كثيراً ما يستفزنى حجم الانشقاقات والانقسامات والصراع داخل العديد من النقابات المهنية.. تلك التنظيمات التى يفترض أنها قامت لتكون كياناً موحداً يضم أصحاب المهنة الواحدة.. وتقدم خدمات اجتماعية وترفيهية لأعضائها.. أو حتى تدافع عن حقوقهم باعتبارهم فئة هامة فى المجتمع.. ولكن يبدو أن بعضها قد تخلى عن دوره الحقيقى.. وانشغل بالسياسة فى بعض الأحيان ليحولها إلى أحزاب غير معلنة.. وتلوث البعض الآخر بمصالحه الشخصية والانتفاع من مقعد النقابة قدر المستطاع..!
والواقع أن التكالب على المنصب يبدو مفهوماً فقط أن تبنينا فكرة الانتفاع واستغلال النفوذ.. على اعتبار أن العمل النقابى هو عمل تطوعى فى المقام الأول.. ولا يحصل من يمارسه على أى مقابل مادى.. فى حين يتصارع البعض فيما بينهم على الظفر به فى غرابة ينتفى معها فكرة التطوع ذاتها.. أذكر تساؤلاً طريفاً انتشر منذ عدة سنوات عن وظيفة السيد جمال مبارك الذى يجعله يشترى الخبز وهو عائد إلى منزله مساء كل ليلة.. فوظيفة أمين لجنة السياسات التى كان يعرف بها هى وظيفة تطوعية لا يفترض أنها تدر عليه دخلاً من أى نوع.
كل ما سبق جعلنى أراقب ما يحدث فى نقابة الصيادلة تحديداً منذ سنوات بالكثير من الريبة.. فحجم الصراعات والحروب التى وصلت لمعارك تمت الاستعانة فيها بالبلطجية وتكسير المكاتب.. وكمية البلاغات التى تم تقديمها للنائب العام بين أعضاء النقابة والنقيب الموقوف تجعل الشكوك تزداد حول فكرة الانتفاع والتربح من مقاعد النقابة المكلومة! بل إن التساؤلات القديمة التى طرحت على السيد جمال مبارك يمكن إعادة طرحها على النقيب الحالى الموقوف والذى أعتقد أنه لا يملك وقتاً لمباشرة عمله كصيدلى بينما يقضى أوقاته فى التدبير لمعاركه العجيبة بينه وبين زملائه.. وفى الرد على البلاغات المقدمة ضده أو التى قدمها هو ضد آخرين!!
الطريف أن مجلس النقابة الحالى لم يقدم شيئاً تقريباً لأعضاء النقابة من مهامه الأساسية.. فلا هو حافظ على حقوقهم أمام وزير الصحة السابق، الذى كان يفعل ما يحلو له فى تسعير الدواء دون أن يتصدى له أحد.. ولا هو وقف ضد سلاسل الصيدليات التى هاجمها النقيب الحالى فى البداية قبل أن يتبنى دفوعها بعد ذلك ويقرها فى تناقض غريب لا يجعله خارج دوائر شبهات الانتفاع بأى حال..!
حتى الموقف الأخير الذى تم فيه الاعتداء على صحفيين أثناء ممارسة عملهم داخل مقر النقابة.. فلا أملك تفسيراً واحداً يمكنه إقناعى بهذا الحجم من التعدى السافر الذى وصل إلى إصابة هؤلاء الصحفيين بإصابات مختلفة وتكسير متعلقاتهم الشخصية لمجرد الصراع على مقعد انتخابى «خدمى» فقط!!
الأمر يبدو أوضح من الشرح.. والنفعية تبدو جلية فى منصب النقيب «الموقوف» الذى يحرص على ألا يفقده مهما كلفه الأمر من استئجار لبلطجية أو استخدام عنف لا يليق بمهنة محترمة كمهنة «الصيدلى».
إن العمل النقابى ينبغى أن يصبح أكثر شفافية مما يحدث الآن.. والمجتمع النقابى إن تخلى عن الاحترام المتبادل بين الأعضاء والإخلاص لفكرة خدمة الزملاء فإنه يصبح عملاً يدعو للخجل أكثر من الفخر بكثير.
أرجو أن يراجع الصيادلة قرارهم بشأن ذلك النقيب الذى لا يليق بهم.. ولا يستحق أن يعبر عنهم بأى شكل من الأشكال.. بل أرجو أن يستوعب كل أعضاء النقابات المهنية ما يتم باستغلال نقاباتهم.. حتى لا يتحول الأمر إلى «سبوبة» أقل ما يقال عنها إنها «غير شريفة»!!