أزهريون: عقد مؤتمر الشؤون الإسلامية عن بناء الدولة تجديد مهم في الفقه
وزير الأوقاف
يعاني فقه السياسة الشرعية من عدم التطوير بشكل كبير منذ فترات طويلة، فالفقه الذي يهتم بشكل الدولة ومكوناتها والعلاقة بين الحاكم والمحكوم، وينظم عمل الدولة ويؤسس لمؤسساتها، لم يزل أسير أفكار ليس لها وجود على أرض الواقع، حيث يدرس طلابه الخلافة والبيعة والحسبة والجهاد وغيرها من الأمور التي طرأ عليها التغيير الكامل وأصبحت من مخلفات القرون الوسطي، وبعد انسحاب كامل لأفكار التطوير أخذت وزارة الأوقاف على عاتقها قيادة التطوير في هذا النوع من الفقه.
وكانت أكبر أوجه التطوير في العصر الحديث لهذا الفقه هو مؤتمر المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، العام الماضي والذي حمل عنوان "بناء الشخصية الوطنية وأثره في تقدم الدول والحفاظ على هويتها" حضره ٥٠ وزيراً ومفتٍ ومسؤولًا وكبار العلماء والباحثين والمفكرين من مختلف دول العالم، وجاء قرار وزير الأوقاف بأن يكون عنوان مؤتمر هذا العام "فقه بناء الدول.. دراسة فقهية عصرية"، والذي اكد بيان الوزارة أن مؤتمر المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية الـ30 سيكون تحت عنوان "فقه بناء الدول.. دراسة فقهية عصرية"، متضمنًا المحاور التالية:
المحور الأول: الأحكام الفقهية المتعلقة ببناء الدول "رؤية عصرية".
المحور الثاني: فقه الدولة وفقه الجماعات.
المحور الثالث: عوامل بناء الدول "العوامل السياسية - العوامل الاقتصادية- العوامل الثقافية- العوامل القانونية".
وأوضح بيان الوزارة، أنه نظرًا للمخاطر التي يتعرض لها بناء الدولة الوطنية، وحرص القوى المعادية على إسقاط دولنا من داخلها، من خلال جماعات متطرفة، أو إثارة نعرات عرقية أو طائفية أو مذهبية داخلها، أو افتعال أزمات، أو حروب إلكترونية، وغير ذلك ما يعرف بحروب الجيل الرابع والجيل الخامس، وعملا على تأصيل نظرية فقهية معاصرة ترسخ لبناء الدولة والحفاظ على كيانها، تقرر اختيار هذا الموضوع.
وقالت الدكتورة آمنة نصير، عميدة كلية الدراسات الإسلامية السابقة، إن الأوقاف لا تفوت فرصة للتجديد إلا واستغلتها، والحديث عن السياسة الشرعية هو حديث عن المسكوت عنه، فشرعية الدول الحديثة والديمقراطية وغيرها أمور تحتاج لتأصيل مؤسسي وليس مجرد اجتهاد فقهي يمكن أن يخرج علينا به البعض بأنه اجتهاد أفراد، أما حينما يعقد مؤتمر به مئات العلماء بل كل العلماء المجتهدين والثابت لهم العلم والاجتهاد ويخرجوا بتوصية موقع عليها الجميع بأن الدول الحديثة أمر شرعي تماما ويناقشون الأحكام الفقهية المتعلقة ببناء الدول العصرية والعوامل السياسية والاقتصادية والثقافية والقانونية لنشأتها، نكون قد ألجمنا أي مخالف أو رافض لشكل الدولة الحديثة، وقطعنا الطريق على مئات الحجج التي يتذرع بها لا متطرفين.
وأضافت نصير لـ"الوطن"، أن ما تقوم به وزارة الأوقاف عمل تاريخي وتأصيل عميق سيسد باب شرًا كبيرًا فتحه المتطرفين على الأمة الإسلامية، وموضوع المؤتمر يستحق الإشادة والثناء والمشاركة بكل جدية فيه، لذا أدعو كل الباحثين للمشاركة بأورق عمل قوية لأن هذا المؤتمر سيكون فرصة تاريخية.
وأشار عبدالغني هندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، إلى أن التجديد في جميع الموضوعات الفقهية حاجة ملحة، وفي الفقه السياسي الأمر أكثر إلحاحا، فلم يعد هناك من يمكنه أو يمتلك القدرة على اقتحام الموضوعات السياسية بالتجديد، وجاء عنوان مؤتمر الأعلى للشؤون الإسلامية ليفتح الباب واسعا أمام التغيير والتجديد الحقيقي لهذا القسم من الفقه.
وأكد أن تأخر التجديد في هذا القسم من الفقه هو ما جعل جماعات الإسلام السياسي ترفع شعرات مثل الخلافة واعادتها وغيرها من الشعارات الزائفة التي يتم استقطاب العديد من الشباب بها، فالشاب حينما يعود للفقه والتراث لا يجد الدولة والحالية ولا مكوناتها وإنما اجتهادات متناثرة هنا وهناك، ولا يجد في الفقه القديم سوى الخلافة والجزية والحسبة وغيرها من الأمور وينغمس مع الجماعات التي ترفع هذه الشعارات القديمة وينجر للعنف معهم لأنها ظاهريا تنادي بالموجود في كتب التراث، وهنا تكمن أهمية المؤتمر الدولي الـ30 للأعلى للشؤون الإسلامية، حيث يضع النقط على الحروف ويمثل مرجعية أمام التراث وتجديد لا تخطئه عين.