هل تعلم عزيزى الفارق بين أن أكون مؤيداً لرئيس دولتى، وأن أكون وطنياً؟ أعتقد أنك لا تعلم، لأنك ببساطة تربيت على معايير مشوّهة للوطنية، إما أن جماعتك لا تعرفها لأنها أيضاً ببساطة جعلت الوطن جماعة، والجماعة وطناً، أذكرك حينما قالوا لك: المرء قليل بنفسه كثير بإخوانه، أنت لا تعلم أيضاً لأنك عندما عارضت لم تميّز أبداً بين أن تعارض نظاماً يحكم، وأن تلقى بمصلحة وطنك خلف ظهرك أو تحت قدميك.
اليوم يقف الأتراك على حدود ودوائر دولتنا وقفة المستعمرين الغزاة، ابتلعوا قطر بقواعدهم العسكرية ومشايخ فقدوا صوابهم وتملصوا لبنى جلدتهم وعروبتهم، هم أيضاً من دخلوا شمال سوريا فحرقوا الأخضر واليابس، وأهلكوا الحرث والنسل، هم من تجاوزوا على سيادة العراق؟ هم أيضاً من فتحوا خطوط الإمداد بلا توقف لميليشيات قتلت ودمرت وشردت وخربت واستباحت الليبيين ودماءهم ومالهم ونساءهم وأعراضهم.
هل تعلم ماذا يقول «أردوغان» لشعبه مع كل خطوة من تلك أنت تؤيدها؟ أقول لك: «حماية الأمن القومى التركى، لن نقف مكتوفى الأيدى»، هذا ما قاله ويقوله وسيقوله «أردوغان» مع كل تحرك أنت دعمته، لمجرد كراهيتك لنظام يحكم مصر، أو لمجرد انتماء لجماعة، أو لأجل وهم نضالى.
لا عليك، ودعك من هذا، فليفعل الأتراك ما شاءوا، ما لنا نحن وما لليبيين والسوريين والعراقيين؟، لكن دعنى أسألك: ألا تعلم يا عزيزى أن هذا يمس أمنك القومى، أمن وطنك؟ ألا تعلم أن هذا الوجود التركى يشكل خطراً على دولتك ومستقبلها؟!، أعلم أنك قد ترانى أبالغ، لكن هل كان هناك سورى قبل سنوات قليلة يتوقع أن تحتل تركيا دولته؟ ما كان أحد يتوقع، لكن هذا ما حدث فى فترة سقوط وانهيار للدولة السورية كان التركى شريكاً فيه، أى أن مصر -ويحمينا الله من ذلك- لو كانت سقطت مثل سوريا أو ليبيا، لكانت قوات العثمانى الجديد قاب قوسين أو أدنى من أرض وطنك، ليس مستبعداً فى أعمار الدول حتى لو كان بعد عقود، كيف كان سيكون رد فعلهم وقتها؟
لماذا تدعم «أردوغان» التركى، وهو يقول إنه يدافع عن أمن دولته القومى ولا تحرك ساكناً حين يتعلق الأمر بوطنك؟ وليتك حتى لم تحرك ساكناً، بل هاجمت وسببت ولعنت، أليس هذا أيضاً أمناً قومياً؟ أليس من حقنا أن ندافع عن أمننا القومى مثلما يفعل «رجب»؟.
أعتذر منك، فأسئلتى كانت كثيرة، وأعلم أنها تثير الضيق لديك، لأنك لن تجد لها إجابة تُرضى عقلك وضميرك، لكنى سأجيبك مرة أخرى، هذا هو الفارق بينى وبينك، ببساطة: «مش قصة مؤيد للسيسى»، إنها قصة وطن ومواطن يحب وطنه ويعرف قيمة كل ذرة تراب فيه، قد أختلف مع النظام الذى يحكم، لكننى لا أختلف أبداً معه حين يتعلق الأمر بالأمن القومى لوطنى ومصلحة وطنى، هذا هو الفارق يا عزيزى باختصار.. وللحديث بقية.