دينا عبدالفتاح تكتب: ثورة التغيير
دينا عبدالفتاح
أنجزنا الكثير من البناء.. مهَّدنا البنية التحتية.. أقمنا العديد من المشروعات الكبرى.. نجحنا فى التحديات الرئيسية.. ضبطنا هيكل المالية العامة.. نجح برنامج الإصلاح بكل تأكيد.. ويبقى العمل من أجل حصد النتائج.
وهذا العمل لا بد أن يتم من خلال جميع طوائف وأبناء الشعب فى إطار الحلم المصرى الواحد فى التقدم والتنمية والازدهار، ولابد أن يتم كذلك من خلال أفراد يؤمنون بأن القادم أفضل، ومن سيزرع سيحصد، بعيداً عن مقولة «مفيش فايدة».
لذا نحن بحاجة إلى ثورة تغيير شاملة فى الفكر والثقافة ترسخ وتقوى عزيمة المتفائلين بالمستقبل وتدفعهم للعمل المُنتج المجتهد، وتُعدل من وجهة نظر المتشائمين وترسم أمامهم الحياة من جديد بريشة أمل على خلفية خضراء تشير إلى أن «غداً مستقبل أفضل لنا جميعاً.. بإذن الله».
لابد أن تؤدى هذه الثورة إلى تمكين منطق جديد من عقول البشر، وبناء قناعات حقيقية تتفق مع ما تشهده مصر من بناء وتنمية على أرض الواقع، ليصبح لكل فرد حلم خاص يتفق مع الحلم القومى المصرى، ويحاول تنفيذه دون أن يتملك منه اليأس قبل أن يبدأ طريق النجاح، ودون أن يتجه للحكم المسبق وتصور النهايات المتشائمة قبل أن يبدأ.
هذه الثورة الثقافية الدولة والأسرة والفرد لديهم مسئولية مشتركة عنها، فالدولة مطالبة بمحاربة الظواهر المنتشرة مثل اليأس والانتحار والسلبية بسلاح الأمل والعمل والثقافة، حتى لا ينخرط إلى هذه الظواهر أفراد جدد ممن لديهم قناعات بأن الانتحار عبارة عن مهمة بسيطة يتم من خلالها عبور الطريق من الجانب الذى نحيا فيه المتعلق بالصعوبات والتحديات واليأس، إلى جانب آخر يتسم بالراحة والطمأنينة والسعادة، والسبيل فى عبور هذا الطريق هو القفز من أعلى البرج أو تناول حبة حفظ الغلال أو الهبوط من أعلى كوبرى قصر النيل!
كما ينبغى أن تصنع الدولة المزيد من البرامج والمبادرات لمساعدة المرأة المعيلة.. من خرج على المعاش وفقاً لقانون العمل وهو فى قمة خبرته وعطائه.. الشباب المقبل على سوق العمل دون أدنى مهارات أو أهداف.. وغيرهم الكثير من الفئات التى ينبغى أن نخطط لها جيداً بالاستعانة بكل الخبراء والمؤسسات الدولية التى تتقن التعامل مع هذه الحالات.
ويأتى دور الأسرة التى ينبغى أن تبنى فى أطفالها قناعات صحيحة بأن هناك نجاحاً كما أن هناك فشلاً، وأن المحاولة ألف مرة أمر مطلوب لكى ننجح مرة واحدة فقط، وأن من سيجتهد سيحصد ثمار اجتهاده، وأننا نعيش فى مجتمع مفتوح حولنا آلاف النماذج الناجحة الذين استطاعوا التعامل مع التحديات والصعوبات والمرور منها إلى مستقبل أفضل.
ثم يأتى دور الفرد الذى ينبغى أن ينهى صراعه مع اليأس والتشاؤم فوراً بتوجيه عدة تساؤلات لنفسه: كيف يمكننى أن أيأس دون أن أحاول؟!.. وكيف يمكننى أن أحصد دون أن أزرع؟!.. وهل طريق النجاح مفروش بالورود فى أى وطن فى العالم حتى أنتقد الصعوبات التى تحيط بى فى مصر؟!
ثم يتحول هذا الفرد إلى صياغة رؤية وهدف لنفسه يحاول الوصول إليه مئات المرات حتى يصل، ويتسلح بكل الظروف الصعبة والمخاطر المحيطة به ليحولها إلى طاقة إيجابية تحفزه على العمل والاجتهاد حتى يصنع مستقبلاً أفضل له ولأبنائه.
ينبغى أن ينظر إلى قدراته ويقيِّمها ويطور ما يحتاجه، يبنى أساسيات صلبة لنفسه حتى يكون قوياً أمام رياح اليأس والسلبية، يتسلح بالعمل والبحث والقراءة فى مجتمع أصبح الشائع فيه أن تمسك بهاتفك المحمول وتمرر صفحات مواقع التواصل الاجتماعى حتى تقرأ آراء الناس فى الظواهر المختلفة دون أن تبذل أدنى جهد لتطلع وتفهم حتى تبنى لنفسك وجهة نظر بعيدة عن التأثر بشخص لديه مشاكل أسرية فيرى الحياة سوداء فى كل ألوانها، وشخص آخر لديه مشاكل نفسية فيرى الواقع والمستقبل مظلمين، وشخص ثالث لديه انتماء سياسى مناهض فيصور كل الإنجازات الحالية بالأكاذيب ويدعو الناس للهروب من دولة الظلم.
إلى أين سنذهب؟!.. انظر للدول المحيطة بك إذا أردت الهروب، هذه ليبيا التى تعانى من الحروب الأهلية، وتلك فلسطين المحتلة من الصهاينة، وهذه السودان التى لا تعرف رئيساً ولا سلطة حاكمة لها بعد، وهذه السعودية التى تعانى مثلك من صعوبات اقتصادية وتحاول أن تتأقلم معها بتسريح العمالة الأجنبية وبناء مشروعات غير نفطية!
تريد أن تذهب إلى ما هو أبعد من ذلك؟!.. ستجد فى كل نقطة من العالم صعوبات، ومناخاً لن تستطيع النجاح فيه ما دام اليأس والتشاؤم يسيطران عليك، فلماذا لا تعمل هنا وسط أهلك؟ هل بدأت مشروعاً وهدمته لك الدولة؟!.. هل احتجت تمويلاً وأغلقت البنوك أمامك أبوابها؟!.. هل أنتجت سلعة ورفض المشترون النظر فى وجهك؟!.. هل بحثت عن وظيفة بجهد ووجدت سوق العمل مغلقاً؟!
صدقنى أنت لم تفعل كل ذلك.. فابدأ من اليوم.. حتى تتحسن أحوالك غداً.