لا يرتدى جلباباً ولا لحية له، لا يعرف القرآن بل يكرهه، ولا البخارى بل يمقته، لم يتخرج فى الأزهر الذى يتهمه العلمانيون العرب زوراً بتخريج الإرهابيين، لم يطالع كتب السلف، لم ينضم لحركة إسلامية، لم يقرأ لابن تيمية، بل عاش فى أستراليا، ابن الحضارة الغربية التى يُسبّح البعض بحمدها ناسين وجهها السياسى القبيح بقتلها لمليون جزائرى، وآلاف الليبيين وسجن النساء والأطفال والشيوخ فى معسكرات اعتقال بليبيا، واحتلال وتقسيم أوطاننا.
تحرك بحقد يكفى لحرق العالم، يحمل بندقية حديثة كُتب على ماسورتها اسم شارل مارتل، القائد الفرنسى، الذى هزم المسلمين فى «بلاط الشهداء»، وكتب عليها «ضد اللاجئين»، وشعار: «أهلاً بكم فى جهنم»، مبشراً قتلاه، ناسياً أنه الأجدر بها.. وكأنه ملك مفاتيح الدنيا ليخرج المصلين منها، ومفاتيح الآخرة ليزجّ بالمسلمين فى جنهم.
عنصرى إرهابى من طراز فريد يفخر بأمثاله حتى قبل جريمته، فكتب على دبشك بندقيته «أنطون لوندين» الإرهابى المسيحى الذى قتل طفلين مسلمين مهاجرين فى السويد دون وازع من ضمير، وكتب على الخزنة اسم «ماركو أنطونيو»، قاتل الأسرى الأتراك رغم المعاهدة التى تحفظ سلامتهم.
لم يرد أن تفوت لحظات جريمته دون أن يشهد العالم عليها، وكأن الله ساقه ليعلم الناس براءة الإسلام والأديان من جنون الإرهاب.
تحرك إلى المسجد، قتل كل من قابله، نساءً وشيوخاً وأطفالاً، وأسراً أبادها، كان يتلذذ بقتل المصلين، أعاد شحن بندقيته مرات، خزنة واحدة لم تكف حقده، قتلهم من بعيد، ثم أجهز عليهم بطلقاته الآثمة على رؤوسهم.
جريمة كاملة ومنظمة، ذهب إلى مسجدين، أجهز على مَن فيهما، الغريب أنه لم يعترضه أحد، أو يسرعوا لإنقاذ الضحايا، أين الشرطة والأجهزة المعنية؟
تمت المذبحة كما أراد، وسال الدم الطاهر النقى البرىء على سجادة الصلاة، قتل الرّكع السجود بدم بارد، وكأنه يتلذذ بقتلهم، وهو لم يعرف المسيح بن مريم يوماً، ولن يعرفه، المسيح ورسالته منهم براء.
المسيح رمز السماحة والعفو والصفح حتى لمن أساء إليه، مال هؤلاء والمسيح، فمعظم ساسة الغرب أقرب للمسيخ الدجال منهم للمسيح بن مريم.
أمريكا قتلت مليون فيتنامى بدم بارد، وقتلت مليون عراقى، وقسّمت العراق وسلمته غنيمة باردة للميليشيات، وقتلت فى أفغانستان قرابة 1/5 مليون، وخلّفت 100 ألف معوق، بألغامها وشراكها الخداعية الحديثة، أكثر شعوب الغرب مسالمة لكن ساستهم لهم وجهان: ملائكى مع شعوبهم، وشيطانى مع أمتنا.
آن الأوان أن يكف العالم عن ترديد أكذوبة «الإرهاب الإسلامى»، فالإرهاب لا دين له ولا وطن، وهو خلل فى الإنسان وليس فى الإسلام، هم أحفاد قابيل، هتلر كان مسيحياً وتسبّب فى قتل 60 مليوناً.
لكننا لا يمكن أن نقول يوماً إن تعاليم المسيح هى التى دفعته لذلك، فالمسيح وتعاليمه وكل الرسل بريئون من الإرهاب والإرهابيين فى كل زمان ومكان.
رسالات الأنبياء شريفة نظيفة نقية طاهرة تستمد نورها وبركتها وخيريتها وصفاءها من رب العالمين المحبوب الأعظم سبحانه.
الإرهاب سواء صدر من مسلم أو مسيحى أو يهودى، فهو فروع لشجرة واحدة رُويت بماء الكراهية والتطرف، كما قال الإمام الأكبر د. الطيب.
الإرهاب ليس صنيعة الإسلام والأديان، ولكنه صنيعة السياسة وتجار السلاح وعقول البرابرة المجرمين.
لقد كتب هذا الإرهابى على حسابه فى الفيس بوك كلمات يغمرها الحقد على المسلمين الذين يعيشون كمواطنين فى أوروبا، سمّاهم بالغزاة، وطالب بسحقهم وترحيلهم، وتمنى أن يقتل أكبر عدد ممن سمّاهم «بالغزاة» مع كثير من الخونة، «أى الوسطيين الأوروبيين»، وقال: «إن لم أنجُ من الهجوم، فوداعاً وليبارك الله، وسوف أراكم فى الآخرة»، إنه يقتلهم أيضاً باسم الله، وكأنه وداعش وجهان لعملة واحدة سُقيت بماء الكراهية والحقد والعنصرية.
سلام على شهداء مسجد النور بنيوزيلندا، سلام على الشهداء فى كل زمان، ورُب ضارة نافعة.