والد أحمد مجدي لـ الوطن: "ابني كان عارف أنه هيموت.. يارتني سبته يحضني"
والد أحمد مجدي
"جلست أكلم البحر وكلما رأيت موجة أرى أحمد فيه، وأحس أنه موجود، وأقول اللهم أجرني في مصيبتي"، بتلك الكلمات وصف والد أحمد مجدي الطالب بكلية الطب جامعة المنصورة، الذي فارق الحياة بعد غرقه في سواحل دمياط، أحزانه على فراق نجله.
حالة من الحزن تعتصر الأم من مرارة فراق ابنها، يرويها الأب لـ"الوطن": "عندما تبكي أمه، أقول لها هذا هو الامتحان وهو صعب علينا كلنا، ولابد أن نجتازه ونصبر، أعطينا لأمه حقن مهدئة حتى تتحمل، ولمدة 3 ليالي رايحين جايين على الشاطئ ننتظر خروجه".
وأضاف مجدي: "عندما علمت بغرق نجلي، كنت في طريقي إليه، وكلما تأخر هناك يتوافد الشباب علينا من كل مكان يواسونا أو يقفوا بجوارنا، ظلوا على الصخور يحاولون، رغم أنهم قالوا لي من يدخل في هذا المكان لا يخرج".
وتابع: "ربنا رجع جثمانه لنا، والتأخير كان ميزة، فالعالم كله يتكلم عنه والناس صلوا له في القدس والكعبة، وعملوا له عمرة، وسيظل حيا في قلوبنا، ونتمنى أن يكون قدوة للشباب".
يروي والد الطالب لحظات الضيق والألم التي مر بها قبل العثور على جثمان نجله، "مرت 3 أيام وكأنها 3 سنوات وأنا أجلس أبكي، وأقول يارب إن كان متوفى ارحمه، وإن كان حيا رده لنا، كنت أتخيل أنه ليس في المياه، وهذه حكمة ربنا، وكل السلطات اهتمت بحادث غرقه حتى جرى استخراجه، الله أخره لكي يتعلم الشباب أن كل شيء بأمر الله، والذي وضعه بين صخرتين ولم يخرج إلا بإذن الله، وجنازته شاهدها العالم كله، وهيبقى دكتور في الجنة إن شاء الله".
يتذكر الأب اللحظات الأخيرة التي جمعته بنجله قبل الفراق، "قال لي أنا رايح أصيف يومين، وكنت دائما أوافق له على طلباته، ربنا وضعه لنا بين الصخور ليؤكد أنه أمام أعيننا إلا أنه لن يخرج إلا بإذن الله، وعندما بدأنا ننحت في الصخور وقعت بنطة التكسير في المياه مرتين حتى لا يخرج إلا في موعد حدده الله".
وأضاف أنه كلما تأخر في المياه كانت دعوات الشباب تزداد، ويصلوا ويدعوا له، متابعا: "كان هناك وكيل نيابة يقضي شهر العسل في دمياط، وزوجته أصرت على أن ينزل ليبحث معنا على أحمد، تعجبت، أناس جاءت لنا من الإسكندرية، ومرسى مطروح، الكل كان يضحي ليس بأمواله فقط، بل بصحته أيضا، وأصبح الشباب حولي كلهم أحمد، ليس أحمد واحد، وأتمني أن يكون مثالا لكل الشباب، وكنت أطلب منه أن يعمل يومين لله، وأنا يكشف على الغلابة في عيادته مجانا".
40 يوما تغيرت فيها أحوال الابن، وبحسب والده، "كنت بأقوله: أنت مش أحمد، كان حريصا على العائلة كلها، بشكل يلفت الانتباه، ويحتضنني بعنف وكأنه يريد أن يؤثر في جسدي، ويقول لي أحبك يا أبي وكانه يريد أن يؤثر فيّ، لدرجة كانت تستفزني وأغضب وأخرج عن شعوري، فلم أفهم رسالته إلا الآن، وأقول ياريتني تركته يفعل ما يريد، ويتحدث معنا جميعا، أقول له: أنت مالك، فيقول لي: أنا هاموت".
وذكر أنه اشترى كاميرا وطلب أن يتصور مع أسرته، "ملأ الدنيا بصوره وكأنه كان يشعر باقتراب أجله، وأدعو الله أن يجعله من أهل الجنة، وأتمنى أن يكون مثل أعلى لكل الشباب، فقد كان يحب النظام ويعلق شهادته على الحوائط، ويرتدي ويحب كل شيء نظيف، لا يبدأ في المذاكرة إلا وكل شيء حوله مرتبة".
وعن صفات أحمد، أكد أنه لم يكذب مرة في حياته حتى لو أخطأ، وكان هذا يريح والده، "كنت أعرف نتيجته في الامتحانات قبل إعلانها من صراحته، لقد زرع في أشقائه الصراحة، كان قلبه أبيض، مهما كان عصبيا، وأنا سعيد باستشهاده فهو في أعلى الدرجات، فكل ما يجري عليه الناس في الدنيا من رضا الله، هو أخده وفي ميزان حسانته".
وعن مسيرة أحمد الدراسية، أكد والده أنه "كان الأول في جميع الشهادات منذ الصف الأول الابتدائي ويفتخر بذلك، وعلق كل شهاداته وحصل على شهادات حفظ القرآن".
وأكمل: "اعتبرت الثانوية العامة مرحلة فاصلة في حياته، وكان يحكي لي عن كل شيء، ولما دخل طب رغم الإمكانيات الضعيفة دخل في سكن في مدينة مميزة، وكان يحضر للقرية ليجلس مع الشباب: يقول أنا عرفت طريقي".