مساعد وزير الداخلية الأسبق: «الأصعب الجثة مقطوعة الرأس».. وبلاغات الاختفاء أول خيط لحل ألغازها
اللواء مجدى البسيونى
قال اللواء مجدى البسيونى، مساعد الوزير الأسبق والخبير الأمنى، إن الجثة المجهولة شأنها شأن الجرائم الجنائية مثل السرقة، إذ ليس من الضرورى الوصول إلى مرتكبها حال وجود شبهة جنائية فى حادث الوفاة، كما أن أكثر من 90% من الجرائم تُحل ألغازها بمساعدة المجنى عليه من حيث توجيه اتهام لعدد من المشتبه بهم، وبالتالى يقوم فريق البحث بحصرهم وعمل التحريات حول مدى صحة الاتهام من عدمه، وفى كثير من الأحيان يكون الاتهام صحيحاً، وبالتالى يمكن الوصول إلى المتهم، أما فى قضايا الجثث المجهولة إذا لم يتم التوصل إلى هوية صاحبها تظل القضية بكاملها مجهولة والمتهم مجهول أيضاً، ولذا فإن القاعدة الأمنية تقول إن «كشف هوية الجثة المجهولة مرتبط بالتوصل للمتهم فى مصرعها».
"البسيونى": التعامل مع قضايا الجثث يبدأ بتصويرها ومخاطبة البحث الجنائى وفحص بلاغات الغياب ثم التحرى حول المشتبه بهم
وتابع مساعد الوزير الأسبق أن أصعب قضية «جثة مجهولة» هى التى يتم العثور عليها دون رأس، لأن فى هذه الحالة، لا يتمكن فريق البحث من الوصول إلى هوية المجنى عليه، إلا إذا كانت الجثة بها علامة مميزة، مثل وشم أو شىء يقود فريق البحث لكشف هويتها.
وشدد مساعد وزير الداخلية الأسبق على أن الجثث المجهولة من القضايا الغامضة والتوصل إلى حل ألغازها وكشف غموضها يتوقف بقدر كبير على توفيق من الله، وتوافر طرف خيط يمكن الإمساك به فى أول القضية، للوصول إلى حل لها، وأوضح أنه فى الغالب يكون حفظ القضايا من هذا النوع أقرب من حلها، ولذلك يجب على الضباط أن يتعاملوا مع بلاغات التغيب على محمل الجد، وإرفاق صورة المتغيب مع البلاغ، إضافة لكتابة أدق التفاصيل فى البلاغ، أى التعامل مع بلاغ التغيب على أنه جريمة قتل سوف تطفو تفاصيلها على السطح فى القريب العاجل.
أسهمت فى كشف غموض جثة عثرنا على أشلائها فى 3 صناديق قمامة فى بورسعيد وشاب قتل والده وألقاه فى "الريّاح" بإمبابة
وأضاف «البسيونى»: توجد عدة خطوات فى التعامل مع الجثة المجهولة بمجرد العثور عليها، وهى، أولاً: فحص الجثة ومعرفة سبب الوفاة إذا كانت الجثة كاملة ولم يتم تقطيعها أو أشلاء منها، ثم تصويرها حيث إن الجثة المجهولة فى الماضى كانت تتغير ملامحها بعد ساعات، بسبب ضعف إمكانيات ثلاجات حفظ الموتى بالطب الشرعى. ثانياً: إرسال مذكرة كاملة بالتفاصيل إلى البحث الجنائى بالوزارة حتى يتم تعميم تلك النشرة على مديريات الأمن المختلفة. ثالثاً: فحص بلاغات الغياب فى المحافظة وفى أقرب محافظتين للمحافظة التى عُثر فيها على الجثة المجهولة، حيث إن الذى يحمل جثة للتخلص منها قد يجد استحالة فى التنقل بها عبر المحافظات، ويريد بعد ارتكاب جريمته التخلص من الجثة فى أقرب مكان خشية ضبطه متلبساً، رابعاً: فى حال تطابق أوصاف الجثة مع أوصاف أحد بلاغات التغيب تتم الاستعانة بأحد أقاربه للتعرف عليه، وفى حال التعرف عليه، يتم إجراء تحريات حول المجنى عليه وعلاقاته وسلوكياته بالآخرين من المحيطين به، حتى يتم كشف لغز الجريمة والقبض على الجناة.
وعن سابق تجاربه أثناء عمله فى الشرطة مع قضايا الجثث المجهولة، يتذكر الخبير الأمنى قضية تعود لعام 1986 عندما كان يشغل منصب مفتش الوزارة للأمن العام فى مديرية أمن بورسعيد، حيث عاصر أغرب الجرائم الغامضة فى حياته الشرطية، عندما تم العثور على رجلَى جثة مجهولة لأنثى فى صندوق قمامة، وخلال ساعات تم العثور على ذراعيها فى صندوق آخر، ثم العثور على الرأس وحده داخل صندوق ثالث، وجميعها فى منطقة واحدة، وعلى الفور تم تصوير الأشلاء جميعاً وكتابة مذكرة تفصيلية بالأوصاف وإرسالها إلى البحث الجنائى بالوزارة لتعميمها على مستوى مديريات الأمن المختلفة، وجاءت الخطوة التالية بالبحث فى بلاغات الغياب فى المحافظات القريبة من بورسعيد، فتم فحص بلاغات التغيب فى الإسماعيلية والسويس، لكن لم يتم التوصل لشىء، ثم تم فحص بلاغات التغيب فى القاهرة، حتى تم العثور على بلاغ بتغيب ربة منزل تدعى «فوزية» كانت تقيم فى منطقة مدينة نصر، وفى العنوان المحدد لمسكنها، جرت مقابلة صديقة لها قالت إنها متزوجة من ضابط سابق وتقيم فى بورسعيد، وتم الانتقال إلى عنوان بورسعيد، والتقابل مع زوجها وبالسؤال عنها فى البداية أقر بتغيبها، وبفحص الشقة تم العثور على نقطة دماء فى سقف الشقة، وبمواجهته اعترف بارتكاب الواقعة بسبب شكه فى سلوك زوجته.
قضية ثانية يتذكرها اللواء «البسيونى»، عندما كان يعمل مفتشاً للمباحث فى مركز شرطة إمبابة، حيث تم العثور على جثة فى المياه ومربوطة بحجر بجوار الجسر، وبالفحص تبين أنها جثة كاملة لرجل يزيد عمره على 60 عاماً، ويرتدى كامل ملابسه، ومصاب فى الرأس، وبفحص بلاغات التغيب وجد بلاغاً يتقارب مع عمر المجنى عليه، لكن أوصاف الملابس مختلفة، وبعمل التحريات تبين أن الرجل المسن لديه ولد وقد خطب الأب فتاة صغيرة وتم استدعاؤها وتعرفت على الجثة وبعمل التحريات تبين أن خطيبة المجنى عليه كانت خطيبة ابنه من قبل، لكن الأب خطبها لنفسه بعد سفر نجله للعمل فى الخارج، وتم ضبط الابن واعترف بأنه قتل والده بضربه على رأسه أثناء قيامه لصلاة الفجر وألقى الجثة فى الريّاح.