لمة العيلة.. «صينية كنافة وقِدرة فول» تجمعان الغنى والفقير.. و«الفتة» سحور «الدراويش»
طوابير أمام قدرة الفول
صوانى الكنافة تطوف من باب إلى باب، وعربات الفول المدمس تتنقل بين الشوارع، مشاهد تكاد لا تخلو منها أى قرية أو مدينة فى محافظة المنيا، حيث يتجمع العديد من الأهالى أمام «قِدرة الفول» كل ليلة، الغنى قبل الفقير، لشراء الطبق الرئيسى على مائدة السحور، وقبل سنوات، كانت المحافظة تخصص «قِدرة» لكل قرية، يتم توزيعها مجاناً على الفقراء والمحتاجين طوال الشهر، وكانت تتولى الوحدات المحلية إعدادها وتوزيعها، وكان يتم تمويلها من صندوق الخدمات بالمحافظة، وهو المشروع الذى يطالب كثير من أهالى قرى المنيا بإحيائه مرة أخرى.
كما أن «الفريك» طبق أساسى يحرص عدد كبير من المنياوية على أن يكون حاضراً على مائدة الإفطار طوال شهر رمضان، ويردد الغالبية منهم المثل الشعبى القائل: «الفريك مابيحبش شريك»، بينما يفضل الكثيرون تناول الجبن «القريش» والزبدة الفلاحى على مائدة السحور، وهى وجبة خفيفة على المعدة، وتمنع الشعور بالعطش، خاصةً مع طول ساعات النهار، وشدة الحر فى فصل الصيف. وجرت العادة فى المنيا على أن تخصص الأسرة يوماً كل أسبوع لتناول الإفطار خارج المنزل، إما فى إحدى المناطق المفتوحة، أو فى أحد المطاعم والفنادق الشهيرة، ونظراً لتزايد الإقبال على هذه الأماكن، فإنه يتم الحجز قبل الموعد المحدد بنحو 3 أيام، وعادةً ما تتكلف الأسرة الواحدة مبلغاً يتجاوز 300 جنيه، بينما يتبع كثير من الفقراء أسلوباً آخر يتناسب مع ظروفهم المادية، حيث يقومون بشراء الأطعمة والمشروبات من المطاعم الشعبية، ويجلسون فى أحد المتنزهات أو الحدائق العامة، أو على الكورنيش لتناول الإفطار مع الأهل والأصدقاء.
وتحرص بعض الطرق الصوفية على تنظيم موائد إفطار أو سحور جماعى لأتباعها، حيث تقيم الحضرات وحلقات الذكر مساء يوم الخميس من كل أسبوع، وعادةً ما يتم تناول السحور بعدها، ويكون عبارة عن أطباق «الفتة»، مع لحوم الضأن أو الماعز، وبعضهم يقوم بتوزيع الطعام كنوع من الوفاء بالنذر، كأن يكون قد رزقه الله بمولود جديد، أو حصاد المحصول، حيث يحرص بعض المتصوفين على إعداد وجبات من «الفتة والكشك واللحمة»، يقومون بتوزيعها على المحبين والأهل والأصدقاء والفقراء والمحتاجين.
ولعل عصائر «القصب والعرقسوس والتمرهندى والأفوكادو والكيوى» من المشروبات التى يحرص عليها أهالى المنيا أثناء تناول الإفطار، وعادةً ما تزدحم محلات بيع العصير قبل دقائق من انطلاق مدفع الإفطار، وبينما يفضل البسطاء العصائر الشعبية وفى مقدمتها عصير القصب، الذى يطلق عليه البعض لقب «ملك المشروبات»، إضافة إلى مشروبات «العرقسوس والتمرهندى»، التى يشترونها إما جاهزة من محلات أو عربات العصير، أو يقومون بتصنيعها فى بيوتهم، يقبل الأغنياء على بعض أنواع العصائر الغالية، مثل «الكيوى والأفوكادو والبطيخ».
ومن المشاهد المتكررة فى شوارع كثير من قرى المنيا، صوانى الكنافة «الطوافة رايح جاى»، حيث يتبادل الأهالى أطباق الحلويات فيما بينهم كنوع من الهدايا، ويكون للمسحراتى نصيب كبير من هذه الحلويات، وبينما يقوم معظم أهالى القرى بإعداد هذه الأطباق فى بيوتهم، تشهد محلات الحلويات فى المدن إقبالاً كبيراً من المواطنين لشراء الحلويات الجاهزة، وقد بدأت بعض المحال الخاصة بالحلويات السورية تشهد رواجاً عن المحال التقليدية، مثل «الكنافة على الفحم»، التى يقبل عليها كثير من الشباب، ويبلغ سعر الطبق للفرد الواحد حوالى 15 جنيهاً.