«المشروعات الخضراء» تتصدر أولويات القطاع المصرفى فى 2019.. والبنك الدولى يتبنى مبادرة بـ200 مليار دولار
المشروعات صديقة البيئة تخفض الانبعاثات الغازية وتقلل من تغيرات المناخ
أدى اندلاع الثورة الصناعية فى بريطانيا فى الفترة ما بين ١٧٦٠ و١٨٤٠، إلى إحداث تأثيرات واضحة على البيئة، إلا أنه وبالتحديد فى العقدين الأخيرين مع التطور الصناعى العالمى واستخدام سبل ومواد إنتاجية مضرة للمناخ كالفحم، أصبحت المشكلة بالغة الخطورة على المناخ والبيئة والكائنات الحية أيضاً.
لذلك اتجه القطاع المصرفى العالمى إلى تمويل المشروعات صديقة البيئة، والداعمة لخفض الانبعاثات الغازية، التى تقلل من تغيرات المناخ، حيث تلعب البنوك دوراً محورياً فى تشجيع هذه المشروعات الداعمة للحفاظ على المناخ فى الانتشار والوجود فى كل أسواق العالم، خاصة لاستحواذ البنوك على النصيب الأكبر من التمويل عالمياً، ووفقاً لما تقدمه البنوك من شروط ميسرة وفوائد منخفضة تستقطب البنوك المزيد من هذه المشروعات الخضراء.
وفيما يخص القطاع المصرفى المصرى اتجهت البنوك المصرية فى الفترة الأخيرة إلى تنفيذ خطط طموحة تدعم نمو محفظة تمويلات المشروعات الخضراء، والمشروعات الأكثر حفاظاً على المناخ، حيث ذكر جمال نجم، نائب محافظ البنك المركزى فى تصريحات سابقة، أن دعم الصيرفة الخضراء التى تعنى توفير التمويل لدعم الطاقة النظيفة، وتمويل المشاريع البيئية يحتاج إلى حلول عملية مباشرة، مشيراً إلى أن الصيرفة الخضراء قد تكون جزءاً من معايير تقييم البنك المركزى المصرى للبنوك خلال الفترة المقبلة.
كما قام المعهد المصرفى، الذراع التدريبية للبنك المركزى المصرى، بعمل ندوات تدريبية لنشر ثقافة أهمية تمويل المشروعات الصديقة للبيئة والداعمة للحفاظ على المناخ.
دراسة دولية: تغير المناخ سيؤدى إلى نزوح 86 مليون شخص إلى أفريقيا.. و«المركزى المصرى» يدرس دمج «الصيرفة الخضراء» ضمن معايير تقييم البنوك
وأكد المعهد المصرفى أن الملوثات البيئية تلزم كل البنوك فى الفترة المقبلة بضرورة زيادة حجم تمويلات المشروعات الخضراء من إجمالى التمويلات، وإلزام المشروعات الكبيرة بالمعايير البيئية الموضوعة كشرط للحصول على التمويل، خاصة مصانع الحديد والصلب والأسمنت لاحتوائها على معدلات تلوث مرتفعة.
وفيما يخص المشروعات الصغيرة والمتوسطة أشار المعهد المصرفى إلى أنه لا بد من تطبيق المعايير البيئية اللازمة تدريجياً خاصة أن أصحاب هذه المشروعات لا تملك الخبرة لتحويل مشروعاتها إلى مشروعات أقل ضرراً بالبيئة.
وعلى مدار 74 عاماً مضت، لعب البنك الدولى أدواراً اقتصادية متعددة، أهمها مساعدة بلدان العالم منخفضة الدخل على التصدى لتغير المناخ، حيث أعلنت مجموعة البنك الدولى عن أهداف جديدة وطموحة للجهود التى ستبذل بشأن المناخ بالاشتراك مع البلدان النامية، فى مؤتمر الأمم المتحدة الرابع والعشرين بشأن تغير المناخ، حيث يستهدف البنك الدولى فى خطته مضاعفة الاستثمارات إلى 200 مليار دولار على مدى 5 سنوات فى الفترة من 2021 إلى 2025.
