الحكيم وأبوالقاسم.. ذكرى مولد ووفاة اثنين من رموز الأدب والشعر العربي
توفيق الحكيم
تحل اليوم ذكرى مولد و وفاة اثنين ممن أثروا في وجدان الشعوب العربية، حيث شهد يوم 9 اكتوبر من عام 1898، مولد توفيق الحكيم، رائد المسرح في الأدب العربي، كما يحمل نفس اليوم ولكن في عام 1934، وفاة الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي.
اشترك الاثنان في العديد من الصفات أبرزها هو الاقتراب كثيرًا من الواقع، حيث جاءت أعمالهم بها العديد من الدلالات والرموز التي يمكن إسقاطها على الواقع العربي، و في السطور التالي، يرصد "الوطن" محطات هامة في تاريخ الحكيم، والشابي، من خلال رحلة في أرشيفهما:
توفيق الحكيم
كاتب وأديب مصري وأحد رواد المسرحية والرواية العربية في العصر الحديث. سُمي مسرح توفيق الحكيم بالمسرح الذهني، لأن قصصه تنتقل إلى داخل ذهن المشاهد وتأخذه في تفكيرٍ عميق.
وُلد توفي الحكيم في مدينة الإسكندرية في مصر لأسرة ثرية من ملاكي الأراضي، وكان والده قاضيًا في الإسكندرية، و أظهر منذ صغره حبًا وولعًا بالآداب، حيث بدأ بارتياد المسارح وحضور العروض للممثلين الشهيرين من أمثال جورج أبيض. كتب عدة مسرحياتٍ قصيرة بينما كان يتابع تعليمه الثانوي وقام أصدقاؤه بتأديتها.
قضى الحكيم فترة ثلاث سنوات من حياته في باريس، عانى الحكيم من صدمةٍ ثقافيةٍ عكسية عندما أجبره والده على العودة من باريس إلى مصر. ونجد ذلك جليًا في حنينه إلى السنوات الجميلة التي قضاها في باريس، وعمل عند عودته إلى مصر نائبًا للمدعي العام، وانتقل بين مختلف الأقاليم المصرية في الفترة الممتدة بين 1928 و1934، واستمد إلهامه لروايته الشهيرة "يوميات نائب في الأرياف" التي نُشرت في عام 1937 من هذه التجربة. أصبحت هذه الرواية من الروايات الخالدة في الأدب كونها الأولى من نوعها التي تستكشف الفروقات بين عقلية المصري الفلاح وبين الموظفين القانونيين العاملين في سلك القانون.
عمل بعدها في وزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة التعليم بين عامي 1939 و1943، لكنّه ترك العمل الحكومي لاحقًا ليكرس نفسه للكتابة، وتم تعيينه في عام 1951 مديرًا للمكتبة، الوطنية وبقي في هذا المنصب المهم حتى عام 1956. أصبح بعدها عضوًا في المجلس الأعلى للفنون والآداب والعلوم الإنسانية والعلوم الاجتماعية.
كتب في العديد من المجالات مثل القصص القصيرة، المقالات، كما كتب كلمات لأغانٍ وطنية، ودخل بعد ذلك كلية الحقوق في جامعة القاهرة، لكنّه لم يبلِ جيدًا فيها، وانتقل لدراسة اللغة الفرنسية، و بدأ الكتابة باسمٍ مستعار "حسين توفيق"، ليبعد العار عن عائلته التي كانت تعتبر مثل معظم العائلات في ذلك الوقت أن الكتابة مسعىً تافه لا يليق بالعائلات المميزة.
كتب عددًا كبيرًا من المسرحيات، لكن وعلى الرغم من هذا العدد الكبير، قلةٌ منها يمكن تمثيلها على خشبة المسرح، فمسرحياته كُتبت لتُقرأ. حملت مسرحياته كمًّا هائلًا من الدلالات والرموز التي يمكن إسقاطها على الواقع العربي، وكانت معظم هذه المسرحيات للمسرح العام، لامست تلك المسرحيات الغنائية والكوميدية جوانب اجتماعية وسياسية، فتطرقت مسرحية "الضيف الثقيل" إلى الروح القومية متزايدة الحماس في تلك الفترة في مصر إبان ثورة 1919.
شهد عام 1933 نشر أول مسرحيةٍ فلسفية للحكيم بعنوان "أهل الكهف" وهي قصة مستوحاة من القرآن، وكانت هذه المسرحية البداية للعديد من المسرحيات التي أصبحت أساسًا كلاسيكيًا للأدب العربي الحديث، وساهم الحكيم في الكتابة في عمود الآداب في صحيفة الأهرام، وكتب العديد من التحليلات السياسية والانتقادات اللاذعة التي انتشرت بشكلٍ واسع عبر العالم العربي.
واستمرت مسرحياته الفلسفية من أمثال "شهرزاد والسلطان الحائر" بالنجاح حتى أنّها تعتبر من كلاسيكيات المسرح المصري، وكتب الحكيم أكثر من 50 مسرحية ليكون بذلك مؤسس الدراما العربية الحديثة. وحصل في عام 1958 على قلادة الجمهورية من الرئيس جمال عبد الناصر لمساهماته المختلفة وخاصةً عن عمله المميز "عودة الروح" الذي يعتقد أنّه ألهم عبد الناصر نفسه إضافةً إلى الجيل بأكمله، حيث كانت تحمل رموزًا مختلفة تعود إلى مصر القديمة وأمجادها الخالدة التي عمل عبد الناصر على إحيائها. وحصل في عام 1962 على جائزة الدولة التقديرية لإخلاصه للفن وبشكلٍ خاص الدراما، بالإضافة إلى إشعاله الروح القومية من خلال كتاباته الدرامية، واهتمامه العميق بإنهاء كافة مظاهر الظلم والفساد.
أبو القاسم الشابي
كانت حياة الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي قصيرة لم تتجاوز 25 سنة، حيث ولد 24 فبراير 1909، وتوفى 9 اكتوبر 1934، وظل الناس ومحبو الشعر يذكرونه بمطلع إحدى قصائده والذى يقول فيه: "إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر".
وولد «الشابي» فى24 فبراير 1909بقرية الشابية بتونس، تخرج في جامعة الحقوق في 1934 وجاب المدن التونسية برفقة أبيه بحكم عمله كقاض وتوفى أبوه في سبتمبر 1929، وبدت على «الشابى» أعراض مرض القلب في 1929 وازدادت حالته سوءاً وتعرض لصدمة موت حبيبته كما لم يمتثل إهماله لنصيحة الأطباء بعدم الزواج لكنه امتثل بالتوقف عن الرياضة وساءت حالته أكثر في آخر 1933.
من أبرز قصائده المغناة إرادة الحياة غناء وإنشاد عدد كبير من المغنين والمنشدين العرب، و "إلى طغاة العالم" غناء لطيفة، و"اسكني يا جراح" غناء أمينة فاخت وأبو بكر سالم بلفقيه وحمد الريح، و "ألا انهض وسر"، غناء ماجدة الرومي، و"قصيدة الراعي"، غناء فيروز.