آخر أوراق "إبيفانيوس" التي لم يلقيها: التمييز ونشأة الرهبنة
الأنبا إبيفانيوس
أعد الأنبا الراحل «إبيفانيوس»، أسقف ورئيس دير أبومقار، بعض الكلمات كان من المفترض أن يلقيها فى مناسبتين مختلفتين، خلال شهرَى سبتمبر ونوفمبر 2018، إلا أن القدر لم يمهله حتى ذلك الموعد، إذ تربص به راهبان اثنان فى الدير وقتلاه غدراً.
فى الذكرى السنوية الأولى لمقتله، يزيح دير «أبومقار» الستار عن تلك الكلمات التى ضمّها كتاب «الأنبا إبيفانيوس الذى أحب الرهبنة»، الصادر حديثاً بتلك المناسبة.
تحت عنوان «التمييز أو الإفراز» كتب الأنبا «إبيفانيوس» كلمته التى كان مقرراً أن يلقيها فى المؤتمر الـ26 للروحانية الأرثوذكسية، الذى انعقد فى دير «بوزى» بإيطاليا فى سبتمبر 2018، وكشف رهبان دير «أبومقار» بأن تلك الورقة كانت آخر ما شغل فكر الأسقف الراحل، فكان منشغلاً بكتابة الكلمة فى صباح السبت 28 يوليو الماضى، وعُثر عليها على جهاز الكمبيوتر الخاص به صبيحة وفاته.
نص خطابين أعدهما «إبيفانوس» قبل مقتله.. الأول خاص بكلمته فى المؤتمر الـ26 للروحانية الأرثوذكسية فى إيطاليا.. والثانى بمناسبة مرور 50 عاماً على تدشين الكاتدرائية المرقسية بالعباسية
يستهل الأسقف كلمته بقوله: «تقرر مجموعة كتابات آباء الرهبنة أن أهم فضيلة يجب أن يتحلى بها الراهب هى فضيلة الإفراز أو التمييز، وترى الرسالة إلى العبرانيين أن هذه الفضيلة هى للكاملين فى طريق الفضيلة.. وأعتقد أن المقصود بالإفراز هو الحكمة».
ويشير «الأسقف» إلى أن الإفراز هو أعظم فضائل الحياة الرهبانية، ويشرح كيفية اقتناء الإفراز، وأهمية الصلاة واقتناء الإفراز والتعليم.
الورقة الثانية التى أعدها «إبيفانيوس» حملت عنوان: «نشأة الرهبنة القبطية وانتشارها بين كنائس العالم»، وكان مقرراً إلقاؤها فى احتفالية مرور 50 عاماً على تدشين الكاتدرائية المرقسية بالعباسية فى 18 نوفمبر 2018، ويشير الأسقف فى تلك الورقة إلى أنه بعد انتشار المسيحية فى بلدان العالم القديم، وتغلغل التعاليم الإنجيلية فى قلوب المؤمنين الجدد، بدأ الشعور بقرب المجىء الثانى للمسيح يسيطر عليهم، وأحس بعضهم بأن الطريق الأفضل هو أن يزهد الإنسان فى ملذات العالم ليتفرغ للعبادة الكاملة، دون أى انشغالات، فكتب: «لم يكد ينتهى العصر الرسولى حتى بدأ نوع من الاضطهاد المنظم ضد أتباع الديانة الجديدة على أيدى أباطرة الرومان، فأحس الأقباط بسرعة المجىء الثانى للمسيح، وبدأوا يتخلون أكثر عن ممتلكاتهم ويمارسون حياة النسك والزهد، سواء داخل بيوتهم أو فى حياة شبه انفرادية بجوار المدن والقرى بالنسبة للرجال، كما نشأ ما يُعرف ببيوت العذارى»، لافتاً إلى أن نواة الحركة الرهبانية بين الأقباط ظهرت منتصف القرن الثانى الميلادى.
وأشار الأسقف فى تلك الورقة إلى القديس «أنطونيوس الكبير»، الذى هو أبوالرهبنة ومؤسسها، والقديس «أنبا باخوميوس» ورهبنة الشركة، والقديس «أنبا مقار الكبير»، و«الإسقيط المقدس» (ممارسة النسك).