وأشار البنك الدولى إلى أنه مع التغيرات المكانية التى يسببها المناخ فى الأراضى الزراعية المنتجة، فإن جنوب آسيا يمكن أن تضم 40 مليون نازح بحلول عام 2050، بينما يمكن لأفريقيا أن تشهد زيادة بنحو 86 مليون نازح.
«الأهلى المصرى» يقدم 60 مليون يورو لمشروعات بيئية.. وداليا عبدالقادر: «العربى الأفريقى» نموذج ناجح فى تمويل «التنمية المستدامة»
وأوضح البنك الدولى أنه نظراً لارتفاع الطلب على التمويل وضخامته ستكون هناك حاجة إلى نحو تريليون دولار فى البلدان الأشد فقراً، لتلبية الالتزامات المناخية بحلول عام 2030، وستقوم المؤسسة الدولية للتنمية بدور كبير فى هذا المجال.
ولم يكن القطاع المصرفى العربى ببعيد عن دعم وتمويل المشروعات الأكثر حفاظاً على المناخ، حيث شهد يوليو الماضى انعقاد مؤتمر «الصيرفة الخضراء الطريق إلى التنمية المستدامة» الذى نظمه اتحاد المصارف العربية بالتعاون مع البنك المركزى المصرى، والذى أثمر عن عدة نتائج مهمة أبرزها ضرورة إنشاء أول صندوق عربى لدعم المشاريع الخضراء البيئية لمواجهة التغيرات المتلاحقة للتغير المناخى، وضرورة طرح المنتجات الخضراء ضمن حزمة منتجات البنوك الحالية، مع أهمية التركيز على دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة الخضراء، واعتبارها ضمن الفئات المستهدفة للبنك، وتشجيع المصارف العربية على أهمية دعم مشروعات الطاقة المتجددة والتكنولوجيا الصديقة للبيئة.
كما حث المؤتمر البنوك المركزية على أهمية البدء فى إعداد التعليمات الرقابية لإلزام البنوك بمراعاة أهداف التنمية المستدامة والصيرفة الخضراء خلال ممارسة الأنشطة المصرفية المختلفة، مع وضع جدول زمنى محدد لمراحل التطبيق وفقاً لأفضل الممارسات والمعايير الدولية.
من جانبه قال أشرف الغمراوى، رئيس بنك البركة مصر، إن البنك يولى اهتماماً كبيراً بالحفاظ على البيئة وتشجيع المشروعات الخضراء، ويعتمد البنك خطة لاستخدام الطاقة الشمسية فى كل المعاملات بشكل كامل خلال السنوات المقبلة، مشيراً إلى أن البنوك تسعى لزيادة حصتها التمويلية فى المشروعات الخضراء والداعمة للحفاظ على المناخ على الرغم من أنها أقل ربحية مقارنة بالقروض الموجهة للمشروعات التقليدية، مما يعكس الدور الاجتماعى الذى تقوم به البنوك، ويحافظ على البيئة بشكل كبير. وأوضح أن البنك يقدم مزايا إضافية للمشروعات صديقة البيئة، أبرزها تقديم دراسات جدوى متكاملة للمشروع، وتقديم الدعم والتدريب الفنى، بالإضافة إلى وضع خطط تسويقية متميزة، وإتمام كل التراخيص اللازمة للمشروع.
«المغربى»: بنك مصر يدرس آليات جديدة لدعم المشروعات صديقة البيئة بشروط ميسرة وفوائد منخفضة.. و«الغمراوى»: 500 مليون جنيه محفظة التمويل المستهدفة لـ«البركة» بنهاية 2019
وأشار إلى أن محفظة قروض المشروعات صديقة البيئة وصلت إلى 150 مليون جنيه، ويستهدف البنك الوصول بها إلى 500 مليون جنيه خلال العام الحالى، مضيفاً أن البنك يعد أول بنك إسلامى تعاون مع البنك الدولى فى عدة مجالات مختلفة، وقد تشهد الفترة المقبلة حصول البنك على جزء من قيمة التمويل المقدم من البنك الدولى لدعم المناخ.
