"الحكم متناقض".. أسباب الطعن على براءة العادلي بـ"فساد المليار جنيه"
حبيب العادلي أثناء محاكمته
حصلت "الوطن" على أسباب طعن النيابة العامة على حكم الجنايات في قضية "أموال الداخلية" المعروفة بقضية "فساد المليار جنيه" التي حصل فيها حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق، والمتهم الأول في القضية، على حكم بالبراءة وغرامة 500 جنيه، وحصل فيها باقي المتهمين باستثناء نبيل خلف، الذي حكم عليه بالسجن 3 سنوات، على أحكام بالبراءة والغرامة 500 جنيه.
أسباب طعن النيابة على حكم البراءة في القضية حملت رقم 82 لسنة 2019 حصر أحكام أموال عامة عليا، وطالبت فيها النيابة العامة بإلغاء الحكم الصادر من الجنايات بحق الوزير الأسبق وعدد من قيادات وزارة الداخلية المحكوم عليهم معه وهم نبيل سليمان خلف وأحمد عبدالنبي موج ومحمد أحمد الدسوقي وبكري عبدالمحسن وصلاح عبدالقادر ونوال حلمي وعادل فتحي وعلا كمال ومحمد ضياء.
وقالت النيابة إنها تطعن على الحكم الصادر في 9 مايو 2019 وتنعي عليه التناقض في الأسباب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون وفي تفسيره وتأويله، موضحة أن محكمة الجنايات عدلت الاتهام المنسوب لحبيب العادلي من الإضرار العمدي بأموال جهة عمله وجعلتها إضرارا غير عمدي ونفت عنه القصد الجنائي المتطلب قانونا لقيام جريمة الإستيلاء على المال العام وأن ما فعله الوزير الأسبق يرجع للإهمال وعدم التبصر مما أدى لإضرار غير عمدي بمال وزارة الداخلية بقيمة مليار و133 مليون جنيه وأن النيابة ترى أن الحكم خلا من الإشارة إلى أي أسباب تخص اتهام المتهم حبيب العادلي على مبلغ 530 مليون و514 ألف جنيه وتطرقت إلى اتهامات في بنود أخرى من أمر الإحالة وبالتالي لا يمكن التعويل على على العبارات العامة التي تصدى لها الحكم بشأن نفي الإستيلاء على المال العام إذ جاءت في معرض الرد على اتهام المتعلق بالإضرار العمدي بأموال وزارة الداخلية بمبلغ مليار جنيه بما يكون معه الحكم ببراءة المتهم مفتقدا للأسباب التي ابتني عليها وبما لا يتحقق معه الغرض الذي قصده الشارع من وجوب تسبيب الحكم ويكون الحكم مشوبا بالقصور في التسبيب.
وقالت النيابة أيضا إن الحكم لم يحط بظروف القضية وأدلتها التي طرحتها النيابة العامة ولا ينفع التشكيك في الثبوت دون تلك الإحاطة إذ يتعين أن يكون وليد استدلال منطقي سليم وينبئ ذلك عن عدم إلمام الحكم بظروف الواقعة وأدلتها وعدم تمحيص عناصر الدعوى بما يصيب الحكم بعوار يستعصي على الرتق ويكون معه مشوبا بعيب القصور في البيان كما أن الحكم نفى عن الوزير الأسبق ارتكابه لجريمتي التزوير والإستيلاء على أموال جهة عمله ما اصابه بالغموض والإبهام كما أنه جاء مجملا وغامضا في عبارات معماة لا يمكن التعويل عليها بما يصيبه بالقصور في البيان والتسبيب.
وأوضحت النيابة أن حكم البراءة عول على أن "العادلي" ممثلا لهرم السلطة بوزارة الداخلية وشغله الجانب الأمني وأنه ترك الجانب المالي للمتهم الثاني لصفته الوظيفيه إلا أن الحكم لم يشر إلى ما المقصود بالجانب الأمني وما إذا كان ارتكاب الجرائم جزء من اختصاصه بصفته وزيرا للداخلية من عدمه فلا غرو أن الجرائم وارتكابها وبالأخص بوزارته هي من الجوانب الأمنية الواجب الإنشغال بها فلا يتفق مع المنطق السليم أن يكون الوزير غير عالم بقيام مسئول قريب الصلة به بتلك الأفعال فذلك لا يتفق وطبائع الأمور بل يجب أن يتخذ دلالة على علم الوزير بتلك الأفعال واتفاقه معه وهو الذي جلس سنين طويلة على سدة الوزارة بما يكون معه الحكم قد اختلط فيه فهم الواقعة بما اسلم الحكم إلى الفساد في الاستدلال.
