حكايات الستات على مقهى شعبى فى «بولاق»: آه من الرجالة
«شادية» وزبائنها من السيدات فى المقهى
فى الصباح، لا صوت يعلو فوق صوت المرأة داخل أحد مقاهى منطقة بولاق الدكرور.
تُقبل عليه سيدات فى مرحلة الأربعينات فأكثر، يجلسن على الكراسى الخشبية، بداية من التاسعة صباحاً، ويطلبن مشروبات ساخنة وباردة، كادت تحفظها صاحبة المقهى شادية أحمد، 55 عاماً، من كثرة تردّدهن على المكان وطلبهن لها.
تُقبل عليه السيدات منذ الـ9 صباحاً ويغادرن عصراً ليحل محلهن الرجال
أحاديث متبادلة تدور بين السيدات و«شادية» طوال فترة بقائهن فى المقهى، فلا تجد صاحبة المكان حرجاً فى أن تحكى معاناتها وضغوط الحياة والظلم الذى تتعرّض له لهن، وعلى الجانب الآخر، يروين هن حكايات لا تقل صعوبة عما سبقها، كل واحدة تحاول التهوين على الأخرى، وفى أحيانٍ أخرى تتحول الجِلسة فجأة إلى وصلة ضحك.
مدام «منال»، زبونة دائمة للمقهى، تشرب كوباً من الشاى بجنيهين كل صباح، وتحكى بعد أول رشفة عن خوفها من حذف بطاقة التموين: «أنا أرملة من 12 سنة، وباقبض 450 جنيه، وسمعت أن وزارة التموين بتحدّث البطاقات وتحذف ناس، وخايفة على بطاقتى»، ثم تستكمل حديثها عن كونها بلا عمل منذ شهرين، بعد غلق العيادة التى كانت تعمل بها: «قعدة البيت وحشة، ومعايا بنات، ونفسى يعيشوا مرتاحين».
بينما تشرب كريمة «أم نور»، فنجان قهوة بـ4 جنيهات، وتحكى عن عملها فى مجال الخياطة، وخوفها على أبنائها، خاصة بعد طلاقها: «يوم أشتغل ويوم لأ، ونفسى أحقق لعيالى حياة أحسن من اللى عِشتها».
تدير «شادية» المقهى منذ 4 سنوات بعد وفاة زوجها، فكان لزاماً عليها الخروج للعمل، للوفاء بالتزاماتها ومصاريف ابنها «محمد» وبناتها الخمس. تعلمت كثيراً من مهنة تصفها بالـ«صعبة»، فإن كانت تتعامل فى الصباح مع زبائن من السيدات، تحتك بالرجال عصراً وفى المساء: «الستات كويسين وحنينين، أما الرجالة فمتعبين».
الدفع على النوتة هو أسوأ ما تواجهه «شادية» فى تعاملها مع الرجال: «يشربوا ومايدفعوش، عندى زباين عليهم فلوس من العيد الصغير بالـ300 والـ400 جنيه». طيبتها وتهاونها فى أخذ حقها، كان سبباً فى مماطلة الزبائن عن الدفع الفورى، خاصة الشباب: «منهم اللى بيصعب عليا، مافيش فلوس ونفسه يشرب فنجان قهوة ولا كوباية شاى.. أكسفه وأقول له ماعنديش؟ ماقدرش أعمل كده».
أرست «شادية» قاعدة داخل المقهى، وهى أن من يطلب شيشة عليه أن يخدم نفسه، فلا تتحمّل مشقة حملها أو إعدادها: «عندى دوالى فى رجلى، ماقدرش».