«النقد الدولى» يحذر من تفاقم الدين العالمى وتحسين إدارة «موارد الدول» الحل الأمثل
طارق فايد
تفاقم حجم الدين العالمى ليصل إلى 243.2 تريليون دولار بنهاية 2018، ارتفاعاً من 239.9 تريليون دولار بنهاية 2017، وفقاً للتقرير الصادر عن مؤسسة التمويل الدولية.
كما أكد معهد التمويل الدولى فى تقريره الصادر مؤخراً عن زيادة حجم الدين العالمى بنحو 150 تريليون دولار تقريباً خلال السنوات الـ15 الماضية.
وأصدر صندوق النقد الدولى فى تحليله للأزمة تقريراً يوضح أن سبب ارتفاع الدين العالمى يتمثل فى عدم استغلال الدول لمواردها وأصولها بكفاءة، وأنه من الضرورى أن تُحسن الحكومات من إدارة ممتلكاتها وديونها، فقد تمتلك كثير من الدول المقترضة أصولاً ضخمة مثل اليابان والولايات المتحدة ولكنها أيضاً تلجأ للاقتراض.
وأشار صندوق النقد إلى أن غالبية الديون العالمية تتركز فى اقتصادات الدول الكبرى بنسبة 105% من إجمالى الناتج المحلى، وفى الدول الناشئة تبلغ نسبة الدين 50%، و40% فى الاقتصاديات منخفضة الدخل.
طارق فايد: الاضطرابات الاقتصادية رفعت الدين العالمى لمعدلات غير مسبوقة.. ومصر فى المنطقة الآمنة
وتجاوز الدين العام الأمريكى للمرة الأولى على الإطلاق 22 تريليون دولار وفقاً لما ذكرته وزارة الخزانة الأمريكية، وهو ما اعتبره الخبراء دليلاً على أن البلاد تسير فى مسار مالى غير مستدام يمكن أن يعرض الأمن الاقتصادى لكل أمريكى للخطر، وذلك على الرغم من أنها الدولة الأقوى اقتصادياً فى العالم، الأمر الذى أدى لتحذير وكالة فيتش لخفض التصنيف الائتمانى للولايات المتحدة مما سيؤثر على ثقة المستثمرين بالسوق الأمريكية.
كما توقع صندوق النقد أن تستمر الديون فى الارتفاع مع موافقة الولايات المتحدة المرتقبة على الإصلاح الضريبى الذى سيزيد العجز فى ميزانياتها بمقدار تريليون دولار على مدى السنوات الـ3 المقبلة مما سيرفع ديونها الخارجية بنسبة 9% بحلول عام 2023.
وحذر صندوق النقد أن يؤدى التضخم واستجابات البنوك المركزية برفع أسعار الفائدة إلى تفاقم مشاكل الديون، ومع ارتفاع معدلات الفائدة سيتأثر المواطن لأن جزءاً كبيراً من الإنفاق الحكومى سيذهب لخدمة الدين بدلاً من الإنفاق على المشاريع التنموية الذى يؤدى لتباطؤ النمو الاقتصادى وضعف سوق العمل.
فرج عبدالحميد: القروض الخارجية موّلت مشروعات استراتيجية فى مصر ويحيى أبوالفتوح: خففت من أعباء الإصلاح على المواطنين
وعلى الصعيد المصرى تطور الدين الخارجى بشكل كبير خلال الـ9 سنوات الأخيرة، ففى نهاية 2009/2010 بلغ الدين الخارجى 33٫649 مليار دولار، إلى أن سجل 92٫643 مليار دولار بنهاية يونيو 2018، ثم وصل إلى 96.6 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2018، وفقاً لبيانات البنك المركزى.
وعلى الرغم من ارتفاع حجم الدين الخارجى لمصر إلا أن المؤسسات الدولية توقعت استقرار التصنيف الائتمانى خلال الفترة المقبلة، حيث إن قدرتها على خدمة الديون ستنعكس بالإيجاب على قدرتها الائتمانية ومن ثم زيادة ثقة المستثمرين الأجانب فى الاقتصاد المصرى.
وشهدت مصر تحسناً فى تصنيفاتها الائتمانية كإحدى ثمار برنامج الإصلاح الاقتصادى التى اتبعته الدولة دعماً لأهدافها الاقتصادية الطموحة، بداية من «موديز» التى رفعت تصنيفها لمصر إلى «B2» مقابل «B3»، مع تحول الرؤية المستقبلية إلى مستقرة بدلاً من إيجابية، كما رفعت «فيتش» التصنيف الائتمانى لمصر إلى «B+» مقابل «B» مع نظرة مستقبلية مستقرة، بينما رفعت «ستاندرد آند بورز» تقييمها السيادى للاقتصاد المصرى من «B-» إلى «B» مع التأكيد على النظرة المستقبلية المستقرة.
من جانبه قال طارق فايد، رئيس بنك القاهرة، إن ارتفاع الدين العالمى فى الفترة الأخيرة يعبر عن التحديات الاقتصادية التى تواجهها دول العالم فى السنوات الأخيرة، مثل تفاقم الأزمة التجارية بين الصين والولايات المتحدة، وأزمة ارتفاع عجز الموازنة وتفاقم الدين الحكومى لدى اليونان، وذلك فضلاً عن ثورات الربيع العربى التى مرت بها دول المنطقة مما أدى لضعف اقتصاداتها ولجوئها للاستدانة الخارجية.
وأشار إلى أن كل دولة تتبع سياستها المالية والنقدية المختلفة لسد احتياجاتها التمويلية فلا هناك داعى للتخوف من ارتفاع الدين العالمى، فدولة مثل اليابان يرتفع فيها الدين الخارجى بشكل كبير، إلا أن عوائد القطاع الخاص توازن إيرادات الدولة وتزيد من الثقل الاقتصادى للدولة عالمياً، فكل دولة لها استراتيجياتها فى سد مديونياتها.
وأشاد «فايد» بتقرير صندوق النقد الدولى الذى أوضح أنه على الدولة التى تواجه أزمة مالية أن تعمل على تحسين إدارة مواردها قبل أن تلجأ إلى الاقتراض الخارجى، مضيفاً أن مصر ما زالت فى معدلات ديون آمنة ولا تدعو للقلق.
فى سياق متصل، قال فرج عبدالحميد، نائب رئيس المصرف المتحد، إن الدين الخارجى لمصر رغم ارتفاعه إلا أنه ما زال فى معدلاته المقبولة والمستقرة، خاصة أنه لا يمثل نسبة كبيرة من الناتج المحلى الإجمالى حيث بلغت نسبة الدين الخارجى من الـGDP 37٫2% بنهاية العام المالى الأخير 2017-2018، والتى تعد نسبة ضئيلة جداً مقارنة بمعدلات الدين الخارجى لدى كثير من الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة واليابان.
وأضاف أن غالبية القروض توجه إلى تمويل المشروعات الاستراتيجية والبنية التحتية، وتدعم هذه المشروعات خطة الإصلاح الاقتصادى التى تتبعها مصر منذ عامين، لتحسين بيئة الاستثمار وجذب المزيد من رؤوس الأموال فى السوق المصرية، والتى بدورها ستطور معدلات النمو وتزيد من الحراك الاقتصادى للدولة وتوفر المزيد من فرص العمل، كما ترفع هذه المشروعات من إيرادات الدولة وستغطى هذه الإيرادات جزءاً من تكلفة الدين الخارجى لمصر.
وعقب يحيى أبوالفتوح، نائب رئيس البنك الأهلى، أن ارتفاع معدلات الدين الخارجى لمصر رغم تطورها فإنها ما زالت محدودة وتحت السيطرة، مقارنة ببعض الدول المتقدمة التى تتخطى ديونها الخارجية 100% من إجمالى الناتج المحلى لديها.
وتابع «أبوالفتوح» أن مصر لجأت للاستدانة خارجياً لتتخطى أزمة اقتصادية كبيرة، وتحمل صانعى السياسات المالية والنقدية على عاتقهم حمل تعافى الاقتصاد وتطور مؤشراته، وكان قرار الاقتراض خارجياً مصحوباً بمصلحة المواطن أولاً لكى لا يتحمل المواطن على كاهله أعباء اقتصادية جديدة، وكان توفير سيولة دولارية فى السوق المصرية حاجة ملحة للاقتراض لكى يتمكن المستثمرون من إقامة مشروعات جديدة واستيراد مستلزمات الإنتاج اللازمة، ودوران رؤوس الأموال فى السوق المصرية والتى تعد الخطوة الأولى فى تعافى الاقتصاد القومى.