حلمهم شقة.. أسرة من ذوي الإعاقة تروي مأساتها: شوفنا المُرّ ولسه بنعاني
راضي وزوجته
شقة ضيقة مكونة من حجرتين في إحدى حارات منطقة المراغي بالإسكندرية، إيجارها 250 جنيهًا، خالية من عدّاد الكهرباء والمياه، تسكن بها أسرة مكونة من 4 أفراد 3 منهم من ذوي الاحتياجات الخاصة، فيما يحمل رب الأسرة على كاهله، معاناة البحث عن شقة آدمية مزودة بالخدمات الأساسية: "أنا حتى بجمع فلوس الإيجار بالعافية، وبنشحت الميَّه والنور".
قصة الاحتياج بدأت حين خسر "نبيل راضي" 39 عامًا، والذي كان يعمل في "النقاشة" أحد أطرافه، إثر مشاجرة مع أحد الجيران حاول التحرش بزوجته "ربة منزل"، ألقاه خلالها الأخير من الطابق الخامس ليصاب بـ3 كسور "في منتصف عظمتي الساق اليمني، وفي عنق عظمة الشظية، وأسفل مداري عظمة الفخذ اليمنى"، وأجرى عملتي تنظيف للجرح وتثبيت بواسطة مسمار جاما، ثم بتر أسفل الركبة، حسبما أوضح التقرير الصادر عن مستشفى الحضرة الجامعي، قبل عام، دون أن يحرر محضر بالواقعة.
يروي "راضي" لـ"الوطن"، أن الحادثة أفقدته ساقه الأيمن، ليصبح من ذوي الاحتياجات، بجانب زوجته التي هي في نفس عمره، والمصابة بإعاقة في العين اليمنى، بجانب ابنه الأصغر "11 عامًا"، والذي يصطف بالمقعد نفسه، لذوي الإعاقة الذهنية، بتسجيل من جمعية التأهيل المهني بالإسكندرية برقم قيد 753.
وسعى له الأب ليضمن حق ابنه وحقه وحق زوجته التي تحتاج إلى عملية زرع عصب، ليبقى ابنه الأكبر، 13 عاما، هو المعافى بينهم.
وأوضح "راضي" أنه انتقل من مسكنه بمنطقة العجمي، محل الواقعة، إلى شقة أخرى، راويًا أنه عجز عن دفع أول إيجار، والذي بلغ 350 جنيها، مشيرا إلى أنه ومع تدهور حالته، استعان بأحد الأطراف الصناعية والذي منحته إياه إحدى الشركات بعد دراسة حالته الاجتماعية، بديلًا عن عصا العكاز الذي كان يعتمد عليها.
يقول الأب المصاب بإعاقة في الحركة، إن ظهره انحنى من كثرة جهوده في البحث عن إيجار شقة في متناول رزق يده، حيث أنه لم يعد قادرا على الحركة بعد أن قطن لـ6 مرات بمناطق مختلفة بالإسكندرية: "أنا ماعيش دخل أدفع منه الإيجار، وفين حق أسرتي من حقوق ذوي الإعاقة"، مشيرا إلى أن الإصابة جعلته قعيدا في المنزل، مستعينا بأحد الأطراف الصناعية، باحثًا عن شقة تحيط جدرانها أسرته.
ويضيف: "إحنا بنشحت المياه في جراكن، والنور ماشي على عدّاد بيت تاني، والشقة مفيهاش خدمات والعيشة صعبة".
ويستطرد "راضي" أنه ارتضى بالجلوس إلى جوار ابنه الذي يقود "توك توك" لتوصيل الركاب، بالرغم من صغر عمره، ليجمع يوميا 50 جنيها، لا تكفي احتياجات معيشتهم، مشيرا إلى أن أحد المتربصين له سرق الـ"توك توك" في غفلة من أمره، رغم أنه ما زال يسدد أقساطه: "مش عارف هاكل منين".
وبِقِلَّة حيلة، يتابع أنه لجأ مرة ثانية إلى شراء "تروسيكل" بثمن 26 ألف جنيه بعد سرقة الـ"توك توك" الذي كان يستقله لجمع قوت يومه، ليستطيع الإنفاق على ولديه وزوجته: "أنا عملت جمعية واشتريته بالقسط برضو، ولسه عليا أقساط 3 آلاف جنيه كل شهر ملزم بيها"، وأعمل يوميا لـ12 ساعة في توصيل الطلبات لسدادها.