بروفايل| «عبدالغنى».. ملك الأبيض
صورة تعبيرية
ينطلق التصفيق فى القاعة بمجرد لفظ اسمه مدوياً فى فضائها الواسع، يتحرك بخفة شديدة لإخفاء آثار المرض الذى ترك علاماته جلية على جسده الضئيل، يفتح ذراعيه على وسعهما وكأنه يحتضن الحياة بأكملها، اللون الأبيض يؤكد أناقته المعهودة وكأن السنوات الطويلة لم تمر، يطل على المسرح يحمل فى قلبه كلمة للجميع يلقيها بصوت متهدج ملؤه الحب والحماس، لتكون تلك الصورة الأخيرة للراحل سعيد عبدالغنى فى قلوب محبيه، فى ظهوره الأخير عام 2017 فى تكريم المهرجان الكاثوليكى للسينما عن مشواره الفنى المتميز.
بداية تقليدية، حيث لم يختلف الطفل المولود عام 1938، فى إحدى قرى محافظة الدقهلية، عن غيره من الأطفال فى ذلك الوقت، حتى حصوله على الشهادة الثانوية وقرار الالتحاق بكلية الحقوق والتخرج فيها عام 1958، ويبدأ العمل كمحرر صحفى فى جريدة «الأهرام»، ولكن نكسة 1967 لم يكن يقتصر تأثيرها على الجو العام للبلاد، حيث امتد أثرها إلى حياة «عبدالغنى» فسببت جرحاً لم يندمل حتى برحيله، عندما عمل مراسلاً عسكرياً لتغطية حرب 67، وشاهد أصدقاءه يقتلون أمام عينيه، لدرجة أنه بعد انتهاء الحرب عاد إلى منزله أبيض الشعر، متجهم الوجه، حتى إنه طلب من زوجته إخلاء المنزل للجلوس وحيداً، وظل على ذلك الحال لمدة 10 أيام، وفقاً لرواية نجله، ولذلك السبب يرتدى اللون الأبيض دائماً فى ملابسه حداداً على أصدقائه، ليقرر بعد ذلك الانتقال إلى قسم الفن بالصحيفة، لتكون بداية مرحلة جديدة فى حياة «عبدالغنى».
يوسف شاهين كان البوابة الكبرى التى دخل عبرها سعيد عبدالغنى عالم التمثيل، عندما وقع الاختيار عليه ليقوم بدور صحفى ضمن أحداث فيلم «العصفور»، الذى تم عرضه بعد تصويره بعامين، فى 1974، بسبب منع عرضه من قبَل الرقابة، وخلال تلك الفترة شارك «عبدالغنى» فى مجموعة من الأعمال السينمائية والتليفزيونية المميزة منها «المذنبون»، المأخوذ عن قصة نجيب محفوظ وإخراج سعيد مرزوق، بينما يعتبر دوره فى فيلم «إحنا بتوع الأوتوبيس» للمخرج حسين كمال، من أبرز الأدوار التى قدمها على مدار مشواره الفنى، وحصد عدداً كبيراً من ردود الفعل الإيجابية عن دوره، بالإضافة إلى شهادات تقدير، كما كرر التعاون مرة أخرى مع «شاهين» فى «حدوتة مصرية» عام 1982، بالإضافة إلى مجموعة مهمة ومميزة من الأدوار منها «مهمة فى تل أبيب»، «حبيبى دائماً»، «زوج تحت الطلب»، «رسالة إلى الوالى»، كما شارك فى فيلم «حبك نار» للمخرج إيهاب راضى عام 2004، بينما كان ظهوره السينمائى الأخير فى فيلم «نور عينى» عام 2010، قبل أن يغيب منذ ذلك الوقت عن الساحة الفنية بسبب ظروفه الصحية.