لصوص بـ"شوال" ورعب البواب.. "الوطن" داخل عقار "الهياكل العظمية"
شقة الزوجين الهياكل العظمية فى الإسكندرية
داخل إحدى أزقة شوارع منطقة كيلوباترا شرق الإسكندرية، وتحديدًا في شارع طيبة، بالعقار رقم "225" يسود حالة من الهدوء والسكينة داخل العقار الذي شهد الواقعة الأغرب في عام 2019، وهي العثور على هياكل عظمية لزوج وزوجته بعد وفاتهما منذ سنوات، وإلقاء نصابين الهياكل على طريق المحمودية للتخلص منهما، والاستيلاء على الشقة.
تعود الواقعة ليوم السبت الماضي، عندما تلقى اللواء سامي غنيم، مدير أمن الإسكندرية، بلاغا من إدارة البحث الجنائي، يفيد بتلقي قسم شرطة محرم بك، بلاغا بالعثور على جثث في حالة تعفن، على الطريق العام، انتقلت قوة أمنية من القسم، وتبين أثناء المعاينة، أن الهياكل العظمية تعود إلى جثتين، وجرى ندب الأدلة الجنائية ورفع البصمات من مكان الواقعة، ونقلت الهياكل إلى مشرحة كوم الدكة للتعرف على البصمة الوراثية للجثث، وتحرر محضر رقم 11085 إداري محرم بك.
وشكل مدير الأمن فريق من البحث الجنائي لكشف ملابسات الواقعة، حيث تبين أن تشكيلا عصابيا تخصص في الاستيلاء على الشقق، زوّر عقد الشقة التي يقيم فيها الضحايا - الهياكل العظمية - بعدما تبين أنهما لم يظهرا في المنطقة لفترة زمنية طويلة، وفي أثناء دخولهم الشقة عثروا عليهما في حالة تحلل، فنقلوا الهيكلين لمكان العثور عليهما، وألقي القبض على المتهمين، وأخطرت النيابة التي باشرت التحقيق.
حارس العقار يكشف كواليس النصب وإلقاء الهياكل العظمية
زارت "الوطن"، العقار الذي يقطن فيه الزوجين "الهياكل العظمية"، وتحديدًا في الدور الثالث حيث تقع الشقة بجوار السلم، التي جرى إغلاقها بقفل، ويظهر عليها ملامح الكسر.
وحاولنا التحدث مع الجيران المجاورين للشقة في نفس الدور السكني إلا أنهم رفضوا الحديث، مؤكدين أنهم لا يعلمون عن الزوجين شئ، وحالتهم النفسية صعبة، ولا يريدون الحديث في هذا الأمر المفزع.
أما عم "مصباح. م"، حارس العقار، حكى لـ"الوطن" كل التفاصيل، حيث قال إنّه يعمل بهذا العقار منذ 4 سنوات تقريباً، وعندما تساءل عن هذه الشقة أكدوا له أن أصحابها غير موجودين فيها، خاصة أنها مغلقة دائما ولا يوجد بها أحد، وأنها لرجل وزوجته، وليس لديهما أبناء.
وأضاف "مصباح"، الذي كان يظهر عليه علامات الغضب: "عمري ما شوفت وشهم خالص في حياتي، وعلى مدار الأربع سنين كنت بطلع الدور وأجمع القمامة وأشوف الجيران ولا حتى شميت ريحة جثث في العقار سبحان الله".
وأوضح أنّ معظم شقق العقار غير مسكونة، وتعود لأصحاب العقار، لذلك توقع أنّ هذه الشقة أيضًا كذلك، وأنّ أصحابها لا يسألون عليها، خاصة أنّ الجميع بالعقار توقع أنّ الزوجين غير موجودين بالشقة أصلاً.
حارس العقار عن زوجي "الهياكل العظمية": عمري ما شوفت وشهم
وأشار إلى أنّه من أبلغ قسم شرطة سيدي جابر، بعد قدوم هؤلاء النصابين إلى الشقة، خاصة أنهم ظهروا فجأة، وأكدوا أنهم ورثة الزوجين، وأنهم جاءوا من أجل فتح الشقة ملكهم، مشيرًا إلى أنّه رفض دخولهم الشقة ومنعهم إلا بعد حضور أوراق الملكية، وما يثبت من المحكمة أنهم ورثة الشقة.
