بائعو الفول: ساعات عمل قليلة ورزق كثير.. بركة شهر الصوم
عربات الفول نشطت لإعداد وجبات السحور
ساعات قليلة مرت على أذان المغرب، فى أحد الأيام الأخيرة لشهر رمضان، وبينما كان آخرون يستمتعون بوقتهم مودعين الشهر الكريم، كان الثلاثينى محمد حسن، يجلس إلى جوار عربة الفول التى يقف بها فى أحد شوارع حى معروف بمنطقة وسط البلد، وفى يده سكين يقطع بها حبات البطاطس من أمامه إلى شرائح لتكون جاهزة للقلى، ومن خلفه كانت «طاسة الزيت» تغلى بشدة على ما فيها من باذنجان يأخذ هو الآخر مرحلته الأخيرة فى التجهيز ليكون متاحاً أمام الزبائن بعدها فى وجبة السحور.
يعمل «محمد حسين» على هذه العربة منذ أكثر من 10 سنوات، بعدما ورث المهنة عن والده الذى أفنى عمره فيها: «العربية دى بتاعة أبويا، وهو هنا من حوالى 60 سنة، تعتبر أقدم عربية فى معروف كلها»، يقولها «حسين» بفخر، بعدما أشار إلى أن «عربية سحس» هو الاسم المتداول لهم فى المنطقة، هكذا يعرفها المترددون عليها، فى أيام رمضان وفى غيرها من الأيام.
"حسين": "اللى بعمله فى الشهر ده مابعملوش فى الأيام العادية.. والرزق بييجى فى ساعة واحدة"
اختلاف واضح فى أيام العمل خلال شهر رمضان عن غيره من الأيام يتحدث عنه «حسين»، متمثلاً فى «بهجة رمضان وفرحته» التى تكون واضحة على وجوه المترددين عليه: «مهما يكون برضه يقول لك رمضان جاى أقل من السنة اللى قبله، بس رمضان هو رمضان فى السحور، وده اللى أنا بلاقيه كل سنة»، فى غير رمضان يعمل «حسين» على عربة الفول نحو 12 ساعة تبدأ من الخامسة فجراً، مدة طويلة من الوقت تجلب رزقاً وفيراً له ولجميع العاملين معه، خاصة أنه يقدم خدماته للعديد من الهيئات والشركات والنقابات المجاورة له، التى تتخذ من عربته، على حد قوله، مقراً لهم صباح كل يوم، إلا أن طريقة العمل هذه تختلف تماماً فى شهر رمضان، حيث تتحول عربات الفول، ومن بينها عربة «حسين»، من العمل نهاراً إلى العمل ليلاً، فبدلاً من تجهيز وجبة الفطار يقتصر دورها على تجهيز وجبة السحور، وتتقلص مدة العمل إلى سويعات قليلة، قد لا تتخطى فى إجمالها 5 ساعات، على حد قول «حسين»، إلا أن «البركة» تكون هى المصدر الأهم للرزق بالنسبة له فى مثل هذه الأيام والمحرك الأول له: «الشغل بيكون أحسن وسبحان الله بيكون فيه بركة أكتر، وهو بيكون شهر مبروك، ورغم إن عدد ساعات الشغل أقل، بس هى البركة بتيجى فى ساعة واحدة، بتلاقى الناس كلها متفرقين على القهاوى وفى ساعة واحدة كله عايز سحور، فأنت بتشتغل ساعة بالـ24 ساعة كلهم». يحب «حسين» العمل فى رمضان على عربة الفول أكثر من الأيام العادية، مرجعاً السبب فى ذلك إلى «الحالة» التى تكون عليها الشوارع فى ليالى الشهر، فضلاً عن حركة العمل الكبيرة التى يضطر فيها إلى زيادة عدد العاملين معه، ليعبر عن ذلك قائلاً: «اللى بعمله فى الشهر ده مبعملوش فى الأيام العادية، ورغم إنى مفروض ما أقولش كده، بس أما بنعمة ربك فحدث».