ومن جانبه قال يحيى أبوالفتوح، نائب رئيس مجلس إدارة البنك الأهلى، إن البنك يولى اهتماماً كبيراً بتمويل المشروعات الداعمة للمناخ، والمشروعات الخضراء، خاصة خلال السنوات الأخيرة، بالإضافة إلى أن البنك يراعى الالتزام بالمعايير البيئية عند تقديم تمويلات خاصة بالمشروعات الضخمة.
وأضاف أن البنك الأهلى وقع خلال الأسبوع الماضى عقوداً تمويلية جديدة مع العديد من الشركات التى بدورها تسعى لتحسين البيئة، وذلك بالتعاون مع وزارتى البيئة والبترول بقيمة 60 مليون يورو.
وأوضح أن البنك يستعد لضخ تمويلات جديدة فى مشروعات تخدم البيئة وتحافظ على المناخ وتحقق أهداف التنمية المستدامة، مشيراً إلى أن البنك الأهلى يرحب بالحصول على جزء من قيمة تمويل البنك الدولى الموجه لهذا القطاع.
وفى سياق متصل، قال عاكف المغربى نائب رئيس بنك مصر، إن البنك حالياً يدرس خطة متكاملة لكيفية دعم المشروعات صديقة البيئة، والمشروعات الداعمة للحفاظ على المناخ وأفضل التيسيرات التى سيتم منحها لهذه المشروعات خلال الفترة المقبلة، مضيفاً أن البنك يدرس وضع سبل ترويجية مختلفة تزيد من وعى وثقافة السوق المصرية بأهمية إنشاء مشروعات تحافظ على المناخ، وتوضيح أن جهات الدولة من مؤسسات حكومية وقطاع مصرفى تتضافر لدعم هذه المشروعات الخضراء.
وأضاف أن المشروعات الداعمة للمناخ والحفاظ على البيئة، ستؤثر بشكل إيجابى على الاقتصاد القومى، وستحقق أهداف التنمية المستدامة المرجوة، بالإضافة إلى أنها ستحفز من نمو الاقتصاد الأخضر، مشيراً إلى أن بنك مصر يتفاوض مع البنك الدولى للحصول على جزء من قيمة القرض المقدم بقيمة 200 مليار دولار خلال الـ5 سنوات المقبلة.
ومن جانبها قالت داليا عبدالقادر، رئيس قطاع الاستدامة والتسويق بالبنك العربى الأفريقى الدولى، إن البنك قام بدعم العديد من المشروعات التى تخدم البيئة، كما كان له دور أساسى فى تدريب دفعات على كيفية إنشاء مشروعات تحقق التنمية المستدامة.
وأشارت إلى أن البنك ساهم فى تمويل مشروعات متخصصة فى مجال توليد الطاقة الكهربائية من الطاقة الشمسية بمصر والشرق الأوسط بمنطقة بنبان فى مدينة أسوان، والذى يعتبر من أكبر مجمعات توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية فى العالم بقدرة مستهدفة تصل إلى 1.8 جيجاوات، والذى سيساعد فى زيادة حصة إنتاج وتوليد الكهرباء من الطاقة المتجددة بمصر، مؤكدة أن الطاقة الشمسية ثروة تتمتع بها مصر، التى لا بد أن يتم استغلالها.
وأوضحت أن البنك هو المرتب الرئيسى للتمويل الممنوح لمجموعة شركات سكاتك سولار (Scatec Solar Group) لإنشاء 6 محطات لتوليد الطاقة الكهربائية من الطاقة الشمسية بمنطقة بنبان فى مدينة أسوان بقدرة 400 ميجاوات، وستقوم الست محطات بإنتاج وبيع القوى الكهربائية من الطاقة المتجددة للحكومة المصرية من خلال عقود شراء تمتد لمدة 25 عاماً.
وأضافت «عبدالقادر» أن البنك موّل عدداً من أضخم مشروعات الطاقة المتجددة كونها ركيزة أساسية فى تحقيق التنمية المستدامة والمشروعات المتعلقة بمجال توليد الطاقة الكهربائية من الطاقة الشمسية فى مصر ضمن المرحلة الأولى والثانية من مشروعات برنامج تعريفة التغذية (Feed - in Tariff Program) التى ترعاها الحكومة المصرية.