ولفت إلى أنّهم غادروا، ثم حضروا بعد أيام ومعهم محامٍ، وفق ما ادعوه أنّ معهم عقد تمليك وبيع وشراء من أصحاب الشقة لهم، مؤكدًا أنّه أحس أنّ هناك كذب وأمر غير مفهوم، خاصة أنه منذ قدومه لم يأتي إلى الشقة أحد.
وأوضح أنّه تواصل مع مسؤول العقار وبعض السكان من أجل الوقوف معه ضد هؤلاء النصابين إلا أنّهم حضروا معهم العقد، وتعهدوا بإحضار الأوراق كلها من المحكمة، وكسروا الشقة ودخلوها.
وأشار إلى أنهم لم يتواجدوا سوى 10 دقائق داخل الشقة، وفروا مسرعين إلى خارج العقار، وأقفلوا الشقة بقفل من الخارج، مشيرًا إلى أنّ الرعب انتابه وصعد، ولكنه لم يرى شيئاً.
وأكد أنّه بعد أيام قليلة جاءوا مرة أخرى ومعهم شوال، مؤكدين أنهم عادوا لنقل بعض المنقولات من الشقة بسبب تهالكها من أجل تنظيفها من الأثاث القديم.
وأوضح أنّه لم يحس بالاطمئنان ولا بصدق هؤلاء الأشخاص، فأبلغ السكان أنهم سيخلوا مسئوليته، وسيبلغ الشرطة، مشيرا إلى أنهم خرجوا بالشوال ولم يأتوا مرة أخرى.
وأشار إلى أنّ بعد رحيلهم انتظر قدومهم في اليوم الثاني ولكنهم لم يأتوا، فأبلغ قسم الشرطة ليخلوا مسؤوليته وإثبات حالة، خاصة أنه لم يكن يعلم وجود الهياكل العظمية، ولكنه كان يحس أنهم ليسوا ورثة، وأنهم "نصابين" غرضهم الاستيلاء على الشقة.
عم مصباح: الشقة مظلمة ولا يوجد بها طعام.. والأغرب عدم خروج أي رائحة من جثتيهما
وأضاف أنّ قسم الشرطة حضر، وحاول دخول الشقة، وتفاجئوا بوجود بعض الهياكل العظمية في الشقة، وكانت الصدمة، فجرى إبلاغ النيابة العامة، وتفريغ كاميرات المراقبة في العقار، وبعد أيام جرى العثور على أحد الأشخاص منهم، وجاء إلى العقار مع ضباط مباحث من أجل التعرف عليه.
وأكد أنّه تعرف عليه، موضحا أنه كان يأتي مع الأشخاص، وجرى الصعود إلى الشقة حيث تبين أنهم من ألقوا الهياكل العظمية على طريق المحمودية للتخلص منها أثناء حضورهم بأشولة، وعند فتحهم الشقة وجدوا الهياكل العظمية، لذلك نزلوا مسرعين بعد مرور 10 دقائق فقط، لافتا إلى المباحث ألقت القبض عليهم واعترفوا بأنهم من ألقوا الهياكل العظمية.
وروى الحارس أن هناك شيء غريب في هذه الشقة، فعندما دخلها مع الأمن وجد الشقة كأنها مغلقة، محبس الغاز مغلق، والمياه أيضًا، والشبابيك مغلقة بإحكام، وكأنهم مسافرين فعلا كما توقع الجيران، إضافة إلى أنّ الشقة مظلمة ولا يوجد بها أي طعام، وكأن الزوجين على استعداد للسفر، مشيرًا إلى أنه علم من بعض الجيران أنهما كانوا "أصحاب مشاكل" لذلك لم يتعامل معهما أحد من الجيران، والأغرب هو عدم خروج أي رائحة من جثتيهما طوال هذه السنوات أو يزورهما أحد "ولا حتى حد يسأل عنهم".
وكشف حارس العقار أنّ أحد الجيران أكد أنه آخر مرة رأى فيها الزوجين كان في عام 2011 ولم يراهم بعد ذلك، مشيرًا إلى أنهما ماتا قبل مجيئة إلى العقار، أي قبل 4 سنوات، خاصة أنه لم يراهم مرة واحدة ولم يخرجوا وكأن الشقة مهجورة.
فيما أكد "م. ع"، صاحب محل أسفل العقار، أنّ الجميع يتحدث عن الواقعة، ولكن لا أحد يعرف الزوجين ولا يتعامل معهما، لافتا إلى أنّ المنطقة بالرغم أنها من المناطق القديمة إلا أنّ الجيران لا يحدثون مع أحد، ولا توجد الجيرة القديمة فالكل أصبح في حاله.