«العنف ضد المرأة».. «هبة وصفاء» شقيقتان محرومتان من التعليم: «فتحنا عنينا على الشغل»
صورة أرشيفية
فى السادسة صباحاً كانت تستيقظ صفاء محمد، تستقبل يوماً جديداً تحمل فيه أعباء أسرتها التى حملت سد احتياجاتهم على عاتقها، فهى السند الأساسى لجلب الرزق، ترتدى ثيابها الرثة وتصطحب شقيقتها الأصغر، إلى حيث تعملان بأحد مصانع الملابس، تسيران معاً يداعبهما حلم الذهاب للمدرسة كلما رأتا طالبات بزى المدرسة، فهما محرومتان من التعليم ولا شىء يشغلهما سوى تحصيل أجورهما مع بداية شهر جديد.
التحقتا بجمعية أهلية لمساعدتهما فى تعلم القراءة: «نفسنا نتعلم يمكن نقدر نخش تمريض»
من داخل أحد المنازل الفقيرة بعزبة خيرالله الواقعة بمنطقة مصر القديمة، تقطن أسرة مكونة من 8 أفراد، فالأب يعمل بإحدى ورش الأحذية وبسبب إصابة يده أصبح عاجزاً عن العمل، والأم تمتلك ماكينة للخياطة لإصلاح ملابس جيرانها بأجر بسيط، فهى ليست محترفة فى مجال الخياطة، بينما جاء ترتيب صفاء الثانى بين 6 أشقاء وشقيقات، حياة قاسية لا تعرف الترف أو التمتع بمرحلة الطفولة، فمنذ أن فتحت صفاء عينيها، تحملت مسئولية مساعدة أسرتها فى جلب الرزق فكانت تساهم معهم فى صنع أدوات منزلية بسيطة وبيعها، منها السوست والمشابك «كنا بنصنع الحاجات دى فى البيت ونبيعها».
كبرت الطفلة وبلغت الـ12 عاماً، لتجد نفسها ملتحقة بين صفوف العاملات فى أحد مصانع الملابس، لمساعدة أسرتها براتب شهرى ضئيل، فاصطحبت شقيقتها الأصغر معها «فتحت عينيا على الشقا وبنشتغل أى حاجة عشان نجيب فلوس تساعدنا».
نظام صارم وجدته الصغيرة داخل المصنع، فطبيعة العمل هناك لا تلائم فترة طفولتها التى لم تذق شقاوتها يوماً واحداً، فغير مسموح لها بالحديث مع زميلاتها أثناء العمل، أو الانصراف قبل انتهاء موعد العمل، وغيرها من القواعد التى لا تعرف الرحمة «كنت لازم أشتغل كتير عشان آخد المرتب كامل 500 جنيه، ويا ريتهم كانوا بيكفوا حاجة».
تنتهى الصغيرة من عملها وتعود بخطوات مسرعة قبل غياب الشمس، فالحياة فى عزبة خير الله مليئة بالمخاطر تجاه فتيات، ألزمتهن المكوث فى المنزل حفاظاً على سلامتهن «ما ينفعش بنت تنزل بالليل، بيبقى الشباب اللى بيشرب مخدرات موجودين، فالكل بيخاف ينزل».
ومع قلة الأجر من المصنع وكثرة التزامات أسرتها، فضلت أن تترك «صفاء» العمل به، بعد أن بلغت الـ17 عاماً، واتجهت لشراء بعض منتجات التجميل وبيعها بالتقسيط للجيران والمحيطين، ذات الشىء فعلته شقيقتها «هبة» ذات الـ15 عاماً، حينما أصبحت ترتاد منطقة العتبة وشراء الاكسسوارات البسيطة منها وبيعها لمن حولها «الشغل برضه قليل بس الحمد لله، بنحاول ندور على أى مصدر للرزق».
ورغم صعوبة الحياة لكن حلم الشقيقتين فى الذهاب للمدارس يراودهما من حين لآخر، حتى تمكنا من الالتحاق بجمعية أبوالسعود الأهلية، الواقعة بمصر القديمة، لمساعدتهما فى تعلم القراءة «نفسنا نعرف نقرأ، يمكن نقدر نتعلم ونخش كلية التمريض نفسنا ندخلها قوى».