حكاية إفّيه| «من الحكمدار إلى أحمد إبراهيم: الدواء فيه سم قاتل»
لقطة من فيلم «حياة أو موت»
ينشغل «الحكمدار»، أو مدير الأمن، فى قضية عويصة، اقتضت منه أن يعود لمكتبه بعد الظهر فى يوم وقفة العيد، غير أن أحد معاونيه يبلغه أن هناك مواطناً يصر على مقابلته، يروى الرجل حكايته، فهو صاحب صيدلية بميدان العتبة، جاءته طفلة تطلب منه شراء دواء لوالدها المريض من نحو نصف ساعة، وبسبب ظروف يعانى منها، أخطأ فى تركيب الدواء فزاد من جرعة مادة سامة، يتوفى من يتناولها قبل أن يصل الدواء لجوفه، يطلب الصيدلى معاونة «الحكمدار» له فى الوصول إلى المريض الذى لا يعرف عنه أكثر من اسمه: «أحمد إبراهيم»، ليمنعه من تناول الدواء، ولأن الطفلة نسيت فى الصيدلية تذكرة ترام ركبته من محطة «دير النحاس»، فهناك فرصة كبيرة للعثور عليها قبل أن تصل لمكان سكنها، ذلك أن القاهرة يوم وقفة العيد، كما هو حالها دائماً، مزدحمة للغاية، يعطى «الحكمدار» أوامره لمعاونيه بالبحث عن الطفلة أولاً، فى الشوارع الواقعة بين العتبة ودير النحاس، ثم عن أى شخص اسمه «أحمد إبراهيم» فى مصر القديمة، فلا يسفر البحث عن شىء، ولا يصبح أمام «الحكمدار» إلا الاستعانة بالإذاعة المصرية، لترسل موجاتها عبر الأثير: «من حكمدار بوليس العاصمة إلى أحمد إبراهيم القاطن بدير النحاس، لا تشرب الدواء الذى أرسلت ابنتك فى طلبه، الدواء فيه سم قاتل، عند سماعك هذه النشرة بلغ الحكمدارية، وعلى كل من يعرف مكان أحمد إبراهيم المذكور، المبادرة بتحذيره إذا كان قريباً منه، أو إخطار الحكمدارية فوراً».
إنه أشهر نداء وصل للجماهير عبر شاشات السينما على مدار تاريخها الطويل، من خلال فيلم «حياة أو موت» الذى أخرجه ووضع قصته كمال الشيخ عام 1954، ولعب بطولته يوسف وهبى وعماد حمدى والطفلة ضحى أمير، ورغم أن الفيلم يعرض ملحمة شديدة الإنسانية، فإنه زخر بإفيهات لا تنسى، فمكوجى المنطقة الذى وصل إليه الصيدلى ليعرف منه عنوان «أحمد إبراهيم» يناوله قصاصة ورقية يقول إن فيها العنوان، يقرأها الصيدلى: «المنصورة شارع حسبى نمرة 17»، يبدو الارتباك على المكوجى قبل أن يسترد القصاصة من الصيدلى ويقول فى غيظ واضح: «لا مؤاخذة.. ده عنوان حماتى بعيد عنك.. شارع حسبى.. حسبى الله ونعم الوكيل».