"ضرب عجوز" و"إسعاد فقيرة".. الشباب على "فيس بوك" بين الوحشية وجبر الخواطر
الشباب صاحب الاحتفال بالطفلة
شباب لا يملكون قدرا من المسؤولية، ولا يدركون قيمة احترام الكبير، تجردوا من المشاعر الإنسانية، وأساءوا استغلال قوتهم الجسدية في الترويع والتعدي بالضرب على مسن لا قوة له، في مكان عمله، بينما هناك آخرون كانوا سببا في رسم الابتسامة على وجه طفلة فقيرة لا تربطهم بها أي صلة، سوى الرغبة في فعل الخير والإحسان.
نموذجان من الشباب تداول رواد فيس بوك، قصصهما، في الآونة الأخيرة، أظهرا تضادا واضحا في سلوك وأخلاق أصحاب كل واحدة منهما، وفي حال الشباب، فأما النموذج الأول يعود لمقطع فيديو قصير يظهر فيه اعتداء عدد من الشباب على رجل مسن في ورشة لصناعة الأحذية بمدينة بنها، بحسب الشاب الذي شارك الفيديو على فيس بوك.
الفيديو الذي أثار جدلا واسعا منذ نشره بالأمس، أظهر احتجاز رجل مسن داخل الورشة وعندما حاول الخروج، منعه أحد الشباب وصفعه على وجهه ودفعه في صدره، وهدده آخر بسلاح أبيض كان في حوزته، ووجه آخر سيلاً من السباب له.
وأكد مصدر أمني لـ"الوطن" أن الأجهزة الأمنية تلقت إخطارا بـواقعة اعتداء عدد من الشباب على مسن في إحدى ورش الأحذية، و أنه جارٍ فحص الفيديو الذي تداوله رواد فيس بوك.
وأما النموذج الثاني الذي انتشر بشكل واسع أيضا على مواقع السوشيال ميديا، لعدد من الطلاب في كلية الطب بإحدى الجامعات الخاصة الذين ضربوا مثلا رائعا في الإحسان.
وأظهرت الصور المتداولة لهؤلاء الشباب، مساعدتهم لواحدة من أطفال الشوارع ومحاولتهم إسعادها، فاتفقوا معا وفاجئوها بحفل عيد ميلادها على أحد المقاهي في مدينة السادس من أكتوبر، حيث تتواجد دائما هناك، وفقا للطالب مصطفى حسونة، الذي اقترح على زملاءه في الدفعة إسعادها، حيث كانت تقف بجوارهم دائما، وتنظر إليهم من بعيد وهم يتناولون الطعام.
بداية تعارف الطفلة فاطمة، صاحبة الـ10 سنوات، على شباب كلية الطب، عندما وقفت تنظر إليهم من بعيد وهم يتناولون الطعام في أحد الأيام.
وحسب وصف الطالب مصطفى، لـ"الوطن"، بدأوا يتبرعون بمبالغ مادية بسيطة لها، وبعد تكرار رؤيتها في نفس المكان، تعرفوا عليها، وعندما علموا بيوم ميلادها، قرروا إحضار "تورتة" وبعض الهدايا الصغيرة لها، حيث استقبلت الطفلة، الحفل الصغير، بفرحة بالغة، بعد رؤيتها الألعاب والملابس الجديدة.
ما فعله الطلاب، تداوله راود فيس بوك، بشكل واسع، خلال الأيام القليلة الماضية، كـ"مثال" على فعل الخير، وجبر الخواطر، في تناقض واضح مع ما فعله الشباب محتجزي المسن والمتعدين عليه بالضرب.
الدكتورة هدى زكريا، أستاذ علم الاجتماع، فسرت ذلك بأن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت ساحة واسعة لنشر كل شئ الإيجابي والسلبي على حد سواء، وساعد على ذلك ثقافة المجتمعات العربية التي رسخت فكرة الميل للاستعراض ونشر كل تفاصيل حياتنا اليومية.
وأضافت زكريا لـ"الوطن" أن كل شئ أصبح قابلا للعرض على مواقع التواصل الاجتماعي حتى الجريمة يتم تصويرها وبالتالي من الطبيعي أن نرى الخير والشر والإيجابي والسلبي على هذه المنصات.