شروط المفتي وآداب طالب الفتوى وجهات الإفتاء الرسمية.. تعرف عليها
الشيخ علي جمعة
نشرت دار الإفتاء المصرية بحثا عن شروط وآداب المستفتي أو طالب الفتوى، احتفالا باليوم العالمي للإفتاء الذي يوافق 15 ديسمبر من كل عام، وأكدت الدار أنّ هناك آداب واجبة عند السؤال، منها:
1. اجعل للسؤال عن حكم الشرع قيمة كبيرة وحرمة في نفسك؛ فلا تركض وراء المفتي لتستفتيه في اثناء السير أو الانشغال.
2. جَرِّد نفسك لطلب الحق والصواب، وهيئها لقبول الحكم الشرعي ولو كان على غير هواك.
3. لا تتحرج من السؤال عما لا تعلمه، وليكن سؤالك مهذبًا وواضحًا، أما إن سألت تعنتًا أو امتحانًا أو تعجيزًا فلن يبارَك لك فيما تسمعه.
4. فرِّق في الاستفتاء في أمور الأحوال الشخصية بين السؤال عن الحكم الشرعي وبين حكاية المشكلة الاجتماعية التي لا تأثير لها في معرفة الحكم الشرعي، واقتصر في ذلك على ذِكْر ما يرشد المفتي إلى كونه مؤثرًا في الوصول إلى الحكم الصحيح؛ مراعيًا بذلك وقت غيرك ممن يشق عليه الانتظار.
5. هناك من الأسئلة ما يجب فيه حضور صاحبه ليسأل بنفسه، كألفاظ الطلاق مثلا؛ فإن المفتي يحتاج فيها إلى الاستفسار عن لفظ الطلاق ونيته وظرف صدروه وغير ذلك مما تتوقف عليه الفتوى، فإذا صدر من الزوج لفظ طلاق فهو المكلف بالسؤال عن حكم الشرع فيه لا زوجته ولا غيرها؛ لأن الشرع حـمَّله هو أمر الطلاق والنية فيه.
6. إذا كذب المستفتي في سؤاله وذكر ما يخالف الحقيقة فإنّ فتوى المفتي لا تحلل له حرامًا ولا تحرم حلالا؛ لأن الفتوى على الظاهر والله يتولى السرائر.
7. لا تكثر من السؤال والتنقير فتشدد على نفسك وعلى الناس، فالله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}.
وفي بحث له بشأن شروط المفتي، قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء، ومفتي الجمهورية السباق، إنّ عملية الإفتاء تتكون من 3 أركان أساسية وهي: المفتي والفتوى والمستفتي، ولكل ركن من هذه الأركان عدة شروط وآداب فيشترط في المفتي وهو الركن الأول من هذه الأركان عدة شروط مهمة يمكن تقسيمها إلى شروط سلبية وشروط ايجابية:
1- أما الشروط السلبية فهي شروط لا يجب توافرها وهي كثيرة منها: الذكورية فلا يشترط في المفتي أن يكون ذكرا وذلك بإجماع العلماء فيمكن للمرأة العالمة أن تفتي، وكانت السيدة عائشة رضي الله عنها تفتي، ولا يشترط النطق اتفاقا فتجوز فتوى الأخرس ويفتي بالكتابة أو بالإشارة المفهومة ولا يشترط البصر اتفاقاً فتصح فتيا الأعمى وصرح به المالكية.
2- أما الشروط الإيجابية (أي التي يجب توافرها في المفتي) فأولها هو الإسلام، وثانيها العقل فلا تصح فتيا المجنون، وثالثها البلوغ وهو أن يبلغ من يفتي الحُلم من الرجال والمحيض من النساء أو يبلغ 15 عاماً أيهما أقرب لأنه لا تصح فتيا الصغير والصغيرة، والشرط الرابع هو العلم فالإفتاء بغير علم حرام لأنه يتضمن الكذب على الله تعالى ورسوله ويتضمن إضلال الناس وهو من الكبائر.
3- ويشترط التخصص وهو شرط نضيفه في هذا العصر نظراً لطبيعته ونعني به أن يكون من يتعرض للإفتاء قد درس الفقه والأصول وقواعد الفقه دراسة مستفيضة وله دربه في ممارسة المسائل وإلمام بالواقع المعيش.
4- وهناك شرط العدالة: والعدل هو من ليس بفاسق والفسق هو الخروج على عادات الناس فيما ينكر ويستهجن كأن يسير في الطريق حافيا مثلاً أو غير ذلك من السلوكيات التي تستهجن في المجتمع فلا تصح فتيا الفاسق عند جمهور العلماء لأن الإفتاء يتضمن الإخبار عن الحكم الشرعي وخبر الفاسق لا يقبل.
5- وهناك شرط الاجتهاد وهو بذل الجهد في استنباط الحكم الشرعي من الأدلة المعتبرة وليس المقصود هو أن يبذل العالم جهدا ملاحظا قبل كل فتوى، وإنما المقصود بلوغ مرتبة الاجتهاد والتي قال الشافعي عنها فيما رواه عنه الخطيب البغدادي: لا يحل لأحد أن يفتي في دين الله إلا رجلاً عارفاً بكتاب الله: بناسخه، ومنسوخه، ومحكمه، ومتشابهه، وتأويله، وتنزيله، ومكيه، ومدنيه، وما أريد به، ويكون بعد ذلك بصيراً بحديث رسول الله ويعرف من الحديث مثل ما عرف من القرآن ويكون بصيراً باللغة بصيرا بالشعر وما يحتاج إليه للسُنة والقرآن ويستعمل هذا مع الإنصاف ويكون مشرفا على اختلاف أهل الأمصار وتكون له قريحة بعد هذا فإذا كان هكذا فله أن يتكلم ويفتي في الحلال والحرام وإذا لم يكن هكذا فليس له أن يفتي.
6- وهناك شرط جودة القريحة: ومعني ذلك أن يكون كثير الإصابة صحيح الاستنباط وهذا يحتاج إلى حُسن التصور للمسائل وبقدر ما يستطيع المجتهد أن يتخيل المسائل بقدر ما يعلو اجتهاده ويفوق أقرانه فهو يشبه ما يعرف في دراسات علم النفس بالتصور المبدع.
7- والشرط الأخير هو الفطانة والتيقظ فيشترط في المفتي أن يكون فطنا متيقظا ومنتبها بعيدا عن الغفلة.
وقال عبدالغني هندي عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، إنّ عملية الإفتاء أمر ديني عظيم، وليست بالأمر الهين، فكل أمور الإفتاء خطيرة مهما كانت، حتى ولو كان السؤال عن الطهارة أو شيء يظنه الناس قليل.
وأضاف، أناشد المواطنين ألا يتخطوا جهات الإفتاء الرسمية المتمثلة في دارالإفتاء المصرية، ولجان الفتوي بالأزهر الشريف، وإدارة الإفتاء بوزارة الأوقاف، وهذا لمصلحتهم وحتى لا يقعوا فريسة للمتشددين، والذين يستغلون كل فرصة لتكدير صفو الحياة على الناس.