الأزهر يتحدى البرلمان في "الأحوال الشخصية".. ونواب: "ليس جهة تشريع"
الأزهر يتحدى النواب بمشروع قانون للأحوال الشخصية
فيما يستعد "الأزهر" للانتهاء من مشروع قانون جديد للأحوال الشخصية، لتقديمه للحكومة، اعتبر عدد من أعضاء البرلمان وقانونيين أنه بذلك يتجاوز اختصاصاته، فضلًا عن كونه يتجاهل الرد على مطالبة مجلس النواب له بإبداء الرأي في مشروعات أخرى قدمها نواب.
وعقدت هيئة كبار علماء الأزهر، برئاسة الإمام الأكبر الدكتور احمد الطيب شيخ الأزهر، اجتماع اليوم، لمناقشة الصيغة النهائية لمشروع قانون الاحوال الشخصية والذي تعده الهيئة منذ أكتوبر2017.
وقال الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار علماء الأزهر لـ"الوطن"، إن الهيئة راجعت مشروع القانون بالكامل، وستقدم بنسخه منه لمجلس النواب وأخري للحكومة، حيث عقدت اللجنة المشكلة من القانونين والمتخصصين أكثر من 30 اجتماعًا، لصياغة مواد القانون، ليجمع أحكام الأحوال الشخصية والأسرة، في إطار نسق قانوني واحد، يتسم بالشمولية والتجانس.
وأكد الدكتور محمود مهني، عضو الهيئة، أن القانون الذي أعده الأزهر يشمل 140 مادة، وأجريت تعديلات في مواد الرؤية والحضانة والاستضافة والنفقة، والخطبة، والشبكة وعقد القران.
وأضاف مهني، أن هيئة كبار علماء الأزهر أيدت إبقاء سن الزواج للولد والفتاة عند سن 18 عاما، وتكون الشبكة جزء من المهر أو المهر ذاته حسب ما تتفق عليه الأسرتين، كذلك استشارة الفتاة في خطبتها وعدم إجبارها على الزيجة، فالإسلام نهي عن إجبار الفتاة والسيدة.
وكان الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، أعلن في الأول من يناير، أن الأزهر لن يترك قانون الأحوال الشخصية لغير العلماء، قائلاً: "الأزهر ليس جهة تشريع ولا دخل له بالتشريعات، لكن حين يتعلق الأمر بقوانين مصدرها الشريعة الإسلامية فلا يترك الأمر لغير العلماء"، واصفًا الاعتراض على إعداد الأزهر لقانون في هذا الشأن بـ"العبث".
وتنظم مسائل الأحوال الشخصية في مصر حاليًا 4 قوانين، هي 25 لسنة 1920 وتعديلاته، و25 لسنة 1929 وتعديلاته، إضافة إلى القانون رقم 1 لسنة 2000، والخاص بإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية، والقانون 10 لسنة 2014، والخاص بإنشاء محاكم الأسرة، وتنظم تلك القوانين مسائل الزواج والطلاق والخلع والنفقة والحضانة والإرث والوصية للمسلمين.
وطالب المستشار عبدالله الباجا، رئيس محكمة الأسرة، طالب مجلس النواب بسرعة بدأ مناقشة مشروعات قوانين الأحوال الشخصية خاصة بعد وضوح وجهات نظر من جميع الجهات القائمة على مشروعات قوانين من نواب، والمجلس القومي للمرأة، ومؤسسة الأزهر، مؤكدًا أن مشاركة الجميع بتقديم ملاحظات ومقترحات شيء صحي حتى نصل لقانون يرضى جميع الأطراف ويحل المشاكل الموجودة في القانون الحالي.
وانتقد الباجا، قانون الأزهر، قائلا: إنه جاء بأجندة دينية بحتة وهذا لا يصح، لأن العلم بالقانون والحياة ليس له علاقة بالدين وفي النهاية ما يحقق العدالة هو الذي يسري.
وأضاف أن الأزهر له فكر معين في القانون حيث أنه لا يوجد سن محدد للحضانة في الشريعة الإسلامية، وأن يكون الاصطحاب بموافقة الحاضن وهذا غير مقبول.
