أسواق القاهرة الأكثر تعرضاً للمشكلة.. وأصحاب المحال: نبحث عن حل
![زحام وتكدس داخل إحدى الأسواق](https://watanimg.elwatannews.com/image_archive/840x473/487926201563389679.jpg)
زحام وتكدس داخل إحدى الأسواق
بين الحين والآخر، تشهد القاهرة حريقاً هائلاً، يتسبب فى خسائر ضخمة، خاصة فى الأماكن المزدحمة، وكثيراً ما تسجل الأوراق الرسمية أن السبب «ماس كهربائى» نتج عن ارتفاع درجات الحرارة مع بداية فصل الصيف، دون التزام حقيقى من الجهات المعنية بإقرار معايير السلامة والأمان، وإجبار قاطنى هذه الأماكن على مراعاة تلك المعايير، حفاظاً على سلامتهم، وحماية لممتلكاتهم.
«الوطن» أجرت جولة بين أسواق العاصمة المزدحمة «العتبة» و«الموسكى» و«الحمزاوى»، التى يتنقل بينها «شيطان الحرائق»، حيث أكد عدد كبير من أصحاب المحال التجارية فيها أنهم فى خوف دائم من النيران التى تندلع باستمرار وتحرق ممتلكاتهم وبضاعتهم، مشيرين إلى أنهم يحاولون ابتداع طرق للسلامة والأمان، فبعضهم يفصل التيار الكهربائى عن المحل نهاية كل يوم، والبعض الآخر يجرى عملية إحلال وصيانة للوصلات الكهربائية بشكل دورى. لا تخطئ أى عين منطقة «العتبة»، حيث السوق الشهير المزدحم، والحركة المتواصلة التى لا تهدأ، وأصوات الباعة والزبائن التى تتداخل مع السيارات المتعثرة فى المرور بفعل الزحام، ورغم كل ذلك، فالأجهزة المعنية بمحافظة القاهرة لا تهتم كثيراً بمتابعة معايير السلامة والأمان، لذلك صار سوق «العتبة» من أكثر الأماكن التى تشهد حرائق مستمرة، دائماً ما تسجل تحقيقات النيابة العامة فيها أن سببها ماس كهربائى.
«كل سنة لازم يكون فيه حريق هنا، ودايماً السبب ماس كهربائى»، بهذه الكلمات بدأ حسن مصطفى، 45 عاماًً، صاحب محل لبيع ملابس الأطفال، حديثه عن تكرار الحرائق بالمنطقة، ويقول: «مع بداية الصيف بنبقى متوقعين إن فيه مشاكل هتحصل، لأن المنطقة هنا دايماً زحمة ومفيش أى وسيلة أمان»، وأضاف أنه يعمل فى منطقة العتبة منذ ١٥ عاماً، وخلال هذه الفترة تعرضت المنطقة لأكثر من حريق مروع «مفروض المنطقة دى تجارية وفيها حركة بيع وشراء عالية، لازم يوفروا لنا أى وسيلة أمان عشان نقلل الخسائر اللى بتحصل كل شوية».
بصوت يسيطر عليه الحزن والغضب، قال الرجل الستينى، محسن عبدالله، صاحب محل بيع أدوات منزلية: «بقالى 40 سنة فى المنطقة، وما سمعناش عن الحرايق دى غير من كام سنة فاتوا»، مضيفاً: «مش عارف إمتى الحوادث دى هتنتهى، ومش عارف إمتى المسئولين هيلاقوا لنا حل عشان ميبقاش فيه مصيبة كل شوية، وفيه حرايق ما بيكونش بس خسارتها مادية لا بيروح فيها أشخاص بدون ذنب».
وأشار «عبدالله» إلى أن محله يحوى بداخله أجهزة بمبالغ ثمينة، ويخشى أن يحدث حريق بجانبه «معظم الحرايق بتحصل فى نص الليل، كلنا بنكون نايمين فى بيوتنا، وعلى ما نيجى بتكون الدنيا خربت زيادة».
"صالح": "محلى اتحرق فى حادثة سوق الخضار.. وبقيت على باب الله"
فى ممر ضيق بـ«العتبة» يقع سوق الخضار، الذى ينتهى بعدد من المحال، تبدلت ألوان واجهاتها لتصبح سوداء، وسقطت أسقفها وتصدعت حيطانها، نتيجة حريق ضخم نشب فى المنطقة قبل أسبوعين، وطال عدداً كبيراً من تلك المحال، التى جلس أمام أحدها مجدى صالح، ٥٢ عاماً، يتابع أعمال التجديد لإعادة فتحه مرة أخرى، يقول: «٨٦ محل راحت فى آخر حريق حصل هنا، وكلنا على باب الله لشهر قدام، ومفيش حاجة بتعوضنا المصاريف اللى بنصلح بيها المحلات»، مشيراً إلى أنه «ورث المحل عن أجداده، منذ ٣٠ عاماً، وهذه هى المرة الأولى التى يتعرض فيها للحريق». وأكد: «عمرها ما حصلت، والنيابة لما عاينت قالت إنه ماس كهرباء هو السبب فى كل اللى إحنا فيه ده».
