حلم عودة الإمبراطورية العثمانية.. مطامع تركيا تشعل نيران الأزمة الليبية
الجيش التركي
أصدر المجلس المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية دراسة حول الوضع في ليبيا، وطبيعة التحركات التركية في المنطقة، بعدما وافق البرلمان التركي على إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا، ومن قبلها الاتفاق السري الذي وقعه أردوغان وفائز السراج، لشرح أسباب التحركات التركية ونتائجها المتوقعة وتداعياتها على المنطقة.
اتفاقيات "أردوغان والسراج".. لتقويض استقرار شرق المتوسط
تستثمر حكومة الوفاق الوطني حالة التداخل والتباين بين المجتمع الدولي حول الصراع الليبي، والاعتراف الأممي الذي نالته بعد اتفاق الصخيرات بالعام 2015، لتمارس مهام السيادة والسلطة على الأراضي الليبية بما يحقق استمراريتها وبقاءها، متجاهلة تداعيات تلك الممارسات على سلامة ومصالح الدولة الوطنية الليبية الموحدة.
كان هناك عدة دوافع وراء توقيع الاتفاقية بين الجانبين من بينها مناوءة منتدى غاز شرق المتوسط حيث ترى تركيا أن الفرصة سانحة لإضفاء شرعية على تحركاتها المشبوهة شرق المتوسط، حيث ستتجه للتنقيب عن الغاز - بالمخالفة لقواعد القانون الدولي- وخصوًصا بمنطقة النزاع مع قبرص.
وسيعزز من تحركاتها استنادها إلى الاتفاقية الحالية والتي تعترف بمقابلة المياه الاقتصادية التركية للمياه الاقتصادية الليبية، الأمر الذي ينتقص من حقوق قبرص اليونانية المنضمة إلى تجمع دول منتدى غاز شرق المتوسط، بالإضافة إلى فرض الإرادة على حكومة الوفاق المتراجعة، وإشعال الصراع واستنزاف الموارد الليبية، وتوفير الدعم للميليشيات المسيطرة على العاصمة، ويرتبط هذا الهدف بشكل رئيس بحكومة الوفاق التي تقع دولتها المحصورة في 2% من ليبيا، وهي أي أيضا خارجة عن سيطرتها وقابعة تحت يد مجموعات مسلحة لا يوجد لدى الوفاق حيلة للتعاطي معها سوى تقديم الدعم لها؛ لضمان وجودها بصدارة المشهد.
مواقف الأطراف الليبية من اتفاقيات الوفاق وتركيا
تباينت ردود الفعل الليبية فيما يخض الاتفاقية، سواء داخل البرلمان الليبي أو المؤسسات المختلفة، فيما جاءت مواقف وزراء الوفاق ُمدافعًة عنها كونها تحقق أهداًفا استراتيجية للدولة الليبية.
وأدانت لجنة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي بمجلس النواب التوقيع على مذكرتي التفاهم، واعتبرتها تهديدًا حقيقيا وانتهاكا صارخا للأمن والسيادة الليبية واعتداء كامل على صلاحيات مجلس النواب المنتخب.
كذلك رفضت الحكومة الليبية المؤقتة اتفاقيات المجلس الرئاسي وتركيا، واعتبرتها بـ"غير دستورية"؛ كونها مبرمة من جانب كيان ليس له صفة رسمية كونها بموجب أحكام القانون والمحاكم الليبية، كذلك ضرورة مصادقة مجلس النواب المنتخب على هذا النوع من الاتفاقيات قبيل إقرارها إذا كانت لدى "الوفاق" شرعية.
الجسر الجوي التركي لنقل المرتزقة إلى طرابلس
بدأت مساء أمس عمليات النقل الجوي والبحري، من المناطق الحدودية بين سوريا وتركيا باتجاه العاصمة الليبية، لعناصر مسلحة تركمانية الأصل، قاتلت في السنوات الماضية في صفوف عدة تنظيمات إرهابية قاتلت الجيش السوري خلال هذه الفترة، ومولتها وسلحتها الحكومة التركية.
حسب المعلومات المتوفرة فإن الجزء الأهم والأكبر من العناصر التي تم ويتم نقلها حاليًا، ينتمي إلى فرقة "السلطان مراد"، وفصيل "سليمان شاه" المسلحين الموالين لتركيا، واللذين قاما بعدد كبير من الانتهاكات في المناطق التي تسيطر عليها تركيا في الشمال والشمال الشرقي السوري وعلى رأسها مدينة عفرين. تتواجد أيضا ضمن هذه المجموعات الجاري نقلها الى ليبيا، عناصر تتبع لفصائل مسلحة سورية أخرى، تم تجنيدها عبر مكاتب تم تخصيصها لاستقبالهم في مدينة عفرين، وينتمي هؤلاء إلى فصائل مثل فرقة الحمزة والجبهة الشامية ولواء المعتصم.
الخيارات العسكرية التركية في ليبيا
اتخذت كل دول شرقي المتوسط، وتحديدًا كل من مصر واليونان وقبرص وإيطاليا، وحتى إسرائيل، سلسلة من التدابير الأمنية والعسكرية استعدادا لما يمكن أنُ يقدم عليه النظام التركي الحاكم في ما يتعلق بالملف الليبي.
فبعد أن أقر البرلمان التركي بأغلبية 269 نائبا موافقا، مقابل 125 نائبا غير موافق (نصي مذكرتي التفاهم المتعلقتين بترسيم الحدود البحرية، والدفاع والأمن، واللتين تم توقيعهما بين الحكومة التركية وحكومة الوفاق في طرابلس، أصبحت كل الأطراف في المنطقة وعلى رأسها حكومة طرابلس، في انتظار على أحر من الجمر لما يمكن أن تقدمه تركيا في هذه المرحلة لحكومة السراج على المستوى العسكري، في ظل تراجع مستمر لقوات السراج في محاور جنوبي طرابلس المختلفة.
حسب نص المادة الرابعة من مذكرة التفاهم الأمنية والعسكرية بين الحكومة التركية وحكومة طرابلس، فإن بنود التعاون العسكري بين الجانبين تتلخص في إنشاء قوة انتشار سريع، تنضوي تحت قيادة رئاسة الأركان التابعة لحكومة طرابلس. هذا النص في مجمله ال يعني أن هذه القوة ستكون مشتركة بين الجانبين، بل أن الدور التركي في تشكيل هذه القوة، حسب ما جاء تاليًا في هذه المادة، هو الدعم التدريبي والتسليحي والتخطيطي والاستشارية، بجانب نقل الجانب التركي لخبراته التي اكتسبها من عملياته شمال سوريا، والتي من خلالها قام بتشكيل فصائل مسلحة عديدة من بقايا المجموعات الإرهابية والتكفيرية التي كانت تعمل في المناطق الجنوبية والشرقية لسوريا.
بقية بنود هذه المادة تتعلق بعمليات تبادل المعلومات الاستخباراتية، والتدريب وتوفير المعلومات التقنية، وعمليات الدعم الفني واللوجيستي، والتأهيل والصيانة، سواء كانت الخاصة بالمباني ومؤسسات التدريب، او الخاصة بالمعدات والآليات والمنظومات القتالية. بجانب ذكر هامشي لبنود أخرى ربما ال يكون لها في المرحلة الحالية دور، مثل التعليم الأمني والعسكري، والمناورات المشتركة، والتعاون في مجال الصناعات الدفاعية، وعمليات حفظ السالم ومكافحة القرصنة، والمساعدة التركية في إعادة تأهيل وبناء جهاز الشرطة التابعة لحكومة الوفاق.