والنواصى، ولذلك فقد أخرجنا دستور 2013 من هذا الحرج ومن محاولات الخروج عن قواعد الدولة وسلطانها. اذكروا معى كيف بدأ دستور الإخوان وظهور جماعات الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر التى ظهرت بتعليمات النظام ورئيسه المعزول لاختبار مدى قبول هذا الشعب الطيب للخدعة والكذب لرئيس باع الوطن لفصيله السياسى، ولقد كان لظهور هذه الجماعات منطق التسلل والحرص الشديد عند ظهورهم فى المشهد السياسى ليبدو منفصلاً عن النظام الحاكم، لكنه بكل تأكيد كان جزءاً لا يتجزأ من لعبة إرساء قواعد النظام الفاشى وفقاً لدستور إخوانى خبيث.
ولقد حذف الدستور الجديد كلمة المجتمع من كافة بنود الدستور السابقة، ليصبح السلطان للدولة والقانون ولا سلطان فوقه ولا سمع ولا طاعة لغيره.