"السياحة".. البنوك تمول 37% من احتياجات القطاع وتحسن أداء الشركات يبشر بإبرام صفقات جديدة
القطاع السياحى يشهد انتعاشاً خلال الفترة القادمة
ينشر «الوطن الاقتصادى» تحليلاً حول مدى توجه الشركات الاستثمارية للتمويل المصرفى خلال الفترة الحالية، ويأتى ذلك فى ضوء انخفاض نسبة توظيف الودائع فى منح القروض بالقطاع المصرفى، حيث سجلت فى المتوسط نحو 46.4% بنهاية يونيو الماضى، مقابل من 80 إلى 85% فى أوروبا والكثير من دول العالم، ويتوجه البنك المركزى نحو زيادة هذه النسبة، حيث قال طارق عامر، محافظ البنك المركزى، فى تصريحات سابقة، إن معدلات توظيف الودائع فى منح القروض لا تليق بوضع القطاع المصرفى المصرى الحالى، فهناك دول تصل فيها تلك النسبة إلى 100%، موضحاً أن القطاع المصرفى يسعى إلى رفع نسب التوظيف الحالية.
ويتطلب هذا الأمر وجوب توجه البنوك لدراسة الانخفاض السيئ فى تمويلات الشركات، ودراسة سبل زيادة هذه التمويلات، حيث انخفضت نسبة الائتمان لقطاع الأعمال الخاص إلى 22.7% من إجمالى الائتمان بنهاية يونيو 2019، مقابل 24% بنهاية يونيو 2014. وتبدأ «الوطن الاقتصادى» بقطاع السياحة من خلال تحليل القوائم المالية لعدد ١٢ شركة من الشركات السياحية المدرجة بالبورصة، التى أتيحت عنها البيانات المالية اللازمة، لتكون بمثابة عينة عشوائية لقياس مدى اعتماد شركات السياحة على البنوك فى تمويلاتها.
وأوضحت القوائم المالية خلال النصف الأول من 2019 أن إجمالى التسهيلات الائتمانية المقدمة من البنوك لـ12 شركة بلغت نحو 4.322 مليار جنيه، فيما بلغ إجمالى التزامات تلك الشركات نحو 11.72 مليار جنيه، ليصل الوزن النسبى للتسهيلات الائتمانية المقدمة من البنوك إلى إجمالى التزامات تلك الشركات لنحو 36.9%.
"شارم دريمز" الأعلى بنسبة 81% من إجمالى التزاماتها
وكانت أعلى الشركات اعتماداً على القطاع المصرفى؛ شركة «شارم دريمز للاستثمار السياحى» بنسبة 81% من إجمالى التزاماتها، فيما تأتى شركة «الشمس بيراميدز» فى المركز الثانى بنسبة 71%، وشركة «أوراسكوم للسياحة» بنسبة 66%، بينما لم تتخط شركات قطاع السياحة الأخرى متوسط الوزن النسبى للتمويلات المصرفية إلى إجمالى التزاماتها (٣٧٪ تقريباً)، وكانت أقل الشركات اعتماداً على القطاع المصرفى شركة «المصرية للمشروعات السياحية العالمية» بنسبة 11%، تليها شركة «رمكو لإنشاء القرى السياحية» بنسبة 15%، ثم تأتى شركة «رواد مصر للاستثمار السياحى» بنسبة 15.5%.
"أوراسكوم السياحية" الأكثر اقتراضاً من البنوك بقيمة 3.45 مليار جنيه
كما تصدرت شركة «أوراسكوم للسياحة» الشركات الأعلى قيمة فى الاعتماد على القطاع المصرفى بقيمة 3.45 مليار جنيه، تليها شركة «رمكو» بقيمة 495.43 مليون جنيه، بينما تعد شركة «شارم دريمز» الأقل اعتماداً على القطاع المصرفى بقيمة 517.9 ألف جنيه، تليها شركة «رواد مصر» بقيمة 10.04 مليون جنيه.
بينما لم توضح القوائم المالية لـ5 شركات عاملة فى قطاع السياحة ومدرجة فى البورصة المصرية حصولها على تسهيلات ائتمانية من قبل القطاع المصرفى، وفقاً للبيانات المتاحة، سواء فى البنود الإجمالية المتعلقة بالديون أو فى الإيضاحات المتممة لها. ولم يغفل البنك المركزى عن محاولاته فى دعم السياحة فى مصر، حيث أطلق مبادرة لدعم قطاع السياحة فى فبراير 2016، يتم خلالها قبول أى طلبات لتأجيل الاستحقاقات المقدمة من البنوك للشركات السياحية لمدة حدها الأقصى 3 سنوات، وتم مد فترة سريان المبادرة على أن تنتهى بنهاية العام الحالى، كما أطلق «المركزى» مبادرة قروض التجزئة للعاملين بقطاع السياحة فى ديسمبر 2015، التى يتم خلالها السماح للبنوك بإمكانية ترحيل استحقاقات عملاء القروض لأغراض استهلاكية والقروض العقارية للإسكان الشخصى، وتم مد فترة سريان المبادرة على أن تنتهى بنهاية العام الحالى أيضاً.
حازم حجازى: البنوك المصرية ترحب بتمويل قطاع السياحة.. وعدم إعداد ميزانيات الشركات الصغيرة يبطئ معدلات الإقراض
يرى حازم حجازى، نائب رئيس بنك القاهرة، أن القطاع المصرفى يرحب دائماً بضخ تمويلات جديدة فى كافة القطاعات الاقتصادية، وعلى رأسها القطاع السياحى لما له من أهمية بالغة فى دفع عجلة نمو الاقتصاد القومى، وأشار إلى أن الأزمة فى ضعف نسب التسهيلات الائتمانية للقطاع السياحى تكمن فى الفجوة الكبيرة بين حجم الشركات السياحية، فيوجد فى القطاع عدد محدود من الشركات كبيرة ومتوسطة الحجم تستحوذ على النصيب الأكبر من السوق، وهى التى تعتمد على القطاع المصرفى بنسبة كبيرة من إجمالى التزاماتها، بينما يوجد فى القطاع السياحى قاعدة كبيرة من الشركات صغيرة الحجم وهى التى تواجه صعوبة فى استيفاء الشروط الائتمانية التى تطلبها البنوك.
وأضاف أن البنوك تعكف جاهدة على زيادة نسب توظيف الودائع إلى القروض، وضخ المزيد من التمويلات فى قطاع السياحة، بينما يتوجب على شركات القطاع صغيرة الحجم إعداد ميزانياتها بشكل جيد والسعى لاستيفاء الأوراق والشروط البنكية اللازمة، وأشار إلى أن بنك القاهرة سيسعى خلال الفترة المقبلة لزيادة نسب التمويلات المقدمة للمنشآت السياحية الصغيرة، ومن الممكن ضمها ضمن مبادرة البنك المركزى للمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر والاستفادة من أسعار الفائدة المنخفضة، كما ذكر حجازى أن مبادرة البنك المركزى لدعم قطاع السياحة أثرت على البنوك ذات النسب التمويلية المرتفعة لشركات القطاع، مشيراً إلى أن توسع البنوك فى إنشاء شركات التأجير التمويلى سيدعم تأسيس الفنادق والقرى السياحية.
وتوقع تطور محفظة التمويل المصرفى فى القطاع السياحى تدريجياً خلال الفترة المقبلة، مرجعاً ذلك إلى توجه البنك المركزى لخفض أسعار الفائدة ما سيجذب كثيراً من الشركات للاقتراض المصرفى، فى ظل رغبة شركات القطاع فى التوسع الاستثمارى، خاصة بعد استقرار الوضع الأمنى والسياسى فى مصر خلال الفترة الماضية.
فيما أوضح على كامل، رئيس غرفة المنشآت السياحية بمحافظات الدلتا ومدن القناة، أن السنوات الماضية كانت التسهيلات الائتمانية المقدمة من البنوك محدودة للغاية لما كان يمر به القطاع من ركود بسبب الاضطرابات السياسية والاقتصادية التى مرت بها مصر، بينما شهدت الشهور القليلة الماضية نواة توسع كبير للقروض والتسهيلات الائتمانية البنكية فى القطاع السياحى، وأشار إلى أن الشركات السياحية تعانى من ارتفاع معدلات الفائدة ما يزيد من تكلفة الاقتراض بشكل كبير، كما تشترط البنوك فى كثير من الأحيان عدم وجود فترات سماح فى سداد الأقساط، مضيفاً أنه فى ظل ركود السياحة فى مصر، الشركات السياحية بحاجة لدعم كبير من القطاع المصرفى لإعادة تنشيط السياحة ورواجها مرة أخرى، وذكر أن إجمالى التسهيلات الائتمانية المقدمة من البنوك للشركات السياحية لمحافظات الدلتا ومدن القناة تتخطى 600 مليون جنيه، مشيراً إلى وجود أكثر من 10 شركات تسعى للتفاوض من بعض البنوك التجارية للحصول على تسهيلات ائتمانية بشروط ميسرة.
واستهل أبانوب مجدى، محلل أول قطاع البنوك والمؤسسات المالية ببنك الاستثمار بلتون فايننشال، حديثه بأن البنوك تتحفظ فى تعاملاتها مع القطاعات الأعلى مخاطر والأكثر تأثراً بالأحداث الجارية فى كافة القطاعات المحيطة بها، وتتصدر السياحة هذه القطاعات، خاصة أن المنشآت والشركات السياحية عانت من الركود خلال الفترة الماضية، وفى ظل سعى البنوك للحفاظ على أموال المودعين جعلها تقلص من معدلات تمويل السياحة خلال السنوات الماضية.
وأشار إلى أن البنك المركزى يعكف الفترة الحالية على تشجيع البنوك لدعم قطاع السياحة، وإعادة هيكلة مديونيات شركات القطاع من خلال المبادرة التى أطلقها «المركزى» لتنتهى بنهاية العام الحالى، مضيفاً أن إيرادات السياحة بدأت تزدهر مرة أخرى خلال الشهور القليلة الماضية، الذى سيشجع البنوك على التوسع فى ضخ المزيد من التمويلات للقطاع خلال الفترة المقبلة، وأوضح أنه مع الخفض التدريجى لأسعار الفائدة المتوقع خلال الفترة المقبلة سيشجع شركات السياحة على التوجه للاقتراض من القطاع المصرفى بشكل كبير، كما سيزيد الخفض من طلب الأفراد على السياحة الداخلية وهو ما سيرفع من نشاط القطاع السياحى فى مصر.