حكاية إفّيه| «انت اللى هتغنى يا منعم»
لقطة من فيلم «شارع الحب»
يتوتر الموقف تماماً داخل دار الأوبرا، فالمايسترو «عزيز»، الموكل إليه قيادة الأوركسترا، لم يصل بعد، والمطرب الشاب «منعم» فى حيرة من أمره، إذ إن نجاحه فى الظهور الأول أمام الجماهير متوقف على وجود المايسترو: «أنا من غيره أتلخبط وأتوه»، لا يعلم هو أن «ميرفت»، غريمة حبيبته «كريمة»، قد دبرت له مقلباً حين كلفت صديقها «رشدى» بأن يضع منوماً فى شراب المايسترو، ويسرق نوتة الأغنية، ليمنعوه من الذهاب للأوبرا، حتى يفشل الحفل، نكاية فى «كريمة»، التى خطفت منها «منعم». ينصح أحدهم «حسب الله السادس عشر»، صديق «منعم»، أن يقود الأوركسترا على الأقل لأنه: «رضيع الفن، ونابليون أكبر فرقة موسيقية»، غير أن «حسب الله»، الذى يقدم نفسه باعتباره «آخر سلالة آل حسب الله.. السلالة التى غزت جميع الميادين، من ميدان الحسينية إلى ميدان المدبح.. ومن القاهرة إلى الإسكندرية»، يتذمر ويلقن الرجل درساً: «هو فرح من أفراح القبة.. دى بالنوتة يا عبيط»، يتذكر الجميع أن الذى وضع النوتة هو عم «جادليو»، الموسيقار الفقير الذى تحتضنه فرقة «حسب الله»، ويعيش مع أفرادها فى بيت «سنية ترتر» بشارع محمد على، وفى الوقت الذى يحاول فيه «منعم» أن يعتذر لرئيس دار الأوبرا عن الغناء، طالباً منه أن يستدعى مطرباً آخر، يظهر عم «جادليو» فى كامل أناقته، معلناً بصوت دافئ عميق: «انت اللى هتغنى يا منعم».
هكذا تُختتم أحداث فيلم «شارع الحب» الذى أخرجه عزالدين ذو الفقار، عام 1958، عن قصة ليوسف السباعى، أدى أدوار البطولة فيها عبدالحليم حافظ وصباح وحسين رياض، فى محاولة لتمجيد فنانى شارع محمد على «الشارع الذى خرج منه فنانون صعدوا سلم المجد، وصفقت لهم الجماهير»، من خلال إلقاء الضوء على فرقة حسب الله وأعضائها الذين يعيشون فى فقر مدقع بسبب «نحس» يسيطر عليهم. وللخلاص من الفقر يرفض صاحب الفرقة الزواج من صاحبة المنزل الغنية «سنية ترتر»، التى يصف لسانها بأنه «عامل زى المبرد»، فيقف فى الشارع داعياً: «إلهى.. لا تحوجنى ليها يا رب.. افرجها من عندك يا كريم.. ابسطها يا باسط»، فترد عليه بإلقاء حلة ملوخية فوق رأسه، ليرفع يده فى تسليم: «كفاية ما تبسطهاش أكتر من كده».