"حكورة".. المركز الرئيسى لـ"قدارة" وولدها في "أرض عزيز عزت"
حوارى أرض عزيز عزت بإمبابة مرتع لتوزيع المخدرات
أعط ظهرك للنيل فى المنطقة الفاصلة بين ميدان الكيت كات وكوبرى إمبابة وتوغل إلى الداخل ستجد نفسك فى أرض عزيز عزت التابعة إدارياً لحى إمبابة بمحافظة الجيزة، من الصعب جداً تحديد عرض الشارع لأنه ليس ثابتاً، فالعشوائية تجعله يتسع ويضيق حسب اتجاهات المبانى فهو ليس مستقيماً، مثل شارع «الحرية» الذى يشق قلب هذه المنطقة ويصل إلى أول شارع «مراد» المحازى لأكثر المناطق ترويجاً للمخدرات، حسب السكان، وهنا توجد «حكورة» مقصد الكثيرين من مدمنى المخدرات وأكثر الدواليب شهرة فى مناطق الجيزة الشعبية.
«حكورة» هى المركز الرئيسى لتجارة المخدرات فى المنطقة، وهى عبارة عن حارتين متجاورتين تضم كل أباطرة الكيف فى هذه المنطقة، دخلنا المنطقة لرصد كيف تسير الأمور هناك، كان دليلنا فى الوصول إليها طلب المساعدة من الناس الذين كانوا يرمقوننا بنظرات تنوعت بين الشفقة والاستنكار والنفور، وبعضهم طلب منّا ألا نسأل أحداً آخر ونتوجه مباشرة إلى المنطقة، وفقاً لوصفه الدقيق، وصولنا إلى شارع مراد وهو شارع تجارى يبدأ من منتصف شارع الحرية، أرضيته مرصوفة ببلاط «الإنترلوك»، سألنا عن «حكورة» فأرشدنا أحد المارة أن المنطقة ليست كبيرة وهى حارتان، «كلهم بتوع مخدرات».
توجهنا إلى المكان الذى يقع فى منتصف الشارع ودخلنا حارة «عسران»، الحارة ضيقة جداً وفى مدخلها مقهى بلدى، يجلس فيه رجال وشباب، والسباب والألفاظ الخارجة هى السمة المسيطرة على الأجواء بصوت عال واضح، وشباب كثيرون يسيرون يبدو عليهم عدم الاتزان أغلبهم يرسمون وشوماً على أذرعهم وأكتافهم العارية.
الغوص أكثر فى داخل هذه الحارة الضيقة، التى لا يزيد عرضها على مترين، مغامرة محفوفة بالمخاطر، لأن كل الغرباء هنا معروفون، فالنساء والرجال والشباب كانوا يحدقون النظر إلينا وينادون «تعالى يا باشا عايز إيه؟»، ولأن سكان الحارة معروفون لبعضهم فأى غريب يدخل المنطقة مكشوف للجميع، تهربنا منهم بأننا نقصد شخصاً محدداً ولم نذكر اسمه حتى لا يتم كشف خدعتنا، وجلسنا على المقهى لرصد الحركة، وكان القهوجى يعرض علينا المشروبات والمخدرات، حركة البيع والشراء سريعة للغاية، شباب يدخلون إلى منتصف الشارع يلتقيهم أحد بائعى المخدرات يأخذ المال ويعطى المخدرات سواء كان «حشيش أو برشام - أقراص مخدرة أو منشطة».
أحد السكان: المنطقة كلها شمامين ودولاب مفتوح وتذكرة الكوكايين المضروب بـ150 جنيه
أحد كبار السن على المقهى، فتح باب الحديث معنا ويرحب بنا، وعرفنا على نفسه، قائلاً: «لا مؤاخذة أصل منطقتنا مش قد كده زى ما أنت شايف، عيال شمامة كلهم بتدورهم قدارة وابنها والمسجلين اللى معاهم»، فتح الرجل الحديث معنا بعد أن علم أننا لا نريد أى مخدرات، مشيراً إلى أن المنطقة هنا لا يأتيها «ولاد الناس» إلا نادراً، لأنها دولاب للمناطق الشعبية، وأن أغلب المخدرات التى تباع فيها تكون لأبناء المناطق الشعبية، الذين يتعاطون الأقراص لرخص ثمنها مقارنة بـ«الحشيش» ومسحوق الكوكاكين، مضيفاً: «بس حتى دلوقتى تذكرة الكوكايين بقت بـ150 جنيه يعنى رخصت بقت أرخص من الحشيش، ولكنه مضروب ومليان سم وكيميا بتلحس الدماغ، وأنا بعرف كل الأسعار وكل حاجة وأنا قاعد هنا على القهوة».
غادر الرجل المكان، وجلس إلى جوارنا شاب لا يزيد عمره على 30 عاماً، تشوه وجهه إصابة قديمة بجرح قطعى فى رقبته وأذنه، عرض علينا أصنافاً عدة من المخدرات، قائلاً: «أؤمر يا أبوالشباب، عايز إيه، معايا بلاطة وأبوزومبة وأبوصليبة»، فبادرناه أننا لم نتعاط أى نوع من المخدرات من قبل ونريد أن نفهم أصول «الكيف»، فرد الشاب: «بص يا صاحبى كل حاجة وليها دماغها، يعنى حتى الصنف الواحد ممكن يطلب معاك بالدماغ اللى انت عايزها، يعنى الحشيش ممكن يطلب معاك ببلطجة أو يطلب ضحك أو يطلب معاك بحزن وتلاقيك بتفتكر حاجات وتعيط، وممكن يخليك تحس إنك بطل، كل واحد ودماغه بتركب بطريقتها على الكيف».
"الحباية" سعرها من 50 إلى 150 جنيهاً.. و"بلاطة وأبوزومبة وصراصير" أشهر الأنواع.. تاجر: "البرشام" كيف الغلابة والناس اللى بتيجى لنا على قدها.. والحشيش غالى
وأضاف أن سعر الأقراص يبدأ من 50 إلى 150 جنيهاً للقرص الواحد، بينما «صباع الحشيش» بـ700 جنيه، ويعلق: «صباع الحشيش ممكن أديهولكم بـ600 جنيه بس هو كيفكم حشيش انتوا لسه هاتجربوا، وده كمان نوع مصرى جديد مش هكدب عليك وأقولك مغربى وخام والجو ده، أنا صريح معاك ده مصرى وخلطة نضيفة»، مشيراً إلى أن البضاعة باسم المعلمة «قدارة» ودى ست لها سمعتها ولا يمكن حد يغش أى بضاعة تحت اسمها، كمحاولة منه لطمأنتنا، وأن برشام «بلاطة وأبوزومبة وصراصير» الأكثر شهرة هذه الفترة لكنه نصحنا قائلاً: «بلاش تجربوا البرشام فى البداية، ده برشام «الغلابة» بيتلف الدماغ وعايز حد دماغه تقيلة، واحنا هنا بيجيلنا كل الناس اللى على قدهم علشان كده البرشام متوفر ليهم، إنما الحشيش غالى وليه ناسه، وبتجيلنا ناس من إمبابة والوراق وبشتيل والعب اللى ورا»، اعتذرنا له بأننا لا نملك ثمن المخدرات وسنعود إليه بعد ساعات لنشترى، وغادر بلا عودة.