رئيس «مكافحة الفيروسات الكبدية»: كنا نشعر بالخجل أمام الأجانب بسبب انتشار المرض
الدكتور وحيد دوس، أستاذ الكبد بكلية الطب جامعة القاهرة، رئيس اللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية
قال الدكتور وحيد دوس، أستاذ الكبد بكلية الطب جامعة القاهرة، رئيس اللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية، فى حواره لـ«الوطن» إن مصر حققت إنجازاً تاريخياً فى مواجهة «فيروس سى» على مدار الأعوام الأربعة الماضية بعلاج مليونى مصاب، وستحقق «المعجزة» بعد عامين، بإعلانها خالية تماماً من الفيروس فى 2020.
متى بدأت رحلة مصر مع «فيروس سى»؟
- اكتُشف مرض فيروس «سى» فى الولايات المتحدة الأمريكية، فى العام 1989، وطوال عقد التسعينات كانت وزارة الصحة المصرية تهمل مسئولية التعامل مع الفيروس، لدرجة أن أحد المسئولين قال وقتها «مفيش حاجة اسمها فيروس سى»، وكانت محاولات العلاج تتم بالاعتماد على أعشاب صينية، وأمور من هذا القبيل، دون أن يكون هناك جهد حقيقى فى مواجهة المرض.
وقبل عام 2006 لم يكن هناك مريض يعالج على نفقة الدولة، حتى تم إنشاء لجنة قومية لمكافحة فيروس «سى» فى 2006، ومن وقتها بدأ المشروع القومى لعلاج الفيروس، والذى لم يشهد تحولاً حقيقياً إلا فى 2014، عند التوصل إلى دواء السوفالدى، الذى أحدث نقلة نوعية فى رحلة مواجهة المرض عالمياً، ومن حظنا أن الشركة المنتجة كانت لديها رغبة فى الدخول إلى السوق المصرية لأنها سوق كبيرة، حيث كان عدد المصابين نحو 10% من حجم السكان، وفى شهر يوليو 2014 سجلنا الدواء فى مصر، بعد تسجيله فى أمريكا بـ7 أشهر فقط، وحصلنا عليه بسعر قليل جداً.
وحيد دوس: المسح الطبى لمواجهة الفيروس تجربة رائدة بشهادة الأمم المتحدة.. وسعر دوائه فى مصر «واحد على ألف» من سعره عالمياً
هل رخص سعر الدواء الجديد أسهم فى قدرة مصر على مواجهة المرض؟
- بالتأكيد، نحن حصلنا على الدواء بسعر 1200 جنيه، بعد أن أقنعنا الشركة المنتجة بأن تعطيه لنا بأقل الأسعار، فى الوقت الذى كان يباع فى أمريكا بسعر 90 ألف دولار للجرعة التى تكفى 3 أشهر. فى البداية كنا مصدومين من الأسعار، كيف سنحصل على الدواء بهذا السعر الكبير جداً؟، لكن مع المفاوضات تمكنا من الحصول عليه بأقل سعر، والخطوة الأهم فى رحلة العلاج، كانت بتصنيع الدواء محلياً بداية من 2016، وهذا ما ساعدنا على تحقيق المعجزة، خاصة أن سعر العلاج فى مصر يساوى «واحد على ألف» من سعره فى الخارج، وفى بعض الدول العربية.
وبالنسبة لجودة الدواء هل المحلى والأجنبى متساويان فى الكفاءة؟
- لهما ذات الكفاءة، وأنا أستاذ كبد بالجامعة وطبيب، قبل أن أكون مسئولاً عن اللجنة القومية لمكافحة المرض، وأؤكد لك أن كفاءة العلاج المحلى مماثلة تماماً للأجنبى، خاصة أن لدينا 20 شركة تنتجه محلياً، والمنافسة بينها هى التى خفضت سعره ليتراوح بين 800 إلى 1000 جنيه فقط.
وبالتالى فسعر علاج «فيروس سى» فى مصر، يساوى 1 على ألف، من سعره فى الدول الغربية، حيث يتكلف العلاج فى إنجلترا نحو 50 ألف جنيه إسترلينى، وفى أمريكا نحو 80 ألف دولار.
ما نسبة الإصابة بالفيروس عندنا؟
- فى 2008 أجرينا مسحاً طبياً فتبين أن نسبة الإصابة بفيروس سى، تصل إلى 10% من عدد السكان، وفى 2015 انخفضت النسبة إلى 5%، وبإذن الله نحن فى طريقنا للقضاء على المرض، وشفاء الجميع منه بسبب الإجراءات الكبيرة التى تحدث حالياً لمواجهته، والاهتمام الواسع من القيادة السياسية بهذا الملف، على مدار السنوات الأربع الماضية.
عالجنا مليونى مواطن فى عامين.. ومصر خالية من «فيروس سى» 2020.. والحكومة أهملت مواجهة المرض فى التسعينات.. والعلاج كان يعتمد على الأعشاب.. ومسئول قال لنا: «مفيش حاجة اسمها فيروس سى»
ولماذا انتشر المرض بهذا الشكل؟
- لم يكن لدى الدولة أى اهتمام بمواجهة المرض قبل عام 2006، وذلك تسبب فى تفشى الإصابة به، خاصة مع سوء العادات الغذائية وكثرة الملوثات البيئية والصحية.
كم عدد من خضعوا للعلاج خلال السنوات الأربع الماضية؟
- من 2014 إلى 2018 تمكنّا من علاج مليونى مواطن، سواء فى مستشفيات الوزارة أو المستشفيات الجامعية أو العسكرية والتابعة للشرطة، أو مؤسسات التأمين الصحى، وهذا إنجاز تاريخى، أصبحت معه تجربة مصر تجربة رائدة فى هذا المجال على المستوى العالمى.
ذكرت أنه فى 2015 كان لدينا نحو 5 ملايين مصاب، عالجنا منهم مليونين فى آخر 4 سنوات، فكيف نعالج الباقين ونقضى على المرض تماماً؟
- هذا الأمر مهم جداً، وهو ما دفع القيادة السياسة للتوجيه بإجراء المسح الطبى الشامل، الذى تجريه المبادرة الرئاسية للقضاء على المرض حالياً، وهو بدون أى مجاملة أكبر مسح طبى، يمكن أن يتم إجراؤه على مستوى العالم، للكشف عن فيروس «سى»، وخلال عامين بإذن الله سنعالج الباقين، وستكون مصر خالية تماماً من الإصابة بفيروس سى فى 2020.
كنا فى الماضى نخجل أمام الأطباء الأجانب، لأنهم كانوا يقولون لنا «لماذا تتركون بلدكم بهذا الشكل؟، لماذا لا تواجهون المرض؟»، وبصراحة كان الأمر يمثل فضيحة عالمية، حيث وصلت نسبة الإصابة إلى 10% من حجم السكان، لكننا الآن نرفع رؤوسنا بعد الجهد الكبير الذى بذلناه لعلاج المرض، حتى أصبحت تجربة مصر فريدة ورائدة، وبالفعل، وفقاً لتقرير منظمة الصحة العالمية، فإن مصر أصبحت دولة رائدة بين دول العالم فى مجال مكافحة وعلاج فيروس «سى»، وذلك بفضل وجود إرادة سياسية كبيرة، فعندما وجّه الرئيس عبدالفتاح السيسى بمعالجة مليون مريض من الفيروس قلت إن ذلك مستحيل، لكن فعلاً نجحنا فى تحقيق ما هو أكبر من ذلك.