«الإذاعات الموجهة لإفريقيا».. دور ريادي «فقد بريقه» في انتظار الدعم
صورة أرشيفية
رغم مرور نحو 66 عامًا على إنشاء "الإذاعات الموجهة لإفريقيا"، خمسينات القرن الماضي، لا يزال شعوب القارة يتذكرون دور هذه الإذاعات التي انطلقت من أستوديوهات الإذاعة المصرية عام 1953، للمساهمة في دعم حركات التحرر الوطني في إفريقيا، وربط الشعوب الإسلامية، لكنها صارت "صرحًا فهوى"؛ لعدم مواكبتها التقنيات الحديثة في البث الإذاعي وتهالك معداتها.
وغطت الإذاعات جميع الدول الإفريقية وجنوب أوروبا والأمريكتين، ونجحت في التواصل مع الجاليات المصرية في أستراليا، وعمق الأراضي المحتلة مخاطبة اليهود، ووصلت قوة تأثيرها إلى حد جعل رئيس وزراء إسرائيل، مناحم بيجن، حينئذ، يطالب "السادات" في إعقاب محادثات اتفاقية "كامب ديفيد" تقليص ساعات الإرسال باللغة العبرية وتخفيف حدة خطابها.
وتراجعت فكرة "الإذاعات الموجهة للرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وبعد وفاته انتهى بناء مشروع الإذاعات الموجهة.
وازداد تراجع دور الإذاعات بعد وفاة عبد الناصر، خاصة في عهد الرئيسين "السادات" و"مبارك" نتيجة تراجع دور مصر الإقليمي في المنطقة، وضعف ترددات الإذاعات الموجهة لعدم تطويرها، إذ أن معظمها بث عن طريق موجات قصيرة ومتوسطة، وبالتالي إرسالها يكون ضعيفًا للغاية، عكس ما حدث في هيئة الإذاعة البريطانية "bbc" طورت إرسالها وعملت موجات"fm" لزيادة طول الإرسال، وكان لها بذلك انتشار أكثر فى جميع دول العالم، بعكس ما حدث في مصر بتراجع دور إذاعاتها الموجهة.
وكانت "الإذاعات الموجهة" بالإذاعة المصرية تضم 17 إذاعة موجهة، وتبث بـ 23 لغة، بلغات أهلها إضافة إلى الإنجليزية والفرنسية، وكان عدد ساعات البث يوميًا 61 ساعة، يعمل بها 4500 شخص مابين إداري ومذيع.
وتراوح عدد ساعات عملها ما بين أربع ساعات إلى نصف ساعة يوميًا، وإجمالي ساعات البث 72 ساعة أسبوعيًا؛ لزيادة الترابط بين شعوب القارة، وأبرزهم السواحيلية.
في عام 2006 ألغى ممدوح البلتاجي وزير الإعلام الأسبق سبع إذاعات، وتقليص الموجود منها إلى عشر إذاعات فقط، وتقليل ساعات البث من 72 ساعة إلى 20 ساعة فقط، بدعوى ترشيد النفقات.
وتعاني "الإذاعات الموجهة" الآن من سوء الخدمات بسبب تهالك الأجهزة الفنية الخاصة بها، ومعاناة إصلاحها. كما أن الشبكات المصرية مازلت تعمل بنظام الموجات القصيرة ولم يعد يتوفر لها قطع غيار في العالم، وتحتاج إلى التغيير لموجات "FM"بميزانية مالية ضخمة جدًا لا تقدر الإذاعة المصرية عليها في الوقت الحالي.
شرعت الإذاعة المصرية عام 2017 بعمل بروتكول تعاون مع "رواندا" لبث الإذاعة الموجهة لها عبر القمر المصري" النايل سات" وتحويلها إلى نظام ""FM عبر موجتها الداخلية، ولكن لم تحل مشكلة وصول إلإذاعة مشوشة لبقية الدول الإفريقية.
وكان من أشهر برامج الإذاعة الموجهة: "الحقيبة الإفريقية"، وتبث باللغة السواحلية، وتستعرض العلاقات الإفريقية والتعاون من أجل التنمية، و"حكايات إفريقية"، برنامج فني وثقافي يتناول تاريخ مختلف الحضارات الإفريقية، و"بين السياسة والتنمية" ويقدم باللغة الأمهرية، ويلقي الضوء على المشروعات المصرية في قلب الدول الإفريقية المختلفة، و"مصر تتحدث عن نفسها" ويعرض باللغتين الفرنسية والأمهرية، ويرصد الرؤى المصرية في العلاقات مع دول حوض النيل.
ومن جانبها قالت الإذاعية نادية مبروك رئيس الإذاعة المصرية، إن "الإذاعات الموجهة" تحتاج إلى اهتمام شديد في الفترة الحالية، خاصة بعد أن تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي قيادة "الاتحاد الإفريقي".
وأضافت"مبروك" في تصريح خاص لـ"الوطن" أن "الإذاعات الموجهة" تحتاج إلى عملية صيانة كاملة وتزويدها بأجهزة فنية حديثة، وتجديد شبكات الإرسال الخاصة بها، وإعادة بث بعض الإذاعات التي أغلقها وزير الإعلام الأسبق ممدوح البلتاجي، وإعادة زيادة ساعات البث الخاصة بها كما كانت تبلغ من قبل، حيث كانت تتعد الـ 60 ساعة، في حين تبلغ الآن تبلغ 20 ساعة فقط.
وتابعت"مبروك": "أن كثيرًا من البلدان الإفريقية تهتم جدًا بالراديو، لهذا يجب وضع حلول جذرية لمشاكل الإرسال، حيث أن موقع بث "الإذاعات الموجهة" على الموقع الموحد لماسبيرو، ورغم نجاحه إلا أن معظم الشعوب الإفريقية تهتم بالاستماع إلى الراديو، وهذا ما أكد عليه المذيعون الأفارقة الذين يعملون في "إذاعات" ماسبيرو، كما أن بعض الدول لديها رغبة في الحصول على خدمة البث وبثها على موجات "fm".