"عائلة الفلك" جمعت ذوي إعاقة وأسوياء تحت سقف واحد: دمج ووظيفة وتأهيل
بيت عائلة الفلك في ألمنيا
في قرية "شوشة" السحيقة، بين جبال محافظة المنيا، وفي عام 2002، تجمع في بيت الفلك، الذي أنشأ حديثا وقتها، 7 من ذوي الاحتياجات الخاصة، بين أيتام وبين من هم في حكمهم ممن لم يستوعبهم ذووهم، ويشرف عليهم 4 أشخاص من الأسوياء، يصنعون منتجات يدوية صديقة للبيئة ويأكلون ما يزرعون، بشكل يحقق الدمج ويضمن حياة كريمة ويعيد التأهيل، كي لا يصيروا عبئا على المجتمع، ضمن نظام "آرش" العالمي الذي هو تطبيق لفكرة فرنسية، اقتبست اسمها من فلك سيدنا نوح منقذا للمؤمنين من الهلاك.
بيت عائلة الفلك في المنيا يحتوي على ورش شمع ونول وزراعة وإعادة تدير بوص الذرة
قبل عام 2002، سمع ممدوح عن فكرة الفلك أو كما يطلق عليه في فرنسا "الآرش"، فسافر لبلد المنشأ ليطلع على التجربة، عايشها طيلة 3 أعوام، ثم عاد إلى المنيا واختار مكانًا بعيدا في قرية شوشة بمركز سمالوط، وبدأت عائلة الفلك المصرية، التي تهدف إلى دمج ذوي احتياجات خاصة مع أسوياء، يقيمون سويا في الدار، ومع الوقت تتحسن إمكاناتهم ومهاراتهم وفقا لبرنامج تأهيل نفسي، يبدأون على إثره في الاعتماد على أنفسهم، ويتعلمون مهارات وحرف تراثية يدوية تدر لهم دخلا، فيتحمسون ويصبحون أكثر حبًا وإقبالا على الحياة، "فيه ناس مقيمة في الدار ودول أيتام أو حالتهم المادية سيئة وفي ناس بتيجي كل يوم تتعلم وتتدرب وتنبسط وتشتغل ويروحوا"، بحسب ريمون رمزي، مسؤول الورش في حديثه لـ"الوطن".
في بيت عائلة الفلك، ورشة مخصصة لصناعة الشمع من بقايا خلايا النحل، بأشكال إبداعية وأحجام مختلفة، مصنوع من البيئة وصديق لها، بعمر استهلاكي طويل وذو إضاءة جيدة، ولا يخرج انبعاثات دخانية، وورشة إعادة تدوير "بوص" الذرة في صنع أنتيكات وتحف تراثية مثل مغارة ميلاد المسيح، وفي "الفلك" أيضا ورشة الأعمال النسجية والكروشية، غير أن البيت له حديقة، يستغلونها كورشة زراعة، يقومون على خدمتها بداية من نثر البذر وحتى جمع المحصول المتنوع بين فواكه وخضروات، الذي ينقسم بين جزء لطعامهم وجزء للإنفاق على الإقامة بالبيت ومكافآت للعاملين به والمترددين عليه.
ريمون رمزي: نتمنى المشاركة في معارض أكثر لتسويق منتجات أهل عائلة الفلك
"نؤمن بأن كل فرد له قيمة فريدة وبأن كل شخص منا بحاجة للآخر" شعار ترفعه "آرش عائلة الفلك"، بحسب ريمون، موضحًا أنهم يعملون على التنقل بين قرى مركز سمالوط، يبحثون عن أطفال ذوي احتياجات خاصة وعلى وجه التحديد أصحاب الإعاقات الذهنية، ممن يحتاجون المساعدة والتأهيل، لتواصل عائلة الفلك تقديم خدماتها للمقيمين بها والمترددين عليها، إضافة إلى ذلك تنفذ مشاريع للتدخل المبكر للأطفال ذوي الإعاقة يعلمونهم مهارات الحياة ويؤهلونهم للعيش في مجتمعاتهم، "كمان بنأهل الأهل والمجتمع للتعامل معاهم.. شغالين فيه في 5 قرى وبيوصل عدد الأطفال اللي بنخدمهم حوالي 100 طفل ذوي اعاقة ذهنية".
عائلة الفلك ترعى المقيمين بها وخارجها
في عام 2013، سعى مؤسسو عائلة الفلك والقائمون على إدارتها نحو الاعتماد من آرش فرنسا، وكان من أهم العوائق هو التواجد بمقر آخر في قلب المدينة، وقبلوا التحدي الذي يخدم هدفهم الذي بدأوا رحلتهم لأجله وهو الدمج بشكل أكبر "روحنا سمالوط وبقى لينا مقر لكن تقبل الناس كان صعب ومع ذلك بدأنا وغيرنا فكرهم ودمجناهم معانا واندمج المقيمين معاهم وبدأنا بالجيران وتوجهنا للمنطقة.. بننزل أنشطة مجتمعية زي تنظيف الشوارع علشان نقرب المسافات والناس بدأت تعرفنا وتجيب ولادهم معانا"، ويتابع مسئول الورش حديثه، متمنيا أن يزداد عدد المستفيدين من البيت ويتمكنوا من المشاركة في معارض أكثر لتسويق المنتجات.