وشرحت النيابة في أسباب طعنها على الحكم أن المحكمة استندت في نفي الركن المعنوي للجريمة إلى أن الصرف من أموال وزارة الداخلية كان تحت بصر الأجهزة الرقابية والتي تتمثل في الجهاز المركزي للمحاسبات أو مراقبي وزارة المالية أو المجالس النيابية ولم تصدر منهم أي مناقضة بما بعث الثقة من المتهم حبيب العادلي في المتهم الثاني نبيل خلف وقالت النيابة إن تلك التقارير المنوه عنها لم يثبت مطالعة المحكمة لها أو عرض محتواها لبيان ما إذا كانت حوت فحص تلك المخالفة من عدمه وعليه جاء تعويل المحكمة على ذلك السبب في نفي التهمة عن حبيب العادلي ليس له سند في الأوراق ولا يتسق مع شهادة المستشار جودت الملط رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات الأسبق والتي أدلى بها امام المحكمة من أن فحص الجهاز لا ينصب على جميع أعمال الجهات الخاضعة لرقابته وإنما يقتصر على عينات عشوائية فقط والتي لم يكن من بينها فحص واقععة صرف المتهمين لأموال وزارة الداخلية تحت مسمى احتياطي مواجهة أهداف أمنية كما أن استدلال الحكم إلى مراقبة الأجهزة الرقابية محض استدلال فاسد من باب لزوم مالا يلزم حيث إن عدم اكتشاف الجهات الرقابية لايعني عدم وجود الفعل وأن الأجهزة الرقابية التي أشار إليها الحكم لم تتضمن إدارات وزارة الداخلية التي تعد أيضا جهة رقابية وباالتالي فإن الحكم قد أصابه تناقض يستعصي على المواءمة ولم يقم بإزالة ذلك التناقض ورفعه كما أن الحكم جاء متهاويا متساقطا لايصح أن يعد قواما لنتيجة سليمة يصح التأسيس عليها والأخذ بها ويصيب الحكم بالفساد في الإستدلال.
وأوردت النيابة في طعنها أن الحكم ذكر أن مسلك المتهم حبيب العادلي جاء بعيدا عن كافة الجرائم العمدية وعدم إضاعة المال عمدا أو الاستيلاء عليه في حين أورد الحكم بالرد على دفع المتهمين بطلب ندب لجنة فنية مغايرة لتلك التي أودعت تقريرها لدى المحكمة بهيئة سابقة على إنه ثبت لدى المحكمة أن المبالغ التي صرفت تحت مسمى احتياطي مواجهة الأهداف الأمنية كانت حسبما انتهت التقارير الفنية بدون وجه حق وإنها صرفت عنوة وخلسة بطرق غير قانونية وغير محددة وفق بنود ميزانية وزارة الداخلية وذلك الأمر كله حسبما جاء وفق شهادة الشهود وما ورد بتلك التقارير من مبالغ بما يكون الحكم ناقض بعضه بعضا فتارة اعتبرالصرف استيلاء دون وجه حق وتارة وتارة أخرى لم يعده للوزير السابق استيلاء ونفى الجريمة العمدية عنه.
واكتشفت النيابة أن الحكم في اعتمد على أن موافقة الوزير الأسبق على صرف الأموال كانت ارتكانا إلى إخبار المتهم الثاني له بأن العمل درج على ذلك وأن مذكرات الصرف انطوت على الإشارة إلى اللائحة الصادرة بتاريخ 25 سبتمبر 1997 وثبوت وجود موافقات من وزير الداخلية الذي سبق العادلي على مقعد الوزارة بصرف ذات الحافز في حين أن التحقيق الابتدائي والنهائي أثبت عدم وجود ما يدل على أن العمل درج على ذلك كما ثبت عدم وجود لائحة ذلك كما أن الموافقة على الصرف لم تكن في عهد الوزير السابق بل كانت في تاريخ لاحق لشغل حبيب العادلي لمنصبه.
وقالت النيابة إنه ثبت امتلاك الوزير الأسبق لأموال بالخارج محل تجميد وأن أمواله في مصر ليست كل الأموال التي يمتلكها وإنما هناك أموال ببنوك خارجية أخرجها "العادلي" لإخفاء مصدرها كما أن الحكم شابه الفساد في الاستدلال وخالف الثابت في الأوراق على النحو المتقدم ذكره أسلمه إلى خطأ في تطبيق القانون وتأويله كما أن الحكم لم يبين مصير المبالغ التي نسب للعادلي أو غيره الإستيلاء عليها والمقدرة بمليار و134 مليون جنيه لتحديد ما إذا كان المتهم الثاني أو غيره قد استولى عليها الأمر الذي يدل على اضطراب الواقعة في ذهن المحكمة واختلال فكرتها عن عناصر الدعوى وعدم استقرارها في عقيدتها الاستقرار الذي يجعلها الحكم على الوقائع الثابتة مما يعيب حجمه باتناقض في التسبيب ويوجب نقضه.
وفي ختام مذكرتها بالطعن على الحكم طالبت النيابة محكمة النقض بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم وإلغائه.
وحددت محكمة النقض جلسة 28 يناير القادم لنظر الطعن المقدم في القضية من النيابة العامة وكذلك الطعن الذي أقامه حبيب العادلي وباقي المحكوم عليهم في القضية على الحكم الصادر بحثهم سواء بالإدانة أو البراءة والغرامة.