واستنكر الباجا، عمل الأزهر مكافأة للزوجة، قائلا: إن ذلك لا أصل له في الشريعة الإسلامية، كما أنها ليست علاقة عمل كي تستحق الزوجة مكافأة نهاية الخدمة، وكون أنهم أبتلوا بالطلاق فهذا لا يجعل لها حق بأخذ مكافأة فمن الممكن أن تكون هي السبب في الطلاق ولا تريد الاستمرار في العلاقة.
وأكد أن مشروع الأزهر يغلب عليه الطابع النظري والفقهي الجدلي الذي لا يتناسب مع الواقع العملي الذي تعيشه الدولة، فإذا دخلنا الي الفقه الجدلي، لن يستطيع القاضي تطبيق القانون، وهناك مشروعات مقدمة من مجلس النواب أظنها أنها مناسبة بشكل كبير، منها مشروع قانون مقدم من النائب محمد فؤاد.
- الأزهر ليس جهة تشريع
واعترض النائب محمد أبو حامد، وكيل لجنة التضامن بمجلس النواب، على إعداد الأزهر لمشروع قانون، قائلا: "الأزهر جهة استطلاع رأي في المسائل الدينية، وقانون الأحوال الشخصية قانون مدني بالدرجة الأولى، فيه مواد تتماس مع الدين، وطبقًا للدستور والمادة الثانية يتمّ استطلاع رأي الأزهر فيه فقط".
وطالب الدكتور محمد فؤاد، عضو مجلس النواب، البرلمان بسرعة إعادة استئناف المناقشات حول قوانين الأحوال الشخصية المقدمة له من قِبل النواب، وعدم تعطيلها انتظارا للحكومة أو للأزهر أو المجلس القومي أو أي جهة أخرى، وخاصة إننا بحاجة لإعادة الاستقرار للمجتمع والسيطرة على ارتفاع معدلات الطلاق.
وقال فؤاد، إن قانون الأحوال الشخصية الحالي أحد أكبر أسباب زيادة نسب الطلاق، خاصة أنّه لم يعد مناسبا مع التغيرات التي طرأت على المجتمع وعلى حياة المواطنين خاصة، وعلى منظومة العمل الحكومي بشكل عام، ما تسبب في زيادة معاناة النساء والرجال والأطفال على حد سواء.
وانتقد تجاهل الأزهر مشروعات قوانين الأحوال الشخصية التي تقدم بها نواب البرلمان التي تم إحالته له لإبداء رأيه بها، منذ مارس 2018، متابعا: "الأزهر ينحي مشروعات القوانين التي قدمت له، ويريد أن يفرض مشروع قانونه، وهو دستوريا لا يستطيع أن يتقدم به لمجلس النواب لأنه كما أكد شيخ الأزهر نفسه في أكثر من مرة أنه ليس جهة تشريع".
وشدد فؤاد، على أنّه رغم مخاطبة البرلمان لجهات إبداء الرأي أكثر من مرة، لإرسال ملاحظاتها على مشروعات قوانين النواب الخاصة بالأحوال الشخصية، للبدء في جلسات الحوار المجتمعي، وإصدار قانون جديد، اتساقا مع رؤية الرئيس وتوجيهاته، إلا أنّ جهات إبداء الرأي لم تلتزم بالمهلة التي منحها لها مجلس النواب، ولم تلتفت لتوجيهات الرئيس، ما يحتم علينا كنواب عن الشعب وتنفيذا لتوجيهات الرئيس، البدء في جلسات الحوار المجتمعي لمناقشة مشروعات القوانين المقدمة من النواب.
وأشارت النائبة هالة أبو السعد، عضو مجلس النواب، إلى أن إعداد مشروعات القانونين ليس من ضمن اختصاصات الأزهر، وكان سببًا مباشرًا في تأجيل مناقشة البرلمان لمشروعات قوانين الأحوال الشخصية المقدمة من النواب، بسبب تأخره في إرسال رده وموقفه منها إلى اللجنة التشريعية.
وانتقدت أبوالسعد، مشروع قانون الأزهر الخاص بالأحوال الشخصية، قائلة: إنه قائم على أساس إنصاف طرف دون الآخر، وتجاهل مصلحة الطفل التي يجب أن تكون المرجع الأساسي للقانون.
وشددت على أن الأزهر ليست جهة تشريع ودورها في قانون الأحوال الشخصية هو إبداء الرأي في المواد قطعية الثبوت والدلالة، ولا يوجد أسبابا منطقية لإعداد الأزهر قانونا متكاملا.