حقوقيون عن تصوير توزيع المساعدات الخيرية بالإعلانات: جريمة إتجار بالبشر
تصوير الفقراء مع المساعدات وحقوق الإنسان: "يحط من الكرامة الإنسانية"
يتجدد كل عام الجدل حول تصوير الفقراء وإظهارهم في الإعلانات التلفزيونية، أثناء تلقيهم مساعدات من مؤسسات خيرية، خاصة خلال شهر رمضان، ويرى عددا من الحقوقيين، أن تصوير الفقراء خلال تلقي المساعدات ونشر صورهم خاصة إذا كانوا من الأطفال، أمرا يتنافى مع الأخلاق الحميدة، ويحط من كرامة الفقراء.
وقال محمود البدوي، رئيس الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث وحقوق الإنسان، إن فكرة تقديم المساعدات للمحتاجين هو أمر إنساني يتوافق مع المبادئ الأخلاقية، وهو ما عبرت عنه بشكل لا يخالجه شك جميع المواثيق الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة، التي أكدت مفاهيم التكافل بين البشر جميعًا.
وأضاف "البدوي" لـ"الوطن"، أن هذا الحق مهدد بمواسم السبوبة واستجداء العطف والمتاجرة بآلام المحتاجين والمرضى وأصحاب العاهات من جانب بعض الكيانات التي تجيد العزف على هذا الوتر، وترحب بالإنفاق والصدقات ومواسم الزكاة، خاصة خلال شهر رمضان المبارك، وهو ما يتم ترجمته في صورة حملات إعلانية ضخمة تتكلف ملايين الجنيهات لحث الناس على إخراج صدقاتهم لتلك الجهة دون غيرها.
ونوه بأن استغلال الأطفال المرضى أو الأيتام والمحتاجين يصل حد المسائلة القانونية بمقتضي نصوص قانون مكافحة الإتجار بالبشر رقم 64 لسنة 2010، خاصة المواد 2 و3 من القانون، الذي غلظ العقوبات وفقاً للمادة 6 فقرة 6، في حالة إذا كان المجني عليه طفلاً أو من عديمي الأهلية أو من ذوي الإعاقة، ليعاقب كل من ارتكب جريمة الإتجار بالبشر بالسجن المؤبد والغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه، كما أن نصوص التجريم الخاصة بحالة الاستغلال وفقاً لهذا القانون لا تواجه الأفراد فقط، بل أنها تطال الأشخاص الاعتبارية كالمؤسسات والجمعيات ودور الأيتام.
وقال أحمد فوقي، رئيس مجلس أمناء "مؤسسة مصر السلام للتنمية وحقوق الإنسان"، إن الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر دونت المبادئ الإنسانية التي تبني على أساسها عملها من الناحية القانونية، والمبادئ الأساسية السبعة التي تتبناها الحركة هي: الإنسانية، عدم التحيّز، الحياد، الاستقلال، الخدمة التطوعية، الوحدة، العالمية.
وأضاف "فوقي" لـ"الوطن"، أن القانون الدولي الإنساني تضمن العديد من النقاط التي تنظم عملية تقديم المساعدات والتبرعات، ويكفي الإشارة هنا إلى مبدأ "الإنسانية" والذي يهدف إلى ضمان معاملة الأفراد بطريقة إنسانية في جميع الظروف، ولضمان الطبيعة الإنسانية لمنظمة المساعدات أو نشاط إغاثة، لا بدّ وأن يكون من الممكن إثبات أن الإنسانية هي الشاغل الوحيد الذي يجب أن يؤخذ في الاعتبار.
وتابع: "كما تضمنت القوانين الدولية مبدأ الخدمة الطوعية، أي أن الجهات المانحة لا يكون هدفها الربح. وفي جميع الأحوال حظرت القوانين الدولية الاعتداء على الكرامة الشخصية، وعلى الأخص المعاملة المهينة والحاطة بالكرامة".
وفيما يتعلق بتصوير الأطفال في تصوير الأطفال خلال تلقيهم مساعدات، قال "فوقي" إن العديد من المواثيق الدولية كفلت حقوق الأطفال، وذكرت اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل في مادتها 19أ، أن تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتعليمية الملائمة لحماية الطفل من آفة أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو العقلية والإهمال أو المعاملة المنطوية على إهمال، وإساءة المعاملة أو الاستغلال. ويعد تصوير الأطفال أحد أنواع الاستغلال التي تحظرها القوانين الدولية والإنسانية.
وقالت نهى المأمون، رئيس مبادرة "هي والمجتمع" لدعم حقوق النساء، إن حقوق الإنسان بالأساس هي مبادئ أخلاقية أهمها الكرامة المتأصلة وعدم التمييز والعدالة والمساواة والحق في عيش كريم.
وأضافت "المأمون" لـ"الوطن"، أن اتفاقية حقوق الطفل الدولية مثالا يحتذى به لحماية حقوق الطفل حيث تتضمن الاتفاقية 54 مادة وبروتوكولان اختياريان توضح بطريقة لا لبس فيها حقوق الإنسان الأساسية التي يجب أن يتمتع بها الأطفال في أي مكان دون تمييز، منها حق البقاء والتطور والنمو والحماية من التأثيرات الضارة وسوء المعاملة والاستغلال.
وشددت على ضرورة ضمن عدم التقاط الصور للأطفال القصر في دور الأيتام أو خلال منحهم مساعدات إنسانية، بما يضمن كرامتهم وعدم التمييز ضدهم في المجتمع، مؤكدة أن هذا الأمر يحط من الكرامة الإنسانية.