"على": "مع كل حريق بنتمنى المسئولين ياخدوا احتياطاتهم عشان مايتكررش لكن بيتكرر"
فى منطقة الموسكى لا يختلف مشهد الزحام كثيراً عن «العتبة»، ولا يوجد فارق، سوى تبدل محال الملابس بأخرى تبيع المفروشات والأجهزة الكهربائية. ياسر على، ٤٩ عاماً، صاحب محل حدايد وبويات، يعمل بالمنطقة منذ 25 عاماً، قال: «كل الحرايق اللى بتحصل هنا سببها مشاكل فى الكهرباء، وده لأن محدش بيعمل صيانة على كهرباء المنطقة كلها باستمرار». وأضاف: «كل ما يحصل حريق بنقول يمكن المسئولين ياخدوا احتياطاتهم عشان ميحصلش تانى، لكن الأزمة بتتكرر باستمرار، والمشكلة إن السبب واحد فى كل الحرايق ويبقى الوضع على ما هو عليه»، مؤكداً: «مفيش حد بيسعى إنه يحل المشكلة عشان ما تتكررش».
"ياسر": "بفصل الكهربا نهاية كل يوم عشان أحمى المحل"
وأوضح أنه بسبب تكرار الحوادث الناتجة عن مشاكل الكهرباء، أصبح يفصل التيار الكهربى عن محله نهاية كل يوم، حتى لا يتضرر عند حدوث ماس فى أى محل مجاور، مؤكداً: «بنزل مفاتيح الكهرباء بنفسى كل يوم قبل ما أروح، مع إنى كنت متعود أسيب الراديو على محطة القرآن فى المحل لحد لما آجى الصبح، بس أعمل إيه بقى، مضطر عشان أنا مش حمل خسارة».
التقط صبحى عوض، ٤٥ عاماً، صاحب محل لبيع الأجهزة الكهربائية، أطراف الحديث، قائلاً: «لما بيحصل حريق، بنبلغ المطافى فوراً، لكن طبعاً الدنيا هنا زحمة والطريق طول الوقت واقف بسبب زحمة العربيات، لأننا نعتبر على طريق رئيسى، وعلى ما تيجى المطافى بيكون الحريق زاد، وما بنلحقش نطلع بحاجة سليمة»، مضيفاً: «خايفين الزباين تبطل تيجى الموسكى خشية حدوث حريق أو مشكلة فى وجودهم». وأكد: «كل ما الناس هتسمع إن الحرايق هنا بتزيد، كل ما هيبطلوا ييجوا يشتروا مننا، ويشوفوا مكان تانى أمان، يعنى فى كل الأحوال وقف حال لينا».
تعتبر منطقة «الحمزاوى» من أشهر مناطق بيع الستائر والأقمشة فى وسط المدينة، وهى امتداد لشارع الأزهر، يقصدها الزبائن من مختلف المحافظات، حيث يزدحم السوق بحركة هائلة لا تنقطع طوال اليوم، وهى أيضاً من المناطق التى تشهد حرائق كثيرة.
"جمعة": "بنخاف من الصيف"
«كل شهر بنغير أسلاك الكهرباء اللى فى المحل كله، عشان ما نكونش سبب فى حريق لمحلنا أو لمحل حد تانى».. بهذه الكلمات بدأ جمعة بخيت، ٤٥ عاماً، صاحب محل لبيع الستائر والأقمشة، حديثه عن الاحتياطات التى يتخذها أصحاب المحال لمواجهة الحرائق، وأكد: «المحلات هنا كلها جنب بعض، يعنى لو حصل مشكلة فى محل، فى نفس الدقيقة بتوصل لآخر محل فى الشارع»، مضيفاً: «بنحاول نعمل كل اللى نقدر عليه عشان نقلل الحرايق، لأننا مش ناقصين وقف حال».
وقال حسن محمود، 47 عاماً، إن السبب فى حدوث الحرائق بالمنطقة هو وجود عدد من المحلات، اتخذها أصحابها مخازن، ويأتون إليها كل فترة، ولا يهتمون بصيانة وصلات الكهرباء الخاصة بها: «طول ما المحل مفتوح وأنا رايح جاى عليه كل يوم، أكيد هعرف مشاكله وأحلها، لكن المخازن محدش بيروح لها كل يوم، وبالتالى لو فيه مشكلة فى سلك ولا فى عداد الكهرباء، محدش هياخد باله منها»، مضيفاً: «مفروض يكون فيه متابعة من الحى ووزارة الكهرباء كل فترة، عشان يطمنوا من سلامة الأسلاك، لأن ده هيساعد كتير فى تقليل الحرايق».