أمهات بديلات يتابعن الأطفال في دار الأيتام والمدرسة: "بنتعلم الحنيّة فيهم"
الأطفال فى إحدى دور الأيتام فى الدقى
دورٌ مثالى وجهد عظيم يقمن به تجاه الأطفال بدور الرعاية، يحتوين ويضممن إلى صدورهن من فقدوا الأب والأم، يوفرن لهم الأمان والدفء الذى طالما حرموا منه، هكذا يستطعن القيام بدورهن كاملاً كأمهات بديلات، ورغم صغر سنهن، الذى يتراوح بين 18 و24 عاماً، لكن فطرة الأمومة لديهن تفوق خبراتهن البسيطة، وبفضل هذه المشاعر الحنونة يستطعن تخريج دفعات سوية لأطفال ليسوا بأبنائهن، ومتفوقين دراسياً.
رغم صعوبة قرارها وعملها كأم بديلة، بإحدى دور الأيتام، فى منطقة الدقى، فإن ميادة على، 22 عاماً، استطاعت أن تنجح فى توفير الحنان والاحتواء لهؤلاء الأطفال: «باتعامل معاهم من سن يوم لحد 11 سنة، وبنوفر لهم كل اللى هما محتاجينه، وعندى طاقة أقعد مع كل واحد فيهم وأسمعهم وأشوف مشاكل، لأنهم مالهمش ذنب فى الوضع اللى هما فيه، حقهم علينا نرعاهم، كأنهم زى اخواتى الصغيرين أو عيالى»، لا تتعامل «ميادة» مع الأطفال، وكأنه عمل تقضيه لبضع ساعات، وإنما تصاحبهم وتعطف عليهم، وتمدّهم بكل مشاعر الأمومة التى يفتقدونها، ففى عملها تضطر إلى المبيت 25 يوماً، ثم إجازة 5 أيام تقضيها مع أسرتها: «90% من وقتى وانشغالى بيكون مع الأطفال، ده زى ما يكون ربنا خلقنى علشان أبقى وسطهم، جوايا إحساس إنهم زى ولادى ومحتاجين ليا طول الوقت».
"ميادة" 22 سنة: "جوايا إحساس إنهم ولادى"
تعمل «ميادة» قرابة 7 سنوات فى هذا المجال. ترى أن الأطفال ذوى الأعمار الصغيرة من عامين إلى 10 سنوات، الأسهل فى التعامل، بسبب قلة خبرتهم، مما يجعلهم فى حاجة إلى مساندتها ونصائحها طوال الوقت، وأحياناً تلعب دوراً آخر، بزيارتهم فى المدرسة ومتابعتهم باستمرار: «أحياناً باستقبل شكوى من المدرسة، باروح على طول وأشوف إيه اللى حصل، وأحاول أحل المشكلة»، كما أنها تنظم لهم أوقات المذاكرة بالدار: «الطفل اللى مايذاكرش باحرمه من اللعب كعقاب، ولو لاقيته مش مستجيب ليّا باضطر أضربه على إيده ضرب خفيف، علشان مايعاندش، وفى نفس الوقت علشان مايكرهش المدرسة»، أما المعاناة الحقيقية، فتكون مع الأعمار من 11 إلى 16 عاماً، التى تشرف على رعايتهم أيضاً، حيث تواجه بعض الصعوبات فى توجيههم: «فى الأعمار دى باتنقل لدار بنات بس، وبيكون فيه تغيرات جسمانية، وكمان تغير فى التفكير، وبيبدأوا يمسكوا فى نبرة (إحنا كبار، وانتى مش أمنا، وإحنا فاهمين إحنا بنعمل إيه)»، ما يجعلها ترضخ لهن، حتى لا يخرجن عن سيطرتها، وتصاحبهن وتسمع إليهن دائماً، بهذه الطريقة تنجح فى استقطابهن مرة أخرى.
"نرمين" 20 سنة: "مش بانام غير وهما فى حضنى"
نرمين عبدالتواب، 20 عاماً، تقوم بدور الأم البديلة بإحدى دور الرعاية فى منطقة 6 أكتوبر، ورغم عمرها الصغير، تعمل كأم بديلة بدور الرعاية المختلفة منذ 5 أعوام: «كان عندى شغف أشتغل وسط أطفال اتحرموا من أهاليهم أول ما بدأت أتعامل وأتحط فى مسئولية تُهت وكنت عصبية جداً وباتعصب عليهم من أقل حاجة، دلوقتى هما اللى علّمونى أكون حنينة وأساعدهم، وأكون الأم اللى يتمنوها»، وأول الدروس التى تعلمتها من تجربتها المحدودة، أن تتحلى بهدوء الأعصاب وتستمتع إليهم جيداً، خصوصاً أنها تتعامل مع أعمار صغيرة لا تتعدى الـ9 سنوات: «الدار اللى أنا فيها حالياً باربى 8 أطفال، بقيت ماقدرش أستغنى عنهم، مش بانام غير وهما فى حضنى، واللى بيتعب منهم مانامش الليل غير لما أطمن عليه، ولو سُخن أعمل له الكمادات».
دورها كأم لم يتوقف داخل الدار فقط، وإنما تقوم بأعمال ومسئوليات أخرى، حيث تقوم بزيارتهم داخل مدارسهم، تتابعهم دراسياً وتشجعهم على الاجتهاد والتفوق الدراسى: «الطفل لما يلاقى فيه حد بيسأل عنه ويراعاه، ده بيحمل رسالة بإنه عايزه يثبت طول الوقت أنه كويس وقد مسئولية الدراسة». فى الليل تحكى لهم الحواديت والقصص الخيالية، وفى النهار تلعب معهم ألعابهم الصغيرة والبسيطة: «رغم أنه ممنوع، بس اللى مصروفه منهم مش بيكفيه بادى لهم من جيبى ومن مرتبى، علشان مايبصوش لحد فى المدرسة، أو يحسوا إنهم قليلين».