يمكن أن يؤدي التأجيل المتكرر للعمل إلى الضغط النفسي والعصبي.
يعرف البعض التأجيل أو التسويف (Procrastinating) بأنه معرفة الشخص بالأشياء المطلوب عملها، والاعتراف بأنه ينبغي عليه عملها، مع تأخير عملها بشكل غير مبرر أو غير مطلوب، إما تأجيلها للحظة الأخيرة، لو كانت المهمة المطلوبة مرتبطة بإطار زمني، مثل المذاكرة للامتحان، أو تأجيلها لوقت طويل جداً، مثل عدة شهور أو سنين، لو كانت مهمة اختيارية أو غير مرتبطة بإطار زمني معين، مثل اتباع نظام غذائي صحي أو ترتيب الغرفة، فالتسويف إذاً هو الفارق بين النية والعمل، أي أنه يمنع تحول النية أو الرغبة في تأدية واجب معين إلى عمل فعلي.
الطريق للتغلب على عادة التأجيل قد تكون طويلة، ويتطلب مواجهة عدد من العيوب في شخصية الإنسان وطريقة معيشته، إلا أنه يوجد بعض النصائح، أو الحيل، التي يمكن اتباعها للمساعدة في التغلب على هذه العادة السيئة، وهي حيل ستحسن من طريقة تأدية المهام المطلوبة، وتقسيم الوقت المتاح ليتم استغلاله بالشكل الأمثل، نشرها الموقع الإلكتروني (Zip Recruiter)، المتخصص في شئون العمل والتوظيف.
1- التجزيء (Chunking)
التجزيء أو التقطيع هو تقسيم المهمة المطلوب عملها إلى مجموعة من الأجزاء أو الخطوات الصغيرة، بحيث تبدو المهمة في هذه الحالة أسهل وأقل إرهاقاً، وهي طريقة متبعة أيضاً في الكثير من مناحي الحياة؛ فأي شيء مادي أو معنوي يصبح التعامل معه أيسر وأسرع إذا تم تقسيمه إلى أجزاء أصغر.
السر وراء فكرة التجزيء (Chunking) هو أن العقل البشري يستجيب بشكل أفضل للأمور ذات العائد الإيجابي، فالأمور التي يمكن إنهائها سريعاً تكون مغرية أكثر من تلك الطويلة أو الصعبة، لأن إنهاء المهمة ينتج عنه شعور بالرضا والفخر، ويشكل حافزاً للقيام بمهام أخرى، فتقسيم المهمة الكبيرة أو الطويلة إلى سلسلة من الأجزاء الأصغر والأقل استهلاكاً للوقت والمجهود، خاصة عندما يكون الجزء الأول شديد السهولة، سيحولها من شيء مخيف وشديد الصعوبة إلى مهام أصغر مغرية بالبدء فيها، كما أن الانتهاء كم كل خطوة من هذه الخطوات الصغيرة سيعطي انطباعاً شديداً ومحفزاً بالتقدم والانجاز، وشعوراً بالرضا والفخر والثقة بالنفس.
لضمان نجاح هذه الطريقة، ينصح بكتابة قائمة بالأجزاء، أو الخطوات المكونة للمهمة الأساسية المطلوب إنهائها، وشطب كل خطوة، أو وضع علامة أمامها عند الانتهاء منها، وهو شيء هام للغاية، فرؤية الخطوات التي تم الانتهاء منها وهي مشطوبة وموضوع أمامها، ومتابعة الخطوات وهي تشطب على الورقة واحدة تلو الأخرى، سيمثل حافزاً نفسياً كبيراً للانتهاء من الخطوات كلها.
2- التجميع (Batching)
نتحدث هنا عن فكرة مناقضة للفكرة السابقة، وهي تجميع المهام الصغيرة المرتبطة ببعضها من ناحية الزمان أو المكان، ليتم الانتهاء منهم في خطوة واحدة، للتقليل من العدد الكبير للمهام المتراكمة، وهي طريقة شائعة جداً ويستخدمها الجميع طوال الوقت، حيث يلجأ البعض لحمل عدة أشياء مرة واحدة بدلاً من حملها على مرات عديدة، ويمشي البعض في طريق معينة حتى يتمكنوا من المرور على كل الاماكن المطلوبة في رحلة واحدة، كما تلجأ ربات المنازل إلى اتباع هذه الطريقة في الطبخ والمهام المنزلية الأخرى.
في هذه الحالة، يكون الهدف هو اختصار وتقليل عدد الخطوات أو الأهداف المطلوبة، ليصبح 3 أو 4 أو 5 خطوة مثلاً، بدلاً من 12 أو 12 خطوة أو مهمة صغيرة ومتلاحقة ومستهلكة للوقت والمجهود.
3- فترات العمل القصيرة المركزة (Uninterrupted work sprints)
في بعض الأحيان، عندما لا تكون لديك القدرة على الجري والوصول لهدفك بسرعة، فإن التخطيط لانطلاقة أو اندفاعة قصيرة، تتكرر كل فترة، أو "سبرنت" كما يطلق عليها الرياضيون، قد يكون حلاً عملياً لتقليل الخسائر، فما لا يُدرك كله لا يُترك كله.
إذا كنت من الذين لا يمكنهم العمل أو المذاكرة لفترات طويلة، فما المانع من الالتزام بفترات قصيرة، متبوعة بفترة من الراحة والترفيه ؟ ينبغي هنا الحرص على أن تكون هذه الانطلاقات متتابعة، بحيث تتراكم وراء بعضها في فترة ساعتين أو ثلاثة، مع أخذ استراحة بعد كل فترة عمل، كما ينبغي تخصيص وقت محدد وثابت لكل الفترات، مثل نصف ساعة، متبوع بفترة محددة أيضاً للاستراحة، مثل خمسة أو عشرة دقائق.
عندما تكون المشكلة هي عدم القدرة على البدء في العمل، يمكن تخصيص فترة عمل شديدة القصر، مثل عشر دقائق، ليقوم الشخص فيها بمجرد المحاولة واتخاذ الخطوة الاولى (حتى لو لم يكملها)، وذلك للخروج من حالة الخمول والثبات، والبدء في التحرك والعمل، فالاستمرار في العمل أو التقدم، حتى ولو بمعدل شديد البطء، قد يكون أسهل من اتخاذ الخطوة الأولى وبدء العمل بالنسبة للكثيرين، فيراعى غذا عند اللجوء لأي طريقة من طرق تنظيم الوقت، أن يتم البدء بالخطوة الاكثر سهولة، إذا شعر الشخص بأنه مازال عاجزاً عن البدء في العمل.
4- قانون باركنسون (Parkinson’s law)
كتب "سيريل نورثكوت ياركينسون"، المؤرخ البريطاني، مقالاً بصحيفة "The Economist" الإنجليزية، بدأه بجملة اكتسبت شهرة كبيرة، وكانت سبباً في اعتباره واحداً من كبار الكتاب في وقت لاحق، هي: "يتمدد العمل المطلوب إنجازه ليملأ كل الوقت المتاح له".
يمكننا تفسير تلك الجملة بسهولة، إذا جرى تكليف أحدهم بمهمة مدتها نصف ساعة، وكان أمام هذا الشخص اليوم كله لإكمالها، فإن هناك احتمالاً كبيراً ان ينتهي الامر بهذا الشخص بأن يبدأ في انجاز مهمته في آخر الوقت المتاح، وذلك لأنه لم يضع وقتاً محدداً لهذه المهمة، وبالتالي فإن اليوم كله تحول لوقت مخصص لهذه المهمة القصيرة والسهلة.
ضع دائماً وقتاً محدداً لكل شيء، وحاول ألا يكون هذا الوقت أطول من اللازم، بل حاول أن يكون الموعد النهائي (Deadline) أقصر بقليل من المدة التي تعتقد انها مطلوبة بإنجاز المهمة، فالمهام القصيرة يجب أن يتم انجازها بسرعة، لإفساح الوقت لأشياء أكبر أو للترفيه، والمهام الطويلة يجب أن تحرص على ألا تتركها بدون إطار زمني وموعد نهائي محدد، حتى لا تجد نفسك قد أضعت جزءاً كبيراً من اليوم بدون انجاز أي شيء آخر.
تعليقات الفيسبوك