أعلن كل من المجلس القومى للمرأة والمجلس القومى للأمومة والطفولة حملة قومية لمواجهة ختان الإناث، وهى خطوة ملهمة على مستويين، المستوى الأول للعديد من مؤسسات الدولة التى تخشى التنسيق والعمل المشترك، والمستوى الثانى وهو مواجهة قضية شديدة الخطورة ليس على الطفلات اللاتى يقطع جزء من أجسامهن عدواناً ويؤثر على حياتهن بالكامل، ولكن على مستوى الدولة أيضاً، حيث يعد الختان انتهاكاً شديداً وغير مقبول ومخالفاً لالتزامات مصر الدولية المتعلقة بحماية النساء من العنف، ففى المراجعة الدورية الشاملة لملف حقوق الإنسان فى مصر جاء العنف ضد المرأة والطفلة من أكثر القضايا إلحاحاً كواحد من أشد أشكال العنف المبنى على النوع، وقد استحدثت جريمة ختان الإناث فى القانون المصرى عام 2007 بموجب قرار وزير الصحة رقم 271 لسنة 2007، الذى تضمن حظر إجراء عمليات الختان، وبين فيه أيضاً صور المساس بالجهاز التناسلى للأنثى، التى تشكل الركن المادى للجريمة، وصدر فى عام 2008 أول تشريع يعاقب على ختان الإناث بإضافة نص خاص لهذه الجريمة بموجب القانون رقم 126 لسنة 2008، بإضافة المادة رقم 242 مكرر من قانون العقوبات، التى نصت على أن «مع مراعاة حكم المادة 61 من قانون العقوبات ودون إخلال بأى عقوبة أشد ينص عليها قانون آخر يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة شهور ولا تجاوز سنتين أو بغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تجاوز خمسة آلاف كل من أحدث الجرح المعاقب عليه فى المادتين (241، 242) من قانون العقوبات عن طريق ختان الأنثى». وأثبت التطبيق العملى أن هذا النص لم يكن كافياً لمعاقبة الجناة، لأن أحكام الإدانة كانت تصدر مع إيقاف التنفيذ، بالإضافة إلى إفلات الجناة من العقوبة نتيجة تصالح أهل الضحية مع الطبيب إذا صدر حكم بالإدانة، ما أدى إلى انتشار ظاهرة خطرة أخرى وهى «تطبيب الختان» أى أن يتم الختان على يد طبيب، وتكمن الخطورة هنا فى التحايل على وعى المصريين، فعندما كانت الدايات يقمن بالختان كان العديد من الأسر تتردد خوفاً على بناتها، ولكن انتقال الختان للأطباء أعطى ثقة وشرعية مستمدة من الثقة فى الطبيب، لا يعرف البسطاء أن من يقوم بهذه الجريمة ليس لديه أخلاق الطبيب وإنما مجرم خان علمه وقسمه، لا يعرف البسطاء أنه لا يوجد فى مناهج كلية الطب شىء يدرسونه اسمه الختان، وإنما هى جريمة اتجار فى جسم طفلة بريئة، وراءها أهل متخيلون أنهم يقدمون لها الحماية من المجهول، هذا الأمر دفع المشرع المصرى بتاريخ 25/9/2016 وبناء على حملة ضغط من المجتمع المدنى المصرى إلى إصدار القانون رقم 78 لسنة 2016، الذى قام بتشديد العقوبة المنصوص عليها بالمادة 242 مكرر من قانون العقوبات سالفة الذكر من الحبس أو الغرامة إلى السجن، ما أدى إلى تحولها من جنحة إلى جناية، بالإضافة إلى وضع ظرفين مشددين للجريمة، وهما حدوث عاهة مستديمة أو وفاة المجنى عليها، فضلاً عن إضافة مادة جديدة بمعاقبة كل من طلب ختان أنثى وتم ختانها بناء على ذلك لأول مرة فى القانون، أى أن الأب والأم أيضاً معاقبان إذا تم الختان، ولهذا يعتبر التعاون بين المجلسين للتصدى لجريمة ختان الإناث أمراً مهماً ويحتاج إلى شراكة حقيقية مع الجميع وفى مقدمتهم منظومة العدالة بكل مكوناتها، الشرطة والنيابة والطب الشرعى والقضاء حتى نتخلص من هذه الجريمة.