الكلاب الضـالة.. خطر يغزو الشوارع
الكلاب الضـالة
تسببت ظاهرة انتشار الكلاب الضالة والتربية العشوائية لها فى إحداث حالة من الذعر فى المجتمع عقب تكرار حوادث العقر فى عدد من المحافظات، الأمر الذى وصل إلى ساحات المحاكم وتم تداوله تحت قبة البرلمان بطلبات إحاطة لوزير الزراعة، ما دفعه لاتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهة تلك الظاهرة، خاصة بعدما أصدرت مراكز الوقاية والسيطرة على الأمراض الأمريكية قراراً بتعليق استيراد الكلاب من مصر، بسبب مخاوف تتعلق بإصابتها بداء الكلب «السعار».
تعقر المواطنين وتصيبهم بأمراض قاتلة.. والقضية وصلت المحاكم والبرلمان
وأكدت «الزراعة» أن هدفها الأساسى هو حماية المواطنين من أى خطر يمكن أن يهدد حياتهم، ولكنها تتصرف وفق القانون فى التعامل مع الكلاب الضالة، من خلال تطعيمها أو إيداعها فى «مأوى» خاص بها، موضحة أن هناك العديد من الطرق التى تستخدمها الوزارة لمكافحة أزمة الكلاب الضالة، فضلاً عن مراجعة الإجراءات التى يتطلبها اقتناء الكلاب وتربيتها فى المنازل، وكذلك ضوابط سيرها فى الشوارع. فيما يشير خبراء فى تربية الكلاب إلى أن هناك ما يزيد على 350 سلالة، لكل منها صفات مختلفة، ويجب الإلمام بفصيلة الكلب قبل تربيته، واختياره حسب النظام اليومى لمالكه، حتى يكون الاختيار صحيحاً.
«الوطن» تفتح ملف تربية الكلاب وتستطلع آراء مختلف الأطراف المتفاعلة معه، وتقدم روشتة حلول أسهم بها خبراء ومسئولون، للقضاء على المشاكل الناتجة من اقتناء الكلاب أو ظاهرة الكلاب الضالة.
هواة التربية: توجد 350 سلالة.. والتعامل معها يحتاج تدريباً خاصاً
لا تقتصر تربية الكلاب على فئات اجتماعية معينة، خصوصاً الفئات المرفهة، وعكس المتعارف عليه فالأحياء الشعبية تكتظ بمحبى هواية تربية الكلاب، كما لا يكاد يخلو بيت فى قرية أو نجع من كلب للحراسة أو التسلية، سواء من النوع الأجنبى أو البلدى، ولهواة تربية الكلاب العديد من الأسباب التى دفعتهم لاقتنائها وقصص لا تخلو من الإنسانية فى تعاملهم معها وكأن الكلب فرد من الأسرة. يقول محمد الأزهرى، رئيس الجمعية المصرية لتدريب الكلاب وتنقية السلالات، إن هناك سلالات مختلفة من الكلاب تصل إلى 350، ويجب التفكير جيداً فى اختيار السلالة ونوع الكلب وتحديد الهدف منه قبل شرائه، لأن كل حيوان يختلف عن الآخر من حيث غريزته وقوته والغرض المخصص له التى خلقه الله عليها مثل الرعى أو الصيد أو الحراسة أو المنزل.
وأوضح «الأزهرى» أن الاتحاد الدولى للكلاب مسجل به 350 سلالة من أنواع الكلاب، ولكل منها غرض، مثل سلالات خاصة بالصيد والرعى والحراسة وغيرها، لذلك كل سلالة لها ما يميزها من صفات تتفق مع الغرض المخصص لها، كما يجب اختيار الكلب بناء على النظام اليومى لحياة المالك، حيث توجد أنواع من الكلاب تحتاج فترات طويلة لتقوم بتفريغ الطاقة داخلها والقيام بدورها كالصيد أو الحراسة، فمثلاً لا يمكن اقتناء كلب حراسة أو صيد فى حالة عدم وجود الشخص بشكل كافٍ فى المنزل، أما الأنواع الصغيرة مثل الجريفون وشيواوا ولولو، فهى جيدة للتربية فى المنزل لأن طاقتها ليست كبيرة.
"الأزهرى": الكلب "مش خروف" ولديه قدرات عقلية كبيرة سخرها له الله.. و"ألبير": الوفاء والإخلاص سبب اقتنائى لـ"توسكا" من فصيلة الـ"روت ويلير"
ولفت إلى أنه جرت العادة على شراء الكلب بناء على شكله الجميل دون النظر لصفاته وطبيعته، مثل كلب «جولدن ريتريفر» الذى يعد من كلاب الصيد ولديه طاقة عالية جداً لكن شكله لا يوحى بذلك، فيتم شراؤه ومعاملته معاملة الكلاب الصغيرة، ما يتسبب له فى اكتئابه وعدم قدرته على تفريغ طاقته بشكل جيد، وهو ما يؤثر عليه نفسياً.
وأوضح «الأزهرى» أن هناك كثيراً من الأشخاص يظنون أن الكلب مثل الخروف، رغم أن لديه قدرات عقلية كبيرة وحواس قوية سخرها له الله ليؤدى دوره فى نفع البشرية والمجتمعات، لذلك التعامل معه بشكل غير صحيح سيسبب مشاكل كبيرة للمحيطين به، كما أن تربية الكلاب يجب أن تكون فى نفس المنزل الذى تعيش به، ومن الخطأ تركه أعلى أسطح المنازل.
وأشار رئيس الجمعية إلى أن الكلاب الكبيرة التى يتم تربيتها فى المنزل تحتاج إلى مساحات معينة وعمل تمرينات معينة حتى لا يتأثر ويصاب بلين العظام، لذلك يحتاج الكلب لمساحة معينة وتمارين ونظام طعام خاص به، كما يجب الحفاظ على غريزة الكلب والفطرة التى خلقه الله عليها والعمل على توظيف هذه الغريزة بشكل جيد وصحيح، كما أن ظاهرة تربية الكلاب على الشراسة غير صحى ولا صحيح لأنه يجعل الكلب يهجم على من يقترب منه بشكل عشوائى.
ويقول أندرو ألبير، أحد هواة تربية الكلاب، إنه اقتنى «توسكا»، الكلبة، من نوع روت ويلير، وكان اختياره لها دون غيرها لوفائها الشديد لصاحبها وحبها له، حيث إنها كانت على استعداد لمواجهة الموت لحمايته، مضيفاً أنه كان يكافئها فى الوقت الذى تتصرف فيه بشكل جديد، ويعاقبهاعندما تخطئ، لكن بطرق بعيدة عن التعنيف والإهانة أمام الناس حتى لا تنكسر ثقتها فى نفسها أو تكتئب، لأنها حساسة بشكل كبير.
ولفت إلى أنه يجب أن يُشعر المُربى كلبه بالعطف والحب وذلك بأن ينظم له وقتاً للخروج للترويح عنه، والسيطرة عليه فى الشارع، وأن يعرف الكلب أن صاحبه يملك زمام السيطرة حتى يستطيع التحكم به، ولكن هذا يتم عن طريق حب الكلب واحترامه لصاحبه وليس الخوف منه لأن خوف الكلب من صاحبه سيتسبب فى عدم وجود شخصية له.
"رشا": تدربت على تربية كلب ضال من خلال الفيديوهات.. و"نيفين": تعبت فى تعليم "جريفون" لعناده الشديد وحبه للحرية
وأوضح «ألبير» أنه اختار هذا النوع وهو يعلم أنه يستخدم فى أغراض الحراسة وتعرف على صفاته الجسمانية والنفسية والصحية، فهو قوى جسمانياً وشكله جميل وجرىء، لذا يجب دعم صفات الكلب الحارس فيه وتجنيب الصفات السيئة التى تتسبب فى هجومه على الغير وعقرهم دون سبب.
وأشار إلى أن هناك مشكلات واجهته خلال تربية الكلاب وهى القوة الزائدة والحركة الكثيرة ورغبته فى مكان واسع للتحرك بحرية وتدريبه على مكان محدد لقضاء حاجته، وتم التغلب على هذه المشكلات من خلال التدريب والمعاقبة والرياضة التى يقوم بها لتفريغ طاقته، موضحاً أن «توسكا» كانت عنيدة جداً وتحتاج إلى شخصية قوية جداً لتربيتها، كما أن تربية الكلاب تحتاج إلى جهد كبير فى تربيتها وتفرغ لوقت معين للعب معها وخروجها إلى الشارع.
وعن تجربتها فى تربية الكلاب البلدى تؤكد رشا إبراهيم أنها بدأت مع «ديفا» التى صدمتها سيارة وتسببت لها فى مشاكل صحية وأخذتها إحدى السيدات إلى المنزل للعناية بها ثم أودعتها داخل مأوى، وعقب بيع «المأوى» وتهديد مالك الأرض الجديد بتسريح الكلاب منه أخذتها لتعتنى بها، حيث بدأت بتنظيفها من الحشرات ثم علاجها بالعيادة البيطرية بشكل يومى من الحادث والحشرات، والذى كان يشكل عبئاً كبيراً بسبب خوف «ديفا» الشديد من الشارع والأشخاص، وهو السبب الذى جعلها تفكر فى إعطائها لأحد الأشخاص ليعتنى بها.
ولفتت إلى أن استجابة «ديفا» للعلاج وتقبل النزول إلى الشارع دون معاناة والتدريب جعلها تتراجع عن قرارها وتبقيها معها فى الشقة، والعمل على تدريبها بشكل صحيح من خلال مشاهدتها لفيديوهات تدريب الكلاب على الإنترنت وتطبيقها عليها، حيث وجدت أن «ديفا» تتمتع بذكاء عالٍ وقدرة استيعاب الأوامر والتدريبات التى تعطى لها، حيث إنها أصبحت تفهم حين تقول كلمة «هصلى أكبر» أن عليها الابتعاد والجلوس بهدوء لقيام مالكتها بأداء الصلاة.
وتشير «إبراهيم» إلى أنها تعرضت لعدد كبير من الانتقادات حول تربيتها كلباً من نوع بلدى، حيث يقال لها إنه نوع من كلاب الشارع ولا يستحق العناية به، رغم أنها ترى أن الكلاب البلدى لديها مناعة أقوى ومستوى ذكاء أعلى من الأنواع الأجنبية، وأنها بالتدريب أصبحت أفضل من الأنواع غالية الثمن، كما أنها تمتاز بالطيبة.
وتقول نيفين ذهنى، من محبى تربية الكلاب، إنها ربت «توسكى»، كلب من فصيلة جريفون، لصغر حجمه وإمكانية وجوده فى المنزل وسهولة حركته وحمله دون تعب، مبينة أنها لم تشعر بفرق كبير بينه وبين كلاب الحراسة لأنه كان يمتاز ببعض من صفاتها، كما أن صوته قوى ليس كصوت فصيلته.