«عياد» ضيّع فى «السجاد» عمره: بارسم فى دماغى قبل النول
«عياد» يجلس كعادته خلف النول متأملاً الشارع
يجلس عياد نجيب خلف النول، وينظر إلى الشارع من بين خيوطه المتراصة بانتظام، يعمل بيد وبالأخرى يمسك الشيشة، يسحب نفساً عميقاً ويطلقه فى الهواء، مشكلاً سحابة من الدخان تلتف حوله، ثم يستكمل عمله.
تخطى «عياد» الـ75 عاماً، واكتسب خبرة كبيرة فى عمله، ليخرج من تحت يديه سجاد على قدر كبير من الحرفية والإتقان، يغزله بمزاج عالٍ، فلا يرتبط بكم إنتاج، ولا وقت تسليم، ويعمل بحب من أجل المتعة، وليس التكسّب كما كان يفكر فترة الشباب.
يتوقف كثيرون أمام ورشته لمشاهدته وهو يعمل، يتحدث إليهم ببطء شديد وصوت هادئ عن المهنة التى بدأها شاباً: «بقالى أكتر من 50 سنة بارسم السجادة فى دماغى وأتخيلها، وأقعد أنفذها، باجيب الخيط، وبيتلف على بكر، ويتركب فى البدالات وأبدأ».
السجاد اليدوى أفضل كثيراً من الآلى، وجهة نظر يرفض «عياد» تغييرها: «فيه حاجات ماينفعش فيها شغل المكن، لأنها عايزة روقان مش سرعة وكروتة، واليدوى بيكون أمتن».
داخل الورشة يعرض «عياد» سجاداً يعتز بصناعته، ويناديه البعض بـ«الفنان»، فيخرج دخان الشيشة من فمه ويرد عليهم: «الناس تقول لى يا فنان ماشى، بس أنا ماقولش، لأن الفنان مايقولش على نفسه فنان».
لا يشكر فى صناعته، لكنه يرى أن العامل المصرى هو الأفضل على مستوى العالم: «لما بيشتغل بضمير بيطلع إنتاج عظيم، وأحسن من أى حد»، لكنه يخشى من قلة الصناع المهرة لحمل الراية بعد جيله: «المهنة ماخلصتش، لكن الصنايعى بيموت، مابقاش فيه براعم عايزة تتعلم زى ما إحنا اتعلمنا وقدمنا للمهنة، حتى أولادى الـ6 رفضوا يتعلموا، ومش فى دماغهم».
تختلف مدة صناعة السجادة وفقاً لمزاج «عياد» فى العمل: «إنتاجى قل طبعاً والمجهود كمان، بس الفكر أهم».