قائد سرب 89: «السادات» زارنا قبل المعركة وقال «هنحارب وبعدها نتفاوض منتصرين»
اللواء طيار ساجي لاشين
قال اللواء طيار مقاتل ساجى لاشين، قائد سرب 89 قاذف، إن حرب أكتوبر كانت من أعظم الحروب التى مرت بالجيوش العسكرية فى العصر الحديث، والتى علمت العالم حرفية فنون القتال والخديعة، معتبراً أن حجر الأساس للظفر بهذا الانتصار يكمن فى إرادة المصريين جميعاً وليس فقط لدى رجال القوات المسلحة. وأوضح، لـ«الوطن»، أن لحظة وضع العلم على أرض سيناء بعد تسلمها كاملة باستثناء طابا كانت لحظة فارقة كأنها الدرة التى توجت انتصارات أكتوبر، مؤكداً أن هذه اللحظة كان ينتظرها كل المصريين بفارغ الصبر وليس رجال القوات المسلحة وحدهم.. وإلى نص الحوار:
اليوم نحتفل بالعيد السابع والثلاثين لتحرير سيناء.. كيف عشت مشاعر هذه اللحظة عندما تسلمنا أرض الفيروز؟
- لحظة لا تنسى.. لحظة فخر حقيقية جاءت بعد جهود عديدة عندما تسلمنا الأرض وتم رفع العلم المصرى على سيناء فسجدت لله شكراً ودموعى تساقطت منى وكل جسدى انتفض بعد جلاء الجنود الإسرائيليين عنها كأنها ولادة جديدة بالنسبة لى ولكل مصرى، ووقتها فقط شعرت بأن انتصار أكتوبر تم تتويجه.
كان مشوارك مع القوات المسلحة طويلاً ومليئاً بالصعوبات حتى الوصول إلى معركة العبور..
- بعد حصولى على الثانوية العامة التحقت بالقوات الجوية فى عام 1960 وكان عمرى وقتها 16 عاماً وتخرجت فيها عام 1963، وكانت مهمتنا الدفاع عن سماء مصر وحماية أرضها، وخلال مسيرتى العسكرية حصلت على العديد من فرق التدريس إلى أن شاركت فى الحروب الثلاثة بداية من حرب 1967 ثم حرب الاستنزاف انتهاء بانتصارات أكتوبر المجيدة وكنت وقتها قائد السرب 89 قاذف قاتل مستقل فى الحرب.
كيف عشت كواليس ما قبل حرب أكتوبر 1973؟
- لم يكن أحد يعلم بموعد الحرب، فكنا دائماً فى حالة تأهب لدرجة أن السؤال الوحيد الذى يسمعه أى قائد فى ذلك الوقت كان «إمتى هنحارب يا أفندم؟»، وكان الرد أن كل شىء بأوانه، وأتذكر أن الرئيس السادات جاء إلى القاعدة الجوية قبل حرب أكتوبر بـ3 شهور فى يوليو للاطمئنان على أحوال القوات وقال: «عارف إنكم قلقانين من حالة اللاسلم واللاحرب إنما هنحارب هنحارب، ولازم نرجع كرامة الجندى المصرى بعد نكسة 67، ولازم نقنع إسرائيل بأن خط بارليف مش هو اللى هيحميها ولازم نرجع سيناء بمدنها شرم الشيخ ورفح والعريش ولا بد نعيد فتح قناة السويس للملاحة مرة أخرى ولكن لازم نحقق ما نريد وبعدها نقعد نتفاوض من كرسى المنتصر لا المنهزم»، وبعد هذا الحوار أيقنت أن الحرب اقتربت.
شيخ الأزهر زار الوحدات وأفتى بجواز إفطار الجنود فى القتال لكنهم رفضوا وحاربوا صائمين.. وتحرير طابا توّج انتصارات أكتوبر
وهل كان توقيت الحرب الذى تزامن مع شهر رمضان له تأثير عليكم؟
- بعض الفئات كان الصوم يؤثر عليها، لأن الطيار المقاتل يحصل على وجبة بها سعرات حرارية تفوق المواطن العادى، المواطن يحصل على 2000 كالورى فى اليوم بعكس الطيار يحصل على 11 ألف كالورى يومياً بمعنى إفطار وغداء وعشاء لحوم، ولكن جاءت الساعة الحاسمة باختيار 10 رمضان قبل اكتمال القمر بثلاثة أيام على أن يكون العبور 6 أكتوبر، 3 أيام قبل القمر و3 بعده، لأن الإضاءة ستكون طبيعية وستساعد الطيار والمقاتل على الأرض، لافتاً إلى أن شهر رمضان هو شهر القتال والانتصارات لتحرير الأرض منذ عهد الرسول.. وفاجأنا شيخ الأزهر بزيارته الوحدات وجلس مع الجنود قبل المعركة وأفتى لهم بجواز الإفطار أثناء القتال ولكن الجنود أصروا على الصيام.
اللواء طيار ساجى لاشين: أبطال كثيرون أكملوا الحرب وهم مصابون.. و"مبارك" اتصل بى وقال لى "لو حطيت رجلك فى الطيارة هاكسرها لك"
ما أهم المواقف الصعبة التى عشتها خلال الحرب؟
- يوم 23 أكتوبر قمت بطلعة جوية لتنفيذ مهمة وعند خروجى تم إصابة طائرتى بصاروخ «جو- جو» بعد محاصرة 4 طائرات ميراج إسرائيلية وسط الاشتباكات، فقمت بإنزال ضابطين برتبة ملازم أول وضربت الطائرة التى أمامى بمدفع فقاموا بضربى برشاشات فسقط جناح طائرتى الأيمن وبعدها الطائرة اشتعلت فحاولت القفز لكن المحاولات باءت بالفشل ثم بدأت أقرأ قرآناً مسترجعاً شريط حياتى بعد أن ارتفع مؤشر حرارة الطائرة وقاربت على الانفجار فجاء طيار إسرائيلى وضرب الجناح الأيسر فسقطت ثم نزلت بالباراشوت وحاول أن يضربنى بعد نزولى عند الكيلو 101 شمال أو جنوب جبل عويد إلا أننى اختبأت خلف الجبل فشاهدنى العقيد حمدى الشهابى وأنقذ حياتى أثناء سيره بسيارته مع جنوده وبعدها رجعت المطار بعد 4 ساعات، وكان الرئيس السابق مبارك، قائد القوات الجوية وقتها قد علم باستشهادى وعندما اتصلت به قال لى «ما انت زى القطط بسبع أرواح.. مارحتش المستشفى ليه على طول؟»، فقلت له «عندى طلعات أخرى ولما هاخلصها هاروح المستشفى»، واكتشفت بعد ذهابى للمستشفى أنى كنت مصاباً بكسر فى العصعوص و5 فقرات عصعوصية والقطنية وحروق متفرقة بأنحاء جسمى، وبالليل رحت المستشفى وتم إجراء الكشف والفحوصات وحجزونى ولما صممت أرجع المطار لاستكمال الحرب رفض اللواء طبيب بهى الدين سلامة، مدير المستشفى مغادرتى، وقال: «لا أتحمل مسئوليتك يا ساجى»، واتصل بقائد القوات الجوية لشرح حالتى ورفضى البقاء بالمستشفى فاتصل مبارك بى قائلاً «لو حطيت رجلك فى الطيارة هكسرها لك»، ولم أكن وحدى الذى أحارب وأنا مصاب لكن هناك العديد من الأبطال الذين خاضوا الحرب ببسالة وفداء حباً فى الوطن ورغبة فى الانتصار.