تحقيقات «كارثة ميت حبيش»: مصنع المنظفات معمل «بير سلم» بدون ترخيص
إحدى المصابات فى الحادث أثناء تلقى الإسعافات
كشفت التحقيقات الأولية فى كارثة انفجار مصنع للمنظفات بقرية «ميت حبيش البحرية»، التابعة لمركز طنطا فى محافظة الغربية، الذى تسبّب فى إصابة نحو 40 شخصاً من أهالى القرية، بينهم 25 طفلاً، بالاختناق والتسمّم نتيجة استنشاق غاز حامض «السلفونيك»، عن أن المصنع عبارة عن «معمل بير سلم»، أقامه أحد الأشخاص أسفل منزله، ويمارس عمله فى إنتاج المنظفات الصناعية دون ترخيص.
وأكد مصدر مسئول بمديرية أمن الغربية لـ«الوطن» أن صاحب المصنع يُدعى «نزيه. ح. م. أ»، 45 سنة، يعمل فى تصنيع المنظفات الكيماوية، وتعبئتها داخل عبوات تحمل علامات تجارية وهمية. وأوضح أنه بسبب تفاعل بعض المواد الكيماوية حدث انفجار فى أحد الخزانات داخل المعمل، أدى إلى تسرب حامض «السلفونيك» إلى الهواء، مما أسفر عن إصابة العشرات من سكان القرية بالتسمّم، نتيجة استنشاق الغاز السام.
خروج 40 مصاباً بتسمم "السلفونيك" بينهم 25 طفلاً من مستشفى طنطا الجامعى بعد تلقى العلاج.. و"البيئة": لم نُخطر بالحادث فور وقوعه
وأضاف المصدر أنه تبين من خلال مناقشة صاحب المصنع، المتهم بالتسبّب فى الكارثة، أنه يقوم بتخزين المواد الكيماوية المستخدَمة فى التصنيع بواسطة وسائل وأدوات «بدائية»، وغير مطابقة للمواصفات القياسية الخاصة بالتخزين، مما تسبّب فى انفجار أحد الخزانات، فيما أكد مصدر بمديرية الصحة أنه تم الدفع بعدد من سيارات الإسعاف إلى قرية «ميت حبيش»، قامت بنقل 40 مصاباً، بينهم 25 طفلاً، إلى مستشفى طنطا الجامعى.
وكان مدير أمن الغربية، اللواء طارق حسونة، قد تلقى إخطاراً من شرطة النجدة ليلة أمس، بانتشار غازات سامة فى المنطقة المحيطة بأحد مصانع إنتاج المنظفات الصناعية فى قرية «ميت حبيش»، بدائرة مركز شرطة طنطا، تسبّبت فى إصابة عشرات المواطنين بالاختناق، وعلى الفور انتقلت الأجهزة الأمنية إلى مكان الواقعة، وتبين حدوث انفجار فى أحد الخزانات داخل المصنع، مما أدى إلى تلوث الهواء فى المنطقة المحيطة بالغازات السامة.
من ناحية أخرى، قال مسئول فى فرع جهاز شئون البيئة بوسط الدلتا إنه تم تشكيل لجنة قامت بمعاينة المصنع والمنطقة المحيطة به، وتبين أن الإصابات بالاختناق نتجت عن تسرّب حمض «السلفونيك» فى الهواء بتركيزات مرتفعة، وهو من المواد الأساسية المستخدَمة فى تصنيع المنظفات الكيماوية، وعند تخفيفها بالماء ينبعث منها غاز أكسيد الكبريت، مما قد يؤدى إلى الإصابة بـ«التحجّر الرئوى»، فى حالة استنشاقه، وهو ما حدث لغالبية المصابين.
وأضاف المصدر أنه فور إخطار جهاز شئون البيئة بالواقعة، تم التواصل مع الجهات المعنية المختلفة لمتابعة الموقف، والاطمئنان على حالة المصابين، كما تم إجراء قياسات لمعدلات التلوث بالقرية، حتى تم التأكد من عودتها إلى الحدود الطبيعية المسموح بها. ولفت إلى أن السبب وراء تأخر تشكيل لجنة من البيئة لمعاينة محيط المصنع، فور الواقعة، والانتظار حتى اليوم التالى، هو عدم إخطار الجهاز من قِبَل المسئولين فى المحافظة.
انتقلت «الوطن» إلى المستشفى الجامعى، حيث يرقد المصابون نتيجة الكارثة، حيث قالت «أسماء رمضان»، 45 سنة، ربة منزل، إنها كانت موجودة فى منزلها وقت الحادث، وفوجئت بعدم قدرتها على التنفّس، وإصابتها بهبوط حاد أدى إلى فقدانها الوعى، وأضافت أنها عندما استعادت وعيها وجدت نفسها ترقد على سرير بالمستشفى، وتم وضعها على جهاز للتنفس الصناعى، وبسؤال ذويها عرفت بما حدث لأهالى القرية، بينما قال «يوسف عطية»، 32 سنة، إنه كان يوجد فى أحد الشوارع قُرب المصنع، وفجأة بدأ يشم رائحة غريبة، تشبه الأحماض والمواد الكيماوية، تسبّبت فى إصابته بفقدان الوعى، وعندما أفاق وجد نفسه بالمستشفى.
وبينما أعرب أهالى «ميت حبيش» عن قلقهم إزاء الكارثة التى نجمت عن وجود مصنع منظفات كيماوية وسط منازل القرية، فقد طالبوا بـ«الضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه مزاولة مهنة دون ترخيص»، ومنع وجود أى مصانع تعتمد على الأحماض والمواد الكيماوية داخل التجمعات السكنية، مؤكدين أن الحادث كاد أن يؤدى إلى فقدان عشرات الأهالى حياتهم، بسبب «الإهمال» و«عدم الإحساس بالمسئولية»، كما عبّروا عن شكرهم للمسئولين فى مستشفى طنطا الجامعى على سرعة إنقاذ المصابين.
من جانبه، قال رئيس جامعة طنطا، الدكتور مجدى سبع، إنه فور إخطاره بالواقعة، أمر بزيادة المخزون من الأدوية والمستلزمات الطبية فى قسم الاستقبال والطوارئ، وتوفير كل الاحتياطات اللازمة لاستقبال المصابين، وتقديم الرعاية الكاملة لهم، مشيراً إلى أنه تم تشكيل فريق عمل على أعلى مستوى من مختلف التخصّصات الطبية، وتم توفير أماكن لعدد من الحالات بوحدات العناية المركزة، كما تم العمل على إسعاف المصابين بأقصى سرعة ممكنة. وأضاف أن الوقت الذى استغرقته الفرق الطبية فى إسعاف المصابين وعلاجهم، لم يتجاوز 6 ساعات، حتى تماثلوا جميعاً للشفاء، وخرجوا من المستشفى بعد استقرار حالاتهم.