الجنازات: رسائل حب لأهل الشهيد.. وتهديد للجماعات الإرهابية
جنازة الشهيد محمد شعبان
تمتلئ الطرقات بالجماهير، حزنهم الجارف واضح، فلم تكن عيونهم المرهقة فقط التى تبكى، بل قلوبهم المنكسرة أيضاً، يسيرون يداً بيد، بعد أن نسى كل منهم منصبه، أو انتماءه أو حتى طبقته الاجتماعية، كأنهم موج واحد، لا يمكن معرفة أصحاب المناصب الرسمية من المواطن العادى، هدف واحد يسيطر على عقولهم هو تكريم الشهيد الذى قدم روحه فداءً للوطن، هو حال جنازات شهداء الجيش والشرطة، التى صارت ورداً مكتوباً على كل محافظة فى مصر.
كان آخر تلك المشاهد المهيبة، جنازة الشهيد الرائد بالقوات المسلحة، محمود جمال عبدالفتاح منتصر، الذى استُشهد خلال عملية تطهير سيناء من البؤر الإرهابية، التى شارك فيها الآلاف من أبناء قريته المحروسة بقنا.
"صادق": ترفع الروح المعنوية لأسر الضحايا
«تلك الجنازات ليست مجرد توديع للشهيد خلال ذهابه إلى مثواه الأخير، لكنها تحمل الكثير من الرسائل الضمنية»، كلمات الخبير الأمنى اللواء محمد صادق مساعد وزير الداخلية الأسبق، مؤكداً أن أولى تلك الرسائل هى رفع الروح المعنوية لأهالى الشهداء وشد أزرهم، وتقديم المواساة فى مصابهم الأليم، وأن الدولة تقدر دماء ابنهم.
أما الرسالة الثانية حسب «صادق»، فهى موجهة لزملاء وأقران هؤلاء الشهداء، فعندما يرون تلك الجنازات، التى يشارك فيها جميع رجال الدولة وأجهزتها الأمنية والتنفيذية المختلفة جنباً إلى جنب مع المواطنين، فهم يعلمون أن الدولة ترى دورهم بعين التقدير وتأخذه بجدية شديدة: «يدركون وقتها أن أسماءهم سيخلدها الوطن، وأن الناس العادية تمتلئ بالحب والامتنان لتضحياتهم، وبالتالى يشاركون فى تلك العمليات الأمنية دون خوف من النسيان».
واعتبر «صادق» أن الرسالة الثالثة موجّهة للجماعات الإرهابية نفسها، بأن الدولة يقظة وأن لها تقاليدها وأعرافها التى تحترمها وتحرص على تنفيذها: «تدرك تلك الجماعات وقتها أنها لا تحارب أفراداً أو عصابة، بل كياناً كبيراً، وأنه سيظل يلاحقها حتى يقضى عليها».
شقيق عمرو عبدالخالق: شاهدت مدى حب الناس وتقديرهم لأخى فى جنازته
من جانبه، قال محمد عبدالخالق، شقيق شهيد الشرطة الرائد عمرو عبدالخالق، الذى استشهد أثناء ضبط مخزن متفجرات داخل شقة بشارع اللبينى بالهرم: «شفت فى الجنازة تقدير لعمرو وحب الناس له، خصوصاً إنه شارك فيها ناس كتيرة ماكناش نعرفها غير الأصدقاء والأقارب والجيران». وأشار «محمد»، 36 عاماً، والذى يعمل مهندساً زراعياً، أنه رغم أهمية الجنازات، إلا أنها فى عرف الشهيد وأهله تحمل الكثير من السعادة والكثير من الحزن، قائلاً: «الشهيد وأهله مش بينتظروا هياخدوا إيه مقابل تضحيته، هو بحكم شغله عارف إنه داخل فى مهنة ممكن فى أى لحظة يفقد فيها حياته، وأنها مهنة ليها سمو، لأنها قايمة على التضحية للوطن، ومحدش يقدر يقوم بالمهمة دى سوى قلة قليلة، لذا فالجنازات رغم جمالها إلا أنها بتبين حب الناس للشهيد، وده اللى إحنا شوفناه فى جنازة أخويا».