خبير في الشأن التركي: المؤسسات الدينية وفرت منصة لعناصر الإخوان برعاية مخابراتية
الدكتور بشير عبدالفتاح
قال الدكتور بشير عبدالفتاح، الخبير فى الشأن التركى بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان حوّل المساجد إلى سلاح سياسى لتنفيذ أطماعه وتحقيق أهدافه السياسية والانتخابية ودغدغة مشاعر المسلمين.
د. بشير عبدالفتاح لـ"الوطن": "أردوغان" حوّل بيوت الله إلى سلاح سياسى لتنفيذ أطماعه
وأضاف «عبدالفتاح»، فى حوار لـ«الوطن»، أن «الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل حوّل المساجد إلى منصات للتجسس على معارضيه بعد محاولة الانقلاب العسكرى التى وقعت منتصف يوليو 2016»، إلى نص الحوار:
كيف ترى استخدام الرئيس التركى المساجد للتجسس على معارضيه؟
- «أردوغان» يلجأ لكل وسيلة ممكنة لملاحقة معارضيه بعد الهوس الذى أصابه عقب محاولة الانقلاب العسكرى التى وقعت منتصف يوليو عام 2016، بخلاف تراجع شعبيته بشكل كبير وزيادة الغضب عليه فى الداخل والخارج، أصابته حساسية جعلته يلاحق المعارضين فى كل مكان.
وكيف ينفذ ذلك؟
- يقوم الرئيس التركى بتغيير أئمة المساجد من وقت لآخر، ويقوم بإرسال بعثات دينية تتجسس على المجموعات المعارضة له، وتم ضبط مثل هؤلاء من قبَل أجهزة أمن واستخبارات فى الدول الأوروبية التى عبّرت عن غضبها واستيائها من ممارسات النظام التركى، خصوصاً بعد تطور الأمر ووصوله إلى التصفية والاغتيالات على أراضيها، ما يشكل انتهاكاً واضحاً لسيادة هذه الدول.
إلى أى مدى يعبِّر استخدام المساجد كمنصات للتجسس عن تناقض الرئيس التركى؟
- الدين جزء من استراتيجية «أردوغان»، لذا عمل على دغدغة مشاعر المسلمين فى «الأناضول» للحصول على أصواتهم بدعوى أنه يحافظ على الإسلام والمسلمين من العلمانية، ومن خلال هذا استطاع أن يحصد أصواتهم، وفى الخارج يريد أن يظهر دوماً بمظهر الرجل الذى يدافع عن الدين وعن القضية الفلسطينية، وهذا الأمر انعكس على موقفه من المعارضة، لأنه إذا كانت المعارضة ستستغل المنابر الدينية، فالرئيس التركى وظف الدين والمساجد بطريقة أو أخرى، المسألة لم تعد مسألة أن المساجد للدين والدعوة، وإنما تحولت المساجد إلى سلاح سياسى بيد الرئيس التركى، وليس لديه غضاضة فى استخدامها لتحقيق أهداف سياسية بمنطق الغاية تبرر الوسيلة.
هل هذا سيؤثر على «أردوغان» وحزب «العدالة والتنمية»؟
- «أردوغان» منذ البداية لا يراعى حرمات المساجد، وكان يستخدم المساجد لإلقاء بعض الخطب عقب صلاة الفجر أمام المسجد، واستخدم المساجد فى الدعاية الانتخابية، وحوّل «آية صوفيا» إلى مسجد فى إطار الدعاية الانتخابية للانتخابات البلدية الأخيرة، لذا أرى أن توظيف الدين والمساجد فى السياسة أمر غير مستبعَد وغير جديد بالنسبة لـ«أردوغان».
هناك تقارير تقول إن المساجد التركية فى الخارج ومنظماتها الدينية أصبحت منصة لنفوذ عناصر الإخوان، ما رأيك؟
- المؤسسات الدينية والثقافية التركية من ضمن وسائل التمكين التى يقدمها «أردوغان» لجماعة الإخوان، ومعروف فى الغرب وآسيا أن هناك طريقين للمساجد والدعوة: الطريق التركى والطريق السعودى، وهذا مشهور ومعتمد، «أردوغان» لم يتورع عن نشر الإخوان فى هذه الأماكن، وحين بدأت بعض الدول الأوروبية تضيّق على الإخوان وتحاول تصنيفهم كجماعة إرهابية، لجأت الجماعة إلى المؤسسات التركية فى أوروبا، بما فيها المساجد والمراكز الثقافية والدينية، «أردوغان» لم يجد غضاضة فى توفير المؤسسات التى تعمل من خلالها الجماعة بالتنسيق مع أجهزة استخباراتية كان لها دور فى إنشاء جماعة الإخوان من الأساس مثل المخابرات البريطانية والأمريكية.
ماذا عن إنشاء مسجد فى جيبوتى هو الأكبر فى شرق أفريقيا؟
- هذا يأتى ضمن القوة الناعمة لتركيا، «أردوغان» يريد القول إنه لا يبحث عن مصالحه، يريد القول إنه ليس عربياً لكنه يخدم الإسلام، وهذا يخدم مشروع توسيع نفوذه واستعادة الخلافة العثمانية التى يحلم بها، لأن تركيا علاقتها ونفوذها فى العالم لم يأتيا إلا من خلال الإسلام، الذى لولاه ما انتشر الأتراك وكان لهم الثقل الكبير ولبقوا مجرد قبائل تقوم بقطع الطرق، وبالتالى أفريقيا جزء من هذه الاستراتيجية.