(1) يستحق السيد رئيس لجنة المسابقات فى الاتحاد المصرى لكرة القدم الحصول على جائزة نوبل فى الصبر وطول البال والرضا بالمقسوم. هذا الرجل هو الشخص الوحيد الذى يستمر فى العمل رغم أن كل الظروف فى مجال عمله لا تصلح لتحقيق أى شىء إيجابى أو منطقى أو حتى معقول. هذا الرجل هو الشخص الوحيد فى العالم الذى يستخدم أياماً وأسابيع وشهوراً غير موجودة فى التقويم الميلادى أو الهجرى أو القبطى لعلاج الفجوات الرهيبة فى مواعيد مباريات مسابقة الدورى العام، وهو أيضاً الرجل الوحيد فى العالم الذى يقبل إدارة هذه المسابقة حتى لو انتهى الموسم وأحد الفرق لم يلعب أى مباراة بعد! ثم يعكف سيادته بعد ذلك على وضع جدول مؤجلات لهذا الفريق خلال الموسم التالى، ثم يسمح النظام الهمايونى المطبق فى القطر المصرى بحصول نفس هذا الفريق على بطولة الدورى العام بعد استكمال مبارياته فى موسم تالٍ لتاريخ موسم هذه البطولة!
فى الموسم الكروى الحالى تلعب عدة فرق مصرية فى بطولة أفريقيا وبطولة الكونفيدرالية والبطولة العربية، ويتم بالتالى تأجيل كل مبارياتها إلى أن تتفضل بالخروج من هذه البطولات. وفى نفس هذا الموسم يعترض الأمن أيضاً على المواعيد والملاعب، مما يؤدى لتأجيل آخر لمباريات المصرى والإسماعيلى والأهلى والزمالك. وفى ذات هذه المعجنة يقرر الاتحاد المصرى لكرة القدم استضافة بطولة أمم أفريقيا، رغم فشله فى السماح للجمهور بمشاهدة مباريات الدورى العام وكأس مصر أو حتى المباريات الودية، ورغم فشله فى إقامة مباريات الأندية على ملاعبها الأصلية، خاصة فى بورسعيد. ومطلوب من الأخ رئيس لجنة المسابقات استكمال الدورى والكأس واختراع مساحات زمنية للأندية المشاركة فى البطولات الأفريقية والعربية والأخوية، ثم مساحات أخرى لإقامة مباريات بطولة أفريقيا للمنتخبات، ثم مساحات أخرى لمباريات ومعسكرات المنتخب القومى، ثم تأجيل مباريات الفرق التى لها لاعبون دوليون فى المنتخب، ثم التواصل مع الأمن والحكومة لتحديد الملاعب الصالحة للاستخدام (إلخ إلخ إلخ). كل هذا والسيد رئيس لجنة المسابقات صامد صمود الإبل، فقد رزقه الله بأيام غير أيامنا يستخدمها سيادته فى تسكين المباريات الكروية فى هذا البلد العجيب!
(2) الأستاذ حسام عاشور يشغل وظيفة لاعب كرة قدم فى النادى الأهلى منذ عدة سنوات، وهو لاعب أساسى فى الفريق الأول للنادى المذكور، وطوال سنوات عمل الأستاذ عاشور فى النادى كان وما زال مثالاً للتفانى وإنكار الذات، دوره فى الفريق هو إفساد هجمات الفريق المنافس ومنعه من الوصول إلى نصف ملعب النادى الأهلى، وهذا الدور لا يسمح للأستاذ عاشور بأداء أى لون من فنون كرة القدم مثل إحراز الأهداف أو المرور من المدافعين أو تصويب الكرات الثابتة أو صناعة الأهداف أو حتى اللعب النظيف دون ارتكاب فاولات والحصول على بطاقات صفراء وحمراء من الإخوة الحكام، والتزامه الصارم بأداء واجبات مركزه يحرمه من النجومية التى يتمتع بها اللاعبون الآخرون، فلم نرَ حتى الآن شخصاً من جماهير الكرة يحاول التقاط صورة مع الأستاذ عاشور، ولم نسمع طوال عهدنا به هتافات باسم سيادته أثناء المباريات أو بعدها، ولم يحدث فى أى وقت أن حاولت الأندية المصرية أو العربية أو الأجنبية شراء هذا اللاعب لأنهم يعتقدون أنه موظف فى النادى الأهلى، وقانون احتراف لاعبى الكرة لا ينطبق على السادة الموظفين.
الأستاذ حسام عاشور لم يضحك أو يبتسم طوال خدمته فى النادى الأهلى، فهو يشعر دائماً بالحزن والاكتئاب لأن الفرق المنافسة تنجح فى الوصول إلى نصف ملعب فريق النادى الأهلى فى كل المباريات، وأحياناً تستطيع أيضاً إحراز أهداف فى المرمى الأحمر، وهو الأمر الذى يمثل تقصيراً من الأستاذ عاشور فى أداء مهام مركزه أو وظيفته رغم إخلاصه الشديد فى حراسة نصف الملعب لمنع المنافسين من تجاوزه.
الأستاذ عاشور لا يكتفى بالحزن الشخصى عند عبور المنافسين منطقة نصف الملعب، ولكنه يحزن ويكتئب بالنيابة عن كل اللاعبين الآخرين وعن الجهاز الفنى والإدارى وعن كل جماهير وحبايب النادى الأهلى، وهذا هو الإنجاز الحقيقى للأستاذ المذكور.
(3) فى مصر مستنقع راكد عملاق تحتشد فيه كل الآفات والأمراض والأوبئة. وهو مستنقع معنوى أزلى اسمه «ثقافة المجتمع». هذا المستنقع الرهيب يحاول الآن السيد وزير التربية والتعليم التصدى لمهمة تطهيره رغم أنف عموم المصريين الذين يقاومون هذا التطهير بضراوة، ويسخرون من الوزير والوزارة والنظام الجديد، ويشكو بعضهم فى وسائل الإعلام من المستقبل الغامض لأنجالهم فى أولى ثانوى وأولى ابتدائى وأولى حضانة لأن هؤلاء الأنجال لا يعكفون على حفظ الكتب والملخصات ليل نهار كما كان يحدث من قبل، ولا يطالبون بمدرسين خصوصيين كما كان يحدث من قبل، ولا يخوضون حرب المجموع الذى يؤهلهم لكليات القمة مثلما يحدث لطلاب ثانية وثالثة ثانوى حتى الآن.
صحيح أن السيد الوزير لا يملك حالياً كل المقومات البشرية والمادية اللازمة لتنفيذ المشروع التعليمى الجديد، ولكن نقص الإمكانيات لا يعنى توجيه اللوم والسخرية للوزير والمشروع، فليس معقولاً الحكم من الآن على برنامج تطويرى يستحيل استكماله قبل خمسة عشر عاماً على الأقل، وليس معقولاً أيضاً الاستمرار فى النظام الحالى الذى أدى لتدهور بالغ الخطورة فى مستوى التعليم العام والجامعى، فضلاً عن مليارات الجنيهات التى ينفقها الأغنياء والفقراء فى دروس خصوصية لا يفهم منها التلاميذ شيئاً سوى حفظ إجابات الامتحانات التى صارت تتكرر كما هى عاماً بعد الآخر.
السيد الأستاذ الدكتور طارق شوقى يتعرض كل يوم وكل ساعة لهجوم وسخرية من كل فئات الشعب المصرى الكريم، ولكنه ماضٍ فى تنفيذ مشروعه، وأى خطوة يتمكن من تنفيذها تضعه فى مكانة أصحاب الإنجاز القسرى فى هذا البلد، ويمكن أن نضيف له آخرين مثل وزير الكهرباء ووزيرة الاستثمار ومحافظ الوادى الجديد، وقبل كل هؤلاء رئيس قد تختلف معه فى أولوياته أو سياساته الاستراتيجية ولكن يستحيل أن تنكر اجتهاده وحماسه وإخلاصه فى إنجاز ما يراه صحيحاً من المشروعات أو السياسات ولا يتوقف لحظة واحدة أمام وابل الانتقادات التى يواجهها من ضحايا الإصلاح الاقتصادى أو ضحايا ثقافة المجتمع.
(4) أى مواطن شريف استمر شريفاً وقادراً على الوفاء بالتزاماته على المستويين العام والخاص بعد حادث تعويم الجنيه المصرى، يمكنه إضافة اسمه فى مقدمة أصحاب الإنجاز القسرى الإعجازى، وقبل كل السادة الذين وردت أسماؤهم فى الأمثلة المذكورة أعلاه، وإن كان على شىء من العلم بشئون الدين يمكنه أيضاً الاجتهاد وإضافة اسمه لقائمة العشرة المبشرين